الإثنين 2015/08/24

آخر تحديث: 18:01 (بيروت)

محمود بيطار: توقفوا عن جعل الحمقى مشهورين!

الإثنين 2015/08/24
محمود بيطار: توقفوا عن جعل الحمقى مشهورين!
increase حجم الخط decrease
إستطاع نجم السوشيال ميديا السوري محمود بيطار أن يجذب اهتمام الإعلام العالمي وتحقيق المزيد من الشهرة. لم تكن المهمة صعبة كثيراً، كان عليه فقط أن ينصح السوريين بالبقاء في بيوتهم أو ما تبقى من أنقاضها، وألا يفكروا باللجوء إلى السويد، على عكسه تماماً.

وعانى بيطار من مجموعة تنقلات متتالية بين عدة بلدان إثر خروجه من سوريا (تركيا، مصر، اليونان) قبل استقراره في السويد قبل أشهر، ويبدو أن أفكاره المسبقة عن أوروبا هي الدافع الأول لإنتاج فيديوهات صادمة وفجة، وهو ما يؤكده الفيديو الأخير الذي نشره كتوضيح بعد الجدل العالمي الذي أثاره.

ظهر بيطار عبر "بي بي سي"، وقبلها أطل عبر "سكاي نيوز" وغيرها من المحطات الإخبارية الإقليمية، مقدماً نفسه على أنه يقوم بتوثيق حياته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومحدثاً عن الجدل حول طبيعة استخدامه للسوشيال ميديا فيما يسميه "كوميديا" أو "تدويناً ساخراً".

بيطار هو مجرد نتيجة أخرى تدفعها البشرية كضريبة للتطور التكنولوجي، حيث سمحت مواقع التواصل الاجتماعي للأفراد بالظهور والبروز وتحقيق الشهرة، حتى لو لم تكن لديهم أي مقومات حقيقية لذلك. يكفي أن تكون ثقيل الظل وأن تبتكر مفرداتك الخاصة التي تكررها ثم تتحدث عبر فيديوهات "شخصانية" عن أسخف تفاصيل الحياة اليومية، وستحظى بأكبر عدد من المعجبين والمتابعين، والكارهين الذين يمثلون أكبر عنصر في الانتشار عبر السوشيال ميديا.

يقول بيطار في لقائه مع "بي بي سي" والذي أثار ضجة عالمية، أنه أتى إلى السويد بسبب طبيعة المعاملة الحسنة من الحكومة والشعب مع اللاجئين من ناحية السكن والعمل وغير ذلك، لكنه في ذات الوقت يدعو السوريين للتخلي عن فكرة اللجوء إلى السويد التي استقبلت اللاجئين من سوريا أكثر من أي بلد أوروبي آخر.

يحاول بيطار تقديم السخرية من الظروف الصعبة لحياة اللاجئين في أوروبا والتي قد لا تكون سهلة ووردية بقدر ما يتخيلها الإنسان، ويحاول في مقاطعه المصورة التركيز على الفروقات الحضارية والثقافية بين سوريا المشرقية والسويد الغربية. لكن ثقل الظل وبلادة الأفكار تجعل من متابعته تعذيباً حقيقياً.

وعليه، يسعى بيطار عبر نشاطه الكثيف في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تفنيد ما يعتبره اساطير حول رغد العيش في السويد كبلد للمهجر. فلا بيوت فاخرة ولا نقود تقطف من الأشجار ولا فتيات جميلات ولا عمل برواتب مغرية، بل كثير من البؤس والانتظار وعمل اللاشيء، حتى أنه لا توجد شمس في السماء أو آلات للغسيل في المنازل. ومع كل هذه التفاصيل والتذمر و"النق الافتراضي"، يناقض بيطار نفسه عندما يعرض تفاصيله اليومية وهو يقضي أوقاتاً ممتعة في مدن السويد، والتي يبدو فيها سائحاً مترفاً أكثر من كونه لاجئاً تعيس الحظ.

كثيرون يهاجمون بيطار بسبب ابتعاده عن تصوير معاناة اللاجئين بطريقة محترمة، وكثيرون يعيبون عليه طريقة تسلقه للثورة السورية والمعاناة السورية طوال السنوات الماضية نحو حياة أفضل، فيما يكره آخرون السماجة التي يقدمها عبر الكوميديا دون أي إحساس بالذنب. لكن المشكلة الأكبر هي ضحالة كل ما يقوم بتقديمه للجمهور العام، وعدم وجود أفكار أساساً في كم الثرثرة التي يحرص على تقديمها بكثافة.

في السياق، يحظى بيطار بمتابعة واسعة وهو ليس غريباً في عالم السوشيال ميديا، فصفحته الشخصية في فايسبوك يتابعها أكثر من 270 ألف شخص بينما نجد في بروفايله الخاص أكثر من 100 ألف متابع آخرين، إضافة لما يقارب 3 مليون في قناته عبر يوتيوب.

المشكلة الأساسية في بيطار، هي العلنية والنشر على أكبر مستوى ومحاولة اصطياد الجمهور العام وتحصيل الشهرة بأي وسيلة، وبالتالي لا تغدو المسألة أكثر من تشويش آخر حول طبيعة استخدام السوشيال ميديا بين العام والخاص، وبين ما ينبغي نشره ومتابعته وما ينبغي تجاهله، وعليه ليس مستغرباً أبداً أن يرفع كثيرون من السوريين هذه الأيام شعار "توقفوا عن جعل الحمقى مشهورين".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها