الخميس 2014/02/13

آخر تحديث: 00:06 (بيروت)

جوال فلسطين: إعلان الحلم.. من خارج الأراضي

الخميس 2014/02/13
جوال فلسطين: إعلان الحلم.. من خارج الأراضي
من كليب "كل يوم جديد"
increase حجم الخط decrease
  كانت شركة" جوال" ولا تزال من أهم دعائم مشروع الدولة الفلسطينيّة الذي انطلق مترنحًا بعد توقيع اتفاقية أوسلو في تسعينيات القرن الماضي. الشركة التي حصلت على ترخيصها من السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة العام 1996، وانطلقت تجاريًا العام 1999، يربو عدد مشتركيها اليوم على المليونين ونصف المليون مستخدم، ما يجعلها أكبر مشغّل لخدمة الهواتف النقّالة في الأراضي الفلسطينيّة. 
 
تجيد الشركة جرّ السياسة الى حيّز الكسب المادي، تتميّز باستراتيجيّة دعائيّة متقدمة، كما وتتقن فنّ الاشتباك غير الخطر، وغير الجدّي، مع واقع فلسطين واحتلالها المقيم. المكالمة الأولى في تاريخ الشبكة أجراها رئيس السلطة الفلسطينيّة الراحل ياسر عرفات في مشهد نفعيّ لن يتغير عبر السنين مع تغير هويّة سيد المقاطعة وهواها. 
 
بعد خمسة عشر عامًا عقدت فيها الشركة اتفاقيّات مع أكثر من ثلاثمئة مشغل للهواتف النقّالة حول العالم، وتجذّرت في المجتمع الفلسطيني المهشّم، لا يبدو أنّ "جوال" تعبت من سيرها نحو المزيد من الكسب والصبغ العاديّ لواقعها التشغيلي والخدماتي؛ إذ أعلن عمار العكر، الرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات الفلسطينية، في مؤتمر صحافي عقد الاثنين في رام الله، إطلاق إنتاج فنّي يروّج لشعارها الجديد بعد "لا للمستحيل". الشعار، في ما قدّمه العكر على أنه تعبير عن أحلام الشباب الفلسطيني في المدينة والقرية والمخيّم، هو: كل يوم جديد. 
 
مدّة الإنتاج الفنّي دقيقتان، يظهر خلالهما ستّة فنانين فلسطينيين هم عمار حسن، مهند خلف، ليان بزلميط، هيثم الشوملي، مراد السويطي، ومحمد الديري، أمّا محمد عساف فتعذّرت مشاركته لأسباب لها علاقة بالقناة الراعية له. وعلى عكس السّائد في إعلانات "جوّال" السابقة، لم يجر التصوير في الأردن، بل في مواقع محددة في لبنان جرى اختيارها، على ما يبدو، لتتماثل مع جغرافيا الضفّة الغربيّة ومزاج أهلها العام. المستحيل الذي قالت له "جوال": "لا" صريحة، والجديد الذي تعد به مستخدميها، لا يبدو أنّه سيتضمن، أقلّه في المستقبل القريب، إعلانًا مصورًا داخل الأراضي الفلسطينيّة. 
 
يتميّز اللحن الموسيقي بكمية وافرة من اللطافة التي جرت مطابقتها مع الصورة والنص المغنّى. يبدأ الإعلان بمشهد شاب يتناول طعام الإفطار من يد أمّه قبل أن يذهب إلى وجهته على دراجة ناريّة لجاره. تتوالى الاشتغالات البصرية بشاب آخر يسافر عبر باص النقل العام، وآخر يتمشّى بدعة في منطقة يُراد لها أن تماثل قرى رام الله ونابلس، وآخر يجلس هانئاً في شاحنة نقل حمضيات. ينتهي الإعلان بمسرح متطور جامع للفنانين المشاركين في العمل حيث تؤدي ليان بزلميط دورها في النص المغنّى "يا مسافر بكرة سنين رح يعطولك؛ كل يوم جديد". 
 
تنجح الكلمات التي يتناوب الفنانون على غنائها في الإلمام بكافّة أركان الكليشيه. الأمّ الحنون، الفرصة السّانحة، جبهة الختيار، والحلم الذي مهما هرب وابتعد فلا بدّ من الإمساك به وإخضاعه. وفي النهاية: القلب "العابد، المتوضئ، العاشق" الذي لا بدّ سيصنع من فلسطين، عبر بوابة شركة "جوال"، بلدًا جديدًا مفعماً بالحب والأغاني. 
 
معن ملحم، المدير العام لـ"جوّال"، قال إنّ الإعلان يجيء "تماشيًا مع التطور في شركة جوال والعلامة التجارية التي تم إطلاقها في الفترة الماضية". كما وأضاف أنّ هذا العمل يهدف لإبراز قصص نجاح مجموعة من الشباب في مختلف محافظات الوطن. هذه الإيجابيّة المجوّفة ليست حكرًا على جوال؛ الحال ينطبق على معظم الشركات الكبرى العاملة في السياق الفلسطيني والتي تبدو، في كثير من المواضع، نسخًا كربونية من مثيلاتها الأردنيّة. 
 
في المحصّلة؛ يقف جديد شركة "جوال" كإصدار محسّن من نتاجات سابقة. يقدّم لنا نفسه مع مؤثرات صوتيّة أجود، إضاءة أفضل، المزيد من الزيت والزيتون، وإحالة على "كافة محافظات الوطن". يبتعد، لخصوصيّته وكرم الإنفاق عليه، عن الحجريّة والسُخف التي وسمت بروباغندا السلطة الفلسطينية طوال عقد التسعينيات، ويخرج علينا أنيقًا ومفعمًا بالأمل. قد يكون هذا الجديد مغريًا، وربّما جميلاً، لكنّه، بالمطلق، خالٍ من أيّ جديد. 
increase حجم الخط decrease