الأربعاء 2015/08/26

آخر تحديث: 19:11 (بيروت)

الإعلام السوري يغطي الحدث اللبناني.. ليهاجم السعودية

الأربعاء 2015/08/26
الإعلام السوري يغطي الحدث اللبناني.. ليهاجم السعودية
مراسل الاخبارية السورية في بيروت
increase حجم الخط decrease

ترك الإعلام السوري جبهاته الداخلية الساخنة سياسياً وميدانياً، وانشغل طوال الأيام الماضية بتغطية مكثفة منقطعة النظير للأحداث في لبنان، على خلفية تظاهرات "طلعت ريحتكم" الأخيرة، لمهمة واحدة، هي إلصاق كل هموم المجتمع اللبناني بالنظام السعودي المعادي للنظام السوري.

برنامج "تغطية خاصة" على شاشة "الإخبارية السورية" خصص نصف حلقة 25 آب الحالي للوضع اللبناني المتأزم رغم تخصص البرنامج في الشأن السوري عادة، للحديث أكثر عن "التحركات الشعبية المطلبية" تحت عنوان "أزمة تنتظر الحلول وخيارات التصعيد قائمة".

ضيوف البرنامج دعوا للتوصل إلى تسويات عادلة وإيجاد طرق جديدة للتظاهر أو التعبير عن "مطالب الناس" بعيداً عن الشارع "الخطر". مطالب محقة للوصول إلى إصلاحات سياسية تنهش الجسد اللبناني كما تصفها مذيعة البرنامج رانيا عثمان.

يهاجم البرنامج الفساد الحكومي والسياسي ويدعو لإصلاحات سياسية جدية في بنية النظام السياسي اللبناني القائم على محاصصات طائفية، والذي "تتجلى مظاهره في الحياة اليومية بالانهيار الاقتصادي والفقر في حياة اللبنانيين". فكان لافتاً مهاجمة البرنامج لطرف سياسي لبناني على حساب آخر، أي "الأطراف السياسية في 14 آذار والمقربة من السعودية تحديداً" دون الحديث عن دور "الحلفاء" في 8 آذار على سبيل المثال وعلاقاتهم المماثلة بإيران.

تغطية الإعلام السوري الرسمي لما يجري في لبنان، يشابه تغطياته السابقة لما حدث في مصر وتونس واليمن في بدايات الربيع العربي، قبل أن تنقلب لهجته عليها عندما بدأت الثورة في سوريا. ثمة ازدواجية حقيقية يعاني منها خطاب النظام الإعلامي على هذا المستوى، تنسحب من الماضي قبل آذار 2011 نحو الحاضر المتأزم في بيروت، ليبدو الخطاب ككل مهزوزاً وركيكاً، ذلك ان فاقد الشيء لا يعطيه.. ومن هنا لا يمكن للإعلام السوري الرسمي الحديث عن حقوق الإنسان والمطالب الشعبية بأريحية تامة.

تحاول الإخبارية استدارك الموقف، وتشير إلى أن "التحركات الشعبية" في بيروت ليست بالوعي الكافي، وتحاول تقديم خلاصة التجربة السورية في نصائح للأشقاء اللبنانيين، وهي قمة المهزلة الإعلامية – السياسية. حتى أن المذيعة ترى في "الحراك الشعبي" فوضى غير منظمة حتى على مستوى المطالب الطوباوية غير الواضحة، رغم دعمها التام له.

ربما يكون لكلمة "مندسين" وقع خاص على آذان السوريين تحديداً. فهي الكلمة التي استخدمها النظام في 2011 لوصف المتظاهرين حينها، ومن اللافت عدم إجراء أي مقاربة بين المندسين السوريين ونظرائهم اللبنانيين، لأن أي مقارنة ستؤدي بالنظام للاعتراف المبطن بسلمية الثورة السورية قبل خمسة أعوام، وهو ما تتحاشاه الإخبارية ببراعة.

الحلقة ليست الوحيدة التي خصصها البرنامج للحديث عن أخبار الجار اللبناني الساخنة، بل قدم حلقتين كاملتين عن لبنان الأولى من تقديم رانيا الذنون والثانية من تقديم حسين فياض، وتدوران في الإطار نفسه . كما شهدت نشرات الأخبار كثافة في التقارير من ساحتي الشهداء ورياض الصلح وسط بيروت.

إسقاط النظام وإنشاء ميدان تحرير جديد على غرار الساحات العربية، هو ما يتحدث عنه بحماس شديد مراسل "الإخبارية" في بيروت خليل الحاج علي، في تقريره المطول من ساحة الشهداء، مع التأكيد على الوقوف إلى جانب الجيش اللبناني الذي يحارب الإرهاب المتمثل بتنظيمي "النصرة" و"داعش" اللذين يزعم ان تيار المستقبل يدعمهما، كما يظهر بشكل صريح في تقرير لاحق.

من اللافت اعتماد الإعلام السوري على مراسليه، معتمداً على المبالغة كأسلوب مهم يظهر في تغطية الإخبارية السورية للحدث، من ناحية تهويل عدد الإصابات وكمية العنف المستخدمة من قبل الأمن اللبناني، وهي نقطة متعمدة لسبب يظهر في خلاصات التقارير النهائية: فالعنف يأمر به فقط وزير الداخلية اللبنانية نهاد المشنوق، وهذا الأخير عضو في تيار المستقبل الذي أوصل النظام السياسي اللبناني الطائفي إلى الانهيار بسبب تبعيته المطلقة للنظام السعودي المعادي للشعوب، ولتتعزز الرؤية السياسية الغريبة التي تعتمدها الإخبارية عموماً بعيداً عن الموضوعية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها