الأحد 2016/06/12

آخر تحديث: 15:16 (بيروت)

"بلا غمد": التجنيد في قوات بشار

الأحد 2016/06/12
"بلا غمد": التجنيد في قوات بشار
ينظر المسلسل بتمييز للشعب السوري.. والموطنة فيه تقتصر على الموالين
increase حجم الخط decrease
يتجاوز مسلسل "بلا غمد" تصنيف الدراما البوليسية ومسلسلات الأكشن، ويقدم نفسه كـ "دراما حربية" خالصة، ليصبح العمل الأكثر تسييساً في الموسم الرمضاني الجديد، وذلك بتركيزه على حياة الجنود في الجيش السوري، سواء في تفاصيلهم اليومية أو في المعارك التي يخوضونها وحتى في علاقاتهم العاطفية والعائلية مع أسرهم البعيدة. 

تسييس العمل ينطلق بشكل أساسي من رؤيته للواقع السوري بعين واحدة على طريقة الإعلام السوري الرسمي في امتلاك الحقيقة. لكن ذلك يغدو طبيعياً عندما نلاحظ أن الجهة المنتجة للعمل هي المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني، رغم أن المؤسسة قدمت في الأعوام الماضية إنتاجات جيدة نسبياً تحافظ على مستوى فني محترم من دون إسفاف أو مباشرة، أبرزها مسلسل "حرائر" العام الماضي.

في كثير من اللقطات، يشعر المشاهد بأن العمل ينفصل عن سياقه لتقديم إعلانات مدفوعة لجيش النظام والأجهزة الأمنية في البلاد، عبر مشاهد مكرسة لاستعراضات الجنود وهم يتدربون بحماسة أو يمارسون أنشطتهم اليومية، مع خلفية موسيقية وطنية. لتمثل تلك التوليفة التسويقية، قمة المهزلة الفنية في مسلسل درامي يفترض أنه يخاطب الجمهور بالحد الأدنى من الاحترام واللياقة على الأقل.

وهنا يحرص المسلسل على تقديم الجنود في حواراتهم بين بعضهم وهم يتأففون من العمل البسيط على الحواجز، ويبدون تعطشهم لقتال العدو على الجبهات، وسعادتهم بحماية البلاد، وغيرها من الجمل المكررة، وهو أسلوب درامي لتشجيع مواطني الداخل على الانخراط في القتال ضمن أي فئة من الجيش أو الدفاع الوطني أو الميليشيات الرديفة، بموازاة إعلانات طرقية ورسائل نصية وتلفزيونية يبثها النظام طوال الوقت. ويكتسب هذا الأسلوب خطورته من كونه يقدم حياة الجنود بشكل مثالي مقارنة بحالة المسلحين على الطرف الآخر.

تدور القصة حول عمليات استخباراتية وعسكرية للجيش السوري بهدف كشف مجموعة من "العمليات الإرهابية"، وإحباط محاولة اغتيال لمسؤول سوري رفيع المستوى، مع خط درامي جانبي باهت يرصد تحولات الحياة الاجتماعية في ظل الحرب.

ينظر المسلسل بتمييز للشعب السوري. فالموالون هم فقط المواطنون، ويتم توجيه الشتائم ودعوات السوء للمعارضين من حين إلى آخر، من مبدأ أنهم المسؤولون عما وصلت إليه الحال في البلاد. والطريف هنا أن الأحداث تدور عام 2012، أي في وقت كانت فيه الثورة السورية في بداياتها  قبل الأسلمة والعسكرة، وقبل خروج الأمور عن السيطرة وتحول المشهد إلى حرب أهلية مدمرة.

النقطة المشرقة الوحيدة في العمل، هي الأداء الذي تقدمه النجمة ديمة قندلفت في شخصية خولة زوجة الشيخ أبو سعيد، إذ تلعب دور الضحية بشكل مميز، مقدمة حالة نفسية مجردة في صراعها الإنساني مع العجرفة الذكورية – الإسلامية، بموازاة مشاهدها المؤثرة مع ابنتها التي تموت شيئاً فشيئاً أمام عينيها بسبب المرض، ولا تستطيع تقديم المساعدة لها لانشغال زوجها بواجبات جهادية!، إضافة لأداء الممثلة روعة ياسين في شخصية حسنا فتاة الليل وراقصة الملاهي الليلية، التي تمتلك حياة أسرية جانبية تسعى لحمايتها مادياً.

جميع الشخصيات في المسلسل نمطية، بحدود فاصلة وواضحة بين الأبيض والأسود وبين الخير والشر. والمشكلة أن ذلك التصنيف يخضع لقاعدة الانتماء السياسي فقط، فيظهر جنود النظام بصورة واحدة تجمع بين الأخلاق الرفيعة وطيبة القلب والحب والشهامة والنخوة، ومن خلفهم عائلات ونساء وأمهات يبكين طوال الوقت خلال المكالمات الهاتفية.. بينما ترسم الشخصيات المعارضة كنموذج للشر المطلق، فنراهم يهملون العائلة ويحيطون أنفسهم بالمومسات ويشربون الكحول ويتحدثون عن الدين باستهزاء في ما بينهم، وكلها خطوط حمراء مجتمعية لدى الجمهور المحافظ.

الشخصيتان الأساسيتان في العمل هما الضابط مجد الوطني الشريف المحب لجنوده واللطيف في إعطاء الأوامر لهم، والمتحدث بحماسة ومباشرة مسرحية عن "حماية البلد"، ويجسده الممثل محمد الأحمد من دون تجديد، بعدما قدم في السنوات السابقة شخصية رجل الأمن والجيش أكثر من مرة (عناية مشددة، امرأة من رماد، ..).

والشيخ أبو سعيد الذي يبدو متطرفاً في كل شيء، بداية من دوافعه للانتقام من الدولة التي سجنته إلى تكراره للآيات القرآنية بشكل مجتزأ ومعاملته زوجته وبناته بلا إحساس بالمسؤولية، وحتى في برودة أداء الفنان وائل رمضان للشخصية من دون أي قيمة إضافية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها