الأربعاء 2021/08/11

آخر تحديث: 17:47 (بيروت)

صفقة الفيول: العراقيون يستغربون الأداء اللبناني ويفقدون ثقتهم بالوزير

الأربعاء 2021/08/11
صفقة الفيول: العراقيون يستغربون الأداء اللبناني ويفقدون ثقتهم بالوزير
غجر سينشر لاحقًا تفاصيل عقود الفيول العراقي (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
تأخّرت عملية إجراء مناقصة للتعاقد مع شركة تشحن الفيول العراقي إلى لبنان، وتستبدله بعد معالجته، ليتلاءم مع معامل إنتاج الكهرباء. ويوم أمس (راجع "المدن")، أعادت مصادر مقرّبة من وزير الطاقة ريمون غجر، سبب التأخير إلى رغبة الوزارة بأن يكون "كل شيء على أكمل وجه". والتأخير طبيعي فـ"أول مناقصة عادةً تأخذ وقتًا أطول من غيرها". لكن ما تتذرّع به الوزارة، لم يقنع الرأي العام وأصحاب الاختصاص اللبنانيين، وكذلك العراقيين. فسارعَ الإعلام العراقي إلى فتح باب التساؤلات حول المماطلة اللبنانية.

عدم ثقة عراقية
فقد نقلت جريدة "أحوال" العراقية، عن "مصادر"، قولها بأن غجر يتحمل مسؤولية تأخير استفادة لبنان من 8 ساعات كهرباء يومياً لمدة 6 أشهر، مشيرة إلى أن غجر يتأخر بإطلاق مناقصات استبدال الفيول العراقي، كما المناقصات لشحنه إلى لبنان بعد استبداله. وتستند المصادر إلى أن وزير الطاقة "لم يفكر بإجراء المناقصات في وقت مبكر لتأمين وصول الفيول إلى لبنان فور توقيع العقود". وبفعل المماطلة اللبنانية "فَقَدَ المسؤولون العراقيون ثقتهم ببعض المسؤولين اللبنانيين، وهم أبدوا أشد الاستغراب من أدائهم".

وتضيف: "في شهر شباط الماضي قرر مجلس الوزراء العراقي مساعدة لبنان بـ 500 ألف طنّ من الفيول، وفي شهر حزيران تم زيادة الكمية الى مليون طنّ، ورغم ذلك لم يفكر غجر بإجراء المناقصات في وقت مبكر لتأمين وصول الفيول الى لبنان فور توقيع العقود". 

وتتخوف المصادر العراقية من أن يكون التأخير "متعمداً، بهدف إفشال العقد لصالح "المستفيدين" من استيراد الفيول إلى لبنان"، إذ أن إنجاح العقد مع العراق يعني أن "400 مليون دولار ستطير من درب الشركات المستوردة (للنفط)، وهنا لبّ القضية".
وتستغرب المصادر العراقية كيفية تعاطي وزارة الطاقة في لبنان مع ملف الفيول العراقي، مشيرة إلى أن الفريق الذي عمل على العقد، وصل الليل بالنهار، لمساعدة الشعب اللبناني، من دون شرط، كاشفة أن التمني الوحيد من جانب وزير المال العراقي على الفريق اللبناني كان أن تكون هناك "شفافية" مطلقة بالتعامل مع المناقصات، ونشر كل التفاصيل على الإنترنت.

بعد نحو ستة أشهر على تحذير "المدن" من خفايا عرقلة مشروع الفيول العراقي، تعود مصادر عراقية لتأكيد هذه التحذيرات. خصوصاً وأن غجر ينتظر تهيئة الظروف لاستيراد الفيول عبر الشحنات الفورية، أي السبوت كارغو "Spot cargo". وكان قد أطلع رئيس الجمهورية ميشال عون على حقيقة عدم كفاية الفيول العراقي، وضرورة تأمين كميات إضافية عبر السبوت كارغو. ثم أكّد الوزير هذا التوجه فور عودته من العراق، بعد توقيع الاتفاق في 24 تموز الماضي، جازمًا أن الفيول العراقي "لن يزيد ساعات التغذية"، ما يُبقى الحاجة لسلفات الخزينة لشراء الفيول من الشركات الخاصة.

ردّ يؤكّد الغموض
بعد تواصل "المدن" مع مصادر مقرّبة من غجر، أصدر المكتب الإعلامي للوزير بيانًا نَقَلَ عن غجر تأكيده أن ما نُسِبَ إلى مصادر عراقية "غير صحيح وملفق". ورأى المكتب الإعلامي أن "هكذا أنواع من الاتفاقات التي يعمل عليها بشفافية مطلقة تأخذ حوالى الشهر من الوقت لإنجاز كل مراحلها التقنية بعد توقيع العقد بين الجانبين اللبناني والعراقي. إذ أن كل مراحل تنفيذ العقد من دفتر الشروط والشركات التي ستشارك في المناقصات وكيفية الاستبدال ترسل تباعًا إلى الجانب العراقي وتحديدًا إلى وزارة المالية العراقية وشركة سومو التابعة لوزارة النفط العراقية للموافقة عليها، قبل أن يبدأ الجانب العراقي بإرسال أول شحنة كي يتم استبدالها بفيول مطابق لمواصفات معامل الكهرباء في لبنان، وفق مناقصات شفافة. أما بقية الكلام المنسوب زعمًا إلى مصدر عراقي فلا داعي للرد عليه".

نفى بيان المكتب الإعلامي وجود مؤامرة يحيكها الوزير، لكن الردّ يؤكّد بصورة أو بأخرى وجود غموض، إن لم يكن مؤامرة مقصودة. فلماذا تتأخر الوزارة في إجراء الترتيبات اللازمة لمشروع كهذا، على أهميّته التي تزداد بفعل عدم امتلاك لبنان تَرَف الوقت في ظل أزمته المتزايدة، وخصوصاً في ملف الكهرباء؟ ولماذا تخالف الوزارة الأصول القانونية المفترض اتّباعها لاجراء المناقصة، وعلى رأسها إحالتها إلى إدارة المناقصات، أو على الأقل إجرائها تحت إشراف ديوان المحاسبة؟

إلى ذلك، تقول مصادر في وزارة الطاقة لـ"المدن"، أن الغموض "واضح منذ البداية، والعراقيون يتوقّعون المماطلة اللبنانية، وقد يُلتَمَس ذلك من خلال إصرار رئيس الوزراء العراقي على توقيع العقد وإتمام المشروع عمليًا قبل سفره إلى الولايات المتحدة". ولا تستغرب المصادر "تكتم الوزير غجر". وترى أن التكتّم يعني بأنه "شريك أو متواطىء في صفقة ما". وما إصراره على استمرار تأمين الفيول عبر سلفات الخزينة سوى "ابتزاز وتهديد بالعتمة".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها