الأربعاء 2014/07/16

آخر تحديث: 15:19 (بيروت)

حرب "حماس" النفسية.. هل تفيد؟

الأربعاء 2014/07/16
حرب "حماس" النفسية.. هل تفيد؟
increase حجم الخط decrease

لا يٌقرأ الفيديو التحذيري لجنود الاحتلال والذي بثته حركة "حماس"، إلا جرعة إستباقية للردع على التوغل في غزة، رغم تضاربها مع حسابات الغزاويين. ضمّنته أبعاداً نفسية، كُتِبَت باللغة العبرية، تحاكي المخاوف من عنصر المفاجأة، ولا تجيب عن أسئلة الواقع. أسئلة تطرحها بيئة "كتائب عز الدين القسام"، ولا تشير الى أي إنجازات فعلية تطمئن، أو تردع إسرائيل عن ممارسة القتل الوحشي.

والفيديو، يأتي إستكمالاً لسياقات البروباغندا العسكرية التي كثفتها "حماس" في الحرب الدائرة في غزة. تدخل الحرب الإسرائيلية على غزة، يومها الثامن، مع تردد في الذهاب نحو هدنة لوقف إطلاق النار من قبل الطرفين. "حماس"، التنظيم الأوسع نفوذاً في القطاع، أظهر تطوراً سلاحياً نوعياً من حيث مدى الصواريخ الذي طاول حيفا وتل أبيب للمرة الأولى، إضافة إلى تجربة الطائرات من دون طيار محلية الصنع
. ترافق هذا التطور مع حملة إعلامية ترويجية للحركة التي غابت هي وصواريخها وأهازيجها عن المشهد العربي في الأعوام الماضية. المضمون الديني للحملة، تصدر المشهد. "العصف المأكول"، هو الاسم الذي ردّت به "حماس" على الحملة الإسرائيلية "الجرف الصامد". تلك العنونة القرآنية للحرب، تظّهر المستوى الخطابي العالي الذي تواجه به "حماس" إسرائيل في كل حرب. رسالة إلى جنود الاحتلال الذين سيصبحون كفتات التبن والورق بين أيدي مقاتلي "حماس" وشركائها.



ومع استمرار الحرب التي تحمل التصعيد بقدر ما تحمل من التسوية، يهدد الإسرائيليون بحملة برية تستهدف قطاع غزة. فترد كتائب القسام بأنها جاهزة للمواجهة. أبعد من ذلك، الكتائب تنصح الجنود الإسرائيلين بعدم الوقوع ضحية القناص القسّامي، مستخدمة لغتهم من خلال الفيديو كليب المنتشر في "يوتيوب" ومواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين
.

القناصون القسّاميون مموهون بالحشائش واللون الأخضر. يتربصون بالعدو الذي يتمشى أمام مناظيرهم. ضربة الزناد القسامية لا تخطئ الهدف. قليل من الأحمر الفوتوشوبي قرب رأس الجندي الإسرائيلي المصاب مقتلاً برصاصة، سيزيد المشهد تأثيراً. صوت صارمٌ بالعبرية يقول لجنود العدو الذين يتابعون الكليب: "الجندي الصهيوني لا تتحرك، أنت في غزة، أنت في مرمى قناصي حماس
".

يترافق هذا الفيديو الترهيبي والتحذيري مع عدد من المقاطع المصورة الجديدة للمكتب الإعلامي لكتائب القسام في "يوتيوب". المقاطع تتضمن أغاني جديدة ترصد عمليات "العصف المأكول"، كإطلاق الصواريخ والإستعراضات العسكرية الحمساوية من فرق المناورة والغطس في البحر. وباستثناء الرسائل بالعبرية في شكل كليب، لا يبدو المضمون البصري والسمعي لـ"حماس" مختلفاً عن السابق أو حتى عن أسلوب حزب الله
. إلّا أن هذا المضمون يختلف في سياقه عن حرب العام 2009. إذ تتجه أنظار العالم اليوم إلى التطورات في سوريا بوصفها الأكثر تأثيراً في المحيط، إضافة إلى أن الفضاء الافتراضي كان قد امتلأ، خلال الفترة الماضية، بملايين المقاطع المُغنّاة المصورة تروّج لجماعات مقاتلة متنوعة الانتماءات. وإن كانت حركة المقاومة الإسلامية قد تفرّدت في 2009 بقتال إسرائيل، ما أعطاها زخماً شعيباً وتأييداً إقليمياً، فإنها بعد أربع سنوات، متورّطة في حسابات ما بعد "الربيع العربي". حسابات إقليمية جديدة ووظائفية، ليست اسرائيل جزءاً منها

ينسحب ذلك على ردّ فعل الشارع الغزاوي، والذي يمكن رصده عبر وسائل التواصل الاجتماعي. المزاج العام لا يرحب كثيراً بالحرب ويميل إلى التهدئة، مضافاً إلى ما ذكرناه سابقاً وما يترتب عليه من انحراف أنظار المتابعين عن القضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل. تخلص صواريخ "حماس"، ودعائياتها الترويجية، إلى أن تكون ضمن الحسابات الضيقة للحركة وحلفائها، لا ضمن حسابات الغزاويين وهمومهم، إذ لا تزال النتيجة أكثر من 180 قتيل فلسطيني في مقابل قتيل إسرائيلي واحد
.

increase حجم الخط decrease