الأربعاء 2014/04/16

آخر تحديث: 02:05 (بيروت)

صندوق النقد والبنك الدولي: سياسة لا تتغير

الأربعاء 2014/04/16
صندوق النقد والبنك الدولي: سياسة لا تتغير
من اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدوليين الأسبوع الماضي (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
زرعت التصريحات التي صدرت في الأشهر الأخيرة عن مسؤولين في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الآمال في صدور العديد من المراقبين أن هاتين المؤسستين بصدد تغيير توجهاتهما في ما يتعلق بنصائحهما الاقتصادية والنقدية.
مع ذلك، فقد أظهرت الاجتماعات السنوية التي عقدت الأسبوع الماضي في واشنطن أن لا تغييرات جذرية قد طراًت، وأن دور الدولة لا يزال محرماً بالنسبة لهاتين المؤسستين.
في بداية هذا العام، أبرزت تصريحات رئيس البنك الدولي د. جيم يونغ كيم، والمدير العام لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، قلقهما إزاء المخاطر التي يتسبب بها عدم المساواة في العالم. وأكدا مراراً على الحاجة إلى محاربة الفقر وتشجيع التنمية التي تخلق فرص عمل وتقلص حالات انعدام العدالة.
لكن حين يتعلق الأمر بالسياسات، يبقى التركيز على الركائز التقليدية لهاتين المؤسستين: نمو الناتج المحلي والتقشف في الميزانية وتحرير التجارة وتحسين بيئة الأعمال وخفض الدعم.
وعلى الرغم من أن جزءاً من هذه الأولويات بحد ذاتها تعد جديرة بالثناء، إلا أنها أظهرت فشلاً ذريعاً في العقود الثلاثة الماضية، خصوصاً في البلدان العربية التي كان ارتفاع نسبة الفقر والبطالة فيها عوامل رئيسة قادت إلى قيام الثورات.
لسوء الحظ، مؤسستا واشنطن تبدوان قاصرتين عن تنفيذ هذه الأفكار أو على الأقل غير مستعدتين لقبول خيارات بديلة.
وفقاً لرئيس الخبراء الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط شانتا ديفاراجان، على سبيل المثال، تحتاج الاقتصادات العربية من أجل توفير المزيد من فرص العمل إلى تشجيع قطاع الصناعة. ولدى سؤال "المدن" ديفاراجان عن النصيحة التي يمكن أن يقدمها البنك الدولي من أجل تشجيع الصناعة، أجاب: "خفض دعم الطاقة"، لأن التكلفة المنخفضة للطاقة في العالم العربي تشجع المستثمرين على التركيز على الاستثمارات ذات الرأسمال العالي بدل المشاريع التي تتطلب كثافة في العمل. لكن هذا الإجراء، وبرغم أنه ينطوي على شيء من الأهمية، إلا أنه من المستبعد جداً أن يتمكن وحده من إيجاد فرص عمل كافية لتلبية حاجات سوق العمل.
بالمقابل، ورغم تأكيد أحد كبار الخبراء الاقتصاديين في قسم الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي هارالد فنجر على أن الدول العربية بحاجة إلى نمو بنسبة 6.5% على الأقل لإيجاد فرص عمل كافية، إلا أنه لم يقدم إلا القليل من الاقتراحات في ما يتعلق بتشجيع القطاعات الإنتاجية في مجال الاقتصاد. ويقول فنجر لـ"المدن" أن صندوق النقد الدولي غير معني بالدخول في التفاصيل المتعلقة بكيفية تشجيع كل واحدة من الدول العربية لكل قطاع من قطاعاتها الاقتصادية. لكن هذا يعني تناقضاً بالطبع مع حقيقة أن صندوق النقد الدولي يدفع، في الوقت ذاته، إلى تحرير التجارة، الأمر الذي يؤثر بصورة مباشرة على سياسات الاقتصاد والتطوير والتنمية.
ويبقى دور الدولة أمراً محرماً أيضاً، إلا في ما يتعلق بتقليص نفقات الميزانية وهو أمر تعمد المؤسستان إلى تشجيعه. حتى أن كلمة "دولة" لا يتم استخدامها على الإطلاق.
وحين سئل عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الدولة في الاقتصاد، يقول ديفاراجان أنه في أغلب الحالات أظهرت الدولة أنها فاشلة. في الوقت ذاته، وفي تقرير مؤلف من 100 صفحة حول مستقبل الاقتصادات العربية، يذكر صندوق النقد الدولي الدولة فقط ليبين الحاجة إلى تقليص دورها. 
كما تم تجاهل دور القطاع الزراعي تجاهلاً تاماً، برغم الحقيقة التي تقول بأن ثلث إلى نصف السكان في العديد من البلدان العربية يعتمدون في معيشتهم، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على هذا القطاع.
وفي حين يظهر العديد من الأفراد، مثل رئيس البنك الدولي والعديد من الخبراء الإقتصاديين العاملين في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، عنايتهم الفائقة بالحاجة إلى محاربة البطالة والفقر، لا يزال أمام مؤسستي واشنطن درباً طويلة قبل أن تتمكنا من إحداث تغييرات جوهرية في سياستيهما.
 
increase حجم الخط decrease