الإثنين 2020/11/30

آخر تحديث: 21:46 (بيروت)

"وول ستريت جورنال": شراكة رياض سلامة وحزب الله بالفساد

الإثنين 2020/11/30
"وول ستريت جورنال": شراكة رياض سلامة وحزب الله بالفساد
رياض سلامة وآخرون مهددون بعقوبات أميركية (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

يمارس المسؤولون الدبلوماسيون الأميركيون وغيرهم من المسؤولين الرسميين والدبلوماسيين الغربيين الضغط على المصرف المركزي اللبناني، كجزءٍ من حملة دولية لتهميش حزب الله، ومعارضة الفساد والتخفيف من الأزمات الاقتصادية والسياسية في بيروت. وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الهواجس الغربية التي تدفع باتجاه فرض التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وأسباب حرص الغرب على إتمام هذا التدقيق.

شبهات الفساد
أسفرت الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، حول التدقيق الجنائي، عن اتخاذ قرار جماعي بالكشف على حسابات كل الوزارات والمؤسسات العامة والصناديق، بعد انسحاب شركة "ألفاريز ومارسال" بحجة عدم تسليمها كل المستندات التي طلبتها تحت ذريعة السرية المصرفية.

في المقابل، يقول مسؤولون غربيون للصحيفة الأميركية، إن واشنطن وحلفاءها يطالبون منذ شهور بإجراء تدقيق جنائي في المصرف المركزي اللبناني، كونهم يعتقدون أنه قد يكشف أدلة على تبييض الأموال والفساد وعلاقات كبار المسؤولين اللبنانيين بحزب الله، بما في ذلك المصرف المركزي نفسه.

مصرف لبنان تحت المجهر
يُعتبر الضغط على المصرف المركزي، بما في ذلك التهديد بفرض عقوبات محتملة، وفقاً لمسؤولين غربيين تواصلت معهم الصحيفة، خطوةً نادرة، تقدم الولايات المتحدة عليها عادةً ضد خصوم ألداء مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا. وكما بات معلوماً، فإن التدقيق الجنائي هو عبارة عن تحقيقات استقصائية للتوصل إلى أدلة محتملة على الاحتيال أو أي نشاط آخر يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ إجراءات قانونية أو تنفيذية.

ويضيف المسؤولون إن واشنطن وحلفاءها يستفيدون من حاجة بيروت الماسة للتمويل الطارئ، ويطالبون بالتدقيق، آملين إلقاء الضوء على عمليات المصرف المركزي التي ظلت غامضة منذ فترة طويلة. خصوصاً بعد انتكاسة انسحاب "ألفاريز ومارسال".

وحول تحديد المسؤوليات عن العرقلة، يقول مسؤولون غربيون ولبنانيون حاليون وسابقون إن الأشخاص المؤثرين في الحياة السياسية والاقتصادية اللبنانية، عرقلوا حتى الآن الجهود الدولية لإخضاع المصرف المركزي لتدقيقٍ شامل. ومن بين هؤلاء محافظ المصرف المركزي رياض سلامة، والمسؤولون الحكوميون المرتبطون بحزب الله، ما يجعلهم أهدافاً محتملة للعقوبات من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.

التدقيق في مهب الريح
أوضح وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هيل، خلال زيارته بيروت في آب المنصرم، مخاوف الولايات المتحدة المرتبطة بمصرف لبنان، بقوله للصحافيين "هناك الكثير من التركيز على المصرف المركزي، والحاجة إلى مراجعة حساباته، حتى نتمكن من فهم ما كان يحدث هناك بالضبط".

وقد ساعد الجدل العقيم الذي امتد شهوراً حول ضرورة التدقيق في حسابات المصرف المركزي، بإفشال محادثات الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي خلال الصيف. وهنا، يقول مسؤول كبير سابق في وزارة المالية اللبنانية، للصحيفة الأميركية، إن التدقيق الشامل غير مرجح طالما أن رياض سلامة، الذي شغل منصب محافظ المصرف المركزي لما يقرب من ثلاثة عقود، ما زال في منصبه.

رفض سلامة طلبات "وول ستريت جورنال" لإجراء مقابلة معه، للوقوف عند رأيه في النقاط التي يعرضها التقرير، لا سيما أنه نفى مراراً مزاعم التورط في الفساد وتسهيل عمليات حزب الله. ونذكر في السياق، أن المصرف المركزي كان هدفاً للاحتجاجات منذ عام 2019، وآخرها التي اندلعت في وقتٍ سابق من هذا الشهر، عندما حاول المتظاهرون دخول مكاتبه في بيروت بعد أن سجلت العملة اللبنانية مستويات منخفضة جديدة.

تغطية نشاط حزب الله
وعن دور المصرف المركزي، يشير مسؤولون حاليون وسابقون في الولايات المتحدة والدول الحليفة لها، إن ضعف رقابة المصرف المركزي ساعدت في تعزيز الفساد المستشري، الذي تم الاستشهاد به في سلسلة من العقوبات الأميركية. ففي وقتٍ سابق من هذا الشهر، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على وزير الخارجية السابق جبران باسيل، صهر الرئيس اللبناني ورئيس التيار الوطني الحر، قائلةً إنه يمثل الفساد المنهجي في النظام السياسي اللبناني.

وأسهب المسؤولون بقولهم أن المصرف المركزي كان له دور محوري في تمويل جماعة حزب الله التي تصنفها الولايات المتحدة بالإرهابية، بما في ذلك الهجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها. ومن الأدلة التي تغذي هذه المخاوف، سجلات مصرف لبنان التي راجعت صحيفة "وول ستريت جورنال" نسخ منها، وتُظهر السماح لحسابات حزب الله المعروفة في أحد المصارف اللبنانية الخاصة بالعمل، حتى بعد أن أصدرت الولايات المتحدة توجيهات لإغلاقها.

إلى ذلك، أعرب المسؤولون الغربيون الحاليون والسابقون عن قلقهم من أن وصول حزب الله إلى النظام المصرفي اللبناني، يسمح له بتمويل الهجمات ضد القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة، ودعم الحليف الرئيس للحزب، أي إيران. كما يزعم المسؤولون الأميركيون أن الكثير من تمويل الحزب من الخارج يأتي من أنشطة غير قانونية، من ضمنها تهريب المخدرات.

واستطراداً، يقول المسؤولون إنه على الرغم من أن سلامة قد أغلق بعض حسابات الحزب بناءً على الطلب الأميركي، إلا أن الوصول الموثوق للحزب إلى النظام المالي ساعده على الازدهار.

الاستفادة من أزمة لبنان
وبالحديث عن أزمة لبنان الاقتصادية والمالية، قال مسؤولون أميركيون إن الأزمة توفر فرصة فريدة للقيام بما كافحت الولايات المتحدة من أجله في الماضي، والذي يتلخص باستخدام الدبلوماسية المالية لكبح نفوذ الحزب وإصلاح نظام سياسي فاسد بشكل منهجي. وبذلك يؤكد المسؤولون عدم موافقتهم على أي خطة إنقاذ من دون تدقيقٍ شامل، وتبني السياسات التي يطلبها صندوق النقد الدولي.

من ناحيةٍ ثانية، يقول مسؤولون غربيون حاليون وسابقون إنه من دون تدقيقٍ شامل في المصرف المركزي، لا يمكن تقييم المدى الكامل لمشاكل لبنان المالية، وتحديد ما إذا كان لدى مصرف لبنان أي احتياطيات متبقية من العملات الأجنبية، لمنع العملة المنهارة من إثارة التضخم المفرط.

في الأثناء، يشدد مسؤولون ومحللون، حسب الصحيفة الأميركية، على أن العقوبات الموجهة تمنح الولايات المتحدة القدرة على عرقلة وكلاء الحزب سياسياً في الحكومة. وقد امتنع ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، عن التعليق في وقتٍ سابق من هذا العام على أهداف محتملة للعقوبات. لكنه قال بإيجاز "قلنا دائماً أننا سنستهدف حلفاء حزب الله".

أحمد إبراهيم صفا
كما يخضع للتدقيق، وفقاً لأشخاص مطّلعين على مجريات الأمور، أحمد إبراهيم صفا، الذي ترك منصبه مؤخراً كعضو لجنة الرقابة على المصارف. وكان هذا الأخير، وفق بعض المحللين الاستخباريين، ميسراً مالياً بارزاً لحزب الله من خلال مناصبه الخاصة والرسمية، وأبرزها عضويته بلجنة الرقابة على المصارف.

ورد اسم صفا لأول مرة، من قبل وزارة العدل الأميركية، في خضم محاكمة البنك "اللبناني-الكندي" عام 2011 لمساعدته حزب الله في غسل مليارات الدولارات من الأموال غير المتداولة، باعتباره الميسر الرئيس للمجموعة، نظراً لدوره البارز في المصرف المذكور.

وتعليقاً على دور صفا، قال المسؤولون الأميركيون المطّلعون على القضية إن صفا فتح حسابات لحزب الله وساعده على نقل أمواله حول العالم، من خلال ضمان عدم خضوع المعاملات للتدقيق المطلوب بهدف الكشف عن التمويل غير المشروع. غير أن صفا رفض طلب الصحيفة التعليق على دوره المزعوم في مساعدة الحزب.

يُذكر أن "البنك اللبناني-الكندي" قد صفى موجوداته وبيعت لمصرف ​"سوسيتيه جنرال"​ عام 2011، بعد أن قطعت وزارة الخزانة الأميركية​ وصوله إلى النظام المالي الأميركي بتهمة تبييض أموال حزب الله.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها