الثلاثاء 2013/09/24

آخر تحديث: 05:33 (بيروت)

مدونة بلا اسم

الثلاثاء 2013/09/24
مدونة بلا اسم
مدونة خاصة يريدها صاحبها بعيدة عن قيود الرقابة الفكرية
increase حجم الخط decrease
هي "صوتي الداخلي، أو ربما مساحتي الحرة الخاصة بي وحدي"، كلمات بسيطة يصف بها المدون السوري دلير يوسف مدونته "بلا اسم"، بساطة كافية لالتماس روح التدوين الحقيقية البعيدة عن تعقيدات وسائل الإعلام المحترفة أو ضحالة ومضات "فايسبوك" و"تويتر". 
 
أنشأ يوسف مدونته مطلع 2012 كردة فعل عفوية على ما يدور حوله في سوريا والمنطقة من تغيرات سياسية واجتماعية، ورغم عمله في الصحافة كمحرر لعدد من المواقع الإلكترونية السورية ووسائل الإعلام التقليدية (بدنا حل، إذاعة روزنة)، بقي هاجس التعبير الحر لديه يصطدم بحواجز السياسات التحريرية المتشددة، ومن هنا ولدت فكرة إنشاء مدونة خاصة بعيدة من قيود الرقابة الفكرية أياً كان نوعها.
 
تدور المدونة إلى حد كبير في فلك الأزمة السورية، وتقف ضد نظام الأسد بشجاعة، وهي من أبرز المدونات السورية في "الفضفضة" الداخلية والبوح من دون مواربة أو مجاملة لأحد. ويشرح يوسف موقفه السياسي "باستحالة وقوفه في صف واحد مع نظام ظالم مجرم"، موضحاً أنه قتل "الخوف في داخله" منذ 15 آذار 2011 كي يستطيع "التعايش مع نفسه بسلام"، وتركيزه الشديد على سوريا يأتي من انتمائه إلى المجتمع السوري الواسع بكل أطيافه.
 
لا تتخطى المدونة حدودها الشخصية لتبدو كفسحة خاصة و"شرعية" لصاحبها. وتعزز هذا، في رأيه، "فردانية المدونة"، أي أنها تعكس المشاعر الشخصية بالدرجة الأولى، معتبراً أن مهامه كمدوّن "لا تتضمن بث الأخبار اليومية للجمهور أو تقديم مقالات سياسية واجتماعية معمقة، لأن هناك الكثير من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام التي تضطلع بتلك المهام"، ويبرهن على ذلك بأن أكثر تدويناته متابعة كانت حول علاقته بأحد أصدقائه الشهداء، بعنوان فراغ واستشهاد وماوكلي وولا شي.
 
ويضيف يوسف في حديثه مع "المدن"، أن هدفه الأساسي من التدوين هو التعبير عن آرائه فقط، فلا يستهدف على الإطلاق "التأثير في الآخرين"، بل جلّ ما يريده هو "إيصال صوت آخر لهم، سواء وافقهم أم خالفهم"، ففي عصر التكنولوجيا الحديثة وقيم الديموقراطية والتعدد، لا يمكن على الإطلاق إخفاء وجهات النظر مهما تباينت، ومن هنا تأتي أهمية المدونات في رأيه، كوسيط بين مختلف الآراء.
يحب يوسف أن يترك مدونته "غير مرتبة" ولا مصنفة إن أمكن القول، وبرأيه يتقاطع هذا مع الفكر الأناركي "الفوضوي" الذي يتبناه يوسف عامة، والذي ساعده للوصول إلى اسم المدونة المعبر عن "إلغاء الانطباعات المسبقة" و"التفكير بلا حدود".
 
في ضوء ذلك، تأتي تدوينات يوسف مبعثرة وغير مترابطة، فمن مقال عاطفي عن معاناة السوريين في بيروت (بيروت، حين يكون لموتنا بلاد أُخرى) إلى قصائد شعر عن الحب والسياسة (بين عينيك والوطن كنت أنا، هي مصر)، كما تختلف لغة المدونة بين الفصحى والعامية وصولاً إلى الانجليزية (What about you?، Damascus: Daily events in a city changing by war and displacement). قد يُفقد ذلك المدونة شيئاً من بريقها وحرفيتها المطلوبة، لكن بحسب يوسف يأتي هذا في إطار "تدفق المشاعر" الذي يراه قاسماً مشتركاً بين التدوين والشعر الحديث، بحيث تنشر التدوينات "مثلما تظهر الفكرة أول مرة دون أي تعديلات أو لغة منمقة" على حد قوله.
 
جدير بالذكر أن دلير يوسف أتم الثالثة والعشرين من عمره مؤخراً، وهو من عامودا في الحسكة (شمال شرق سوريا)، ولم يكمل دراسة العلوم البيئية في جامعة دمشق لأسباب خاصة، بل درس التصميم السمعي والبصري بالمراسلة في أكاديمية"willem de kooning academy"  في روتردام الهولندية، كما صقل ولعه الصحافي بفصول دراسية في الجامعات المختلفة وعدد من ورش العمل منذ العام 2009، وهو اليوم إداري فاعل في جمعية "سردة" للتنمية، ويعكف على إتمام فيلمين (وثائقي وسينمائي قصير)، إضافة إلى عمله الأساس كصحافي مستقل. 
 
increase حجم الخط decrease