السبت 2019/06/29

آخر تحديث: 01:21 (بيروت)

قطر تشتري سندات لبنانية نشراً للثقة ودعماً للدولة

السبت 2019/06/29
قطر تشتري سندات لبنانية نشراً للثقة ودعماً للدولة
أسعار سندات اليوروبوند في السوق جاذبة للاستثمار (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease
تشكّل الفترة الزمنية التي يعيشها لبنان حالياً، والتي يمهّد خلالها لإقرار موازنة العام 2019، ويحضّر لإعداد موازنة العام 2020، مرحلة مفصلية لجهة طمأنة المستثمرين الدوليين، دولاً ومؤسسات. فهذه الفترة تشهد الكثير من التحليلات والآراء التي تتناول مالية الدولة، وقدرة البلاد على سداد استحقاقاتها والتزاماتها المالية. وتتضمن التحليلات تناقضات، تبعاً للمعطيات المتوفرة. وأبرز معالم التناقضات، هو إعلان وكالة موديز للتصنيف، ضرورة إجراء لبنان إصلاحات اقتصادية ومالية لتفادي الأسوأ، وترجيحها اتجاه لبنان نحو إعادة جدولة ديونه على ضوء عدم قدرته إجراء إصلاحات حقيقية، وفي الوقت عينه، أعلنت قطر استثمارها 500 مليون دولار في سندات اليوروبوندز اللبنانية، وهو دليل ثقة بلبنان. فكيف يقرأ لبنان هذا التناقض؟.

وفاء بالوعد
ذكرت صحيفة بلومبيرغ، وهي وكالة أنباء اقتصادية دولية، بأن قطر اشترت بعض سندات الخزينة اللبنانية بقيمة 500 مليون دولار. وذلك نقلاً عن "مسؤول حكومي قطري"، أكد أن بلاده "تنوي تقديم بقية الاستثمار كما أعلن في كانون الثاني، من دون توفير جدول زمني لإكمال الصفقة". وهذا يعني بأن قطر بدأت بتنفيذ وعدها، انسجاماً مع ما أعلنه نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطرية، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مطلع العام الحالي، أن "قطر ستقوم بشراء سندات دولارية لبنانية بقيمة 500 مليون دولار، دعماً للاقتصاد اللبناني".

رسالة غير مكتملة
حتى الآن لم تعلّق أي جهة رسمية لبنانية أو قطرية على ما ذكرته الصحيفة الاقتصادية يوم الخميس 27 حزيران. فمن ناحية قطرية، نُسِبَ الإعلان عن عملية الاستثمار إلى "مسؤول حكومي"، دون الإفصاح عن هويته ومركزه. ومن ناحية لبنانية، لم يُفصَح عن حجم الاستثمار وموقعه، وكل ما جرى تداوله بشكل غير رسمي، هو أن قطر "وفت بجزء من وعدها واشترت سندات خزينة بحوالى 100 مليون دولار"، وفق ما يقوله لـ "المدن" رئيس وحدة الدراسات في بنك بيبلوس، نسيب غبريل، الذي يشير إلى أن "عملية الشراء تمّت من السوق، ووفق أسعاره وفوائده، من دون تحديد ممّن جرى الشراء". ورّحب غبريل بهذه الخطوة، رغم عدم وضوح معالمها، كونها تأتي في وقت "يتعرض فيه لبنان إلى شائعات عن قرب انهيار الليرة واحتمال تكرار تجربة اليونان. وهو أمر يجعل المستثمرين في حالة حذر من الاستثمار في لبنان".

بعيداً عن قيمة الاستثمار القطري، تبقى معانيه إيجابية للبنان. فالاستثمار بسندات الخزينة "في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، هو رسالة إيجابية على مستوى عالمي، تخبر دول العالم أن هناك ثقة بمالية الدولة اللبنانية القادرة على سداد استحقاقاتها"، على حد تعبير الخبير الاقتصادي، غازي وزني، الذي يرى أن "الاستثمار القطري هو رد على سلبية تقرير موديز، وهو أمر يحتاجه لبنان حالياً".

لكن، في الوقت عينه، يلفت وزني النظر إلى أن الإيجابية القطرية "كان من المفترض بها أن تأتي من الحكومة القطرية إلى مصرف لبنان المركزي، وبذلك تذهب قيمة السندات إلى مصرف لبنان. لكن حالياً، فإن الصندوق القطري هو الذي اشترى السندات من السوق، وعليه، فإن صاحب السندات هو الذي سيستفيد من قيمتها". ويضيف وزني أن عملية الشراء من السوق أتت على ضوء "ارتفاع قيمة السندات في السوق، أي أن السندات اليوم جاذبة للاستثمار". ويستغرب وزني "عدم تحديد أي إصدارات تم شراؤها. لأن أسعار السندات وقيمة فوائدها تتغيّر تبعاً لنوع الإصدار وتاريخه". فعلى سبيل المثال، فإن أسعار وفوائد سندات 2023 تختلف عن سندات 2037.

مسؤولية الحكومة
لا يحق لطالب النجدة أن يشترط كيفية المساعدة ونوعها، بل عليه تهيئة الظروف الملائمة لاستثمار المساعدة بشكل ناجح. لذلك، ليست قيمة شراء السندات اللبنانية أو الجهات المستفيدة منها، هي موضع الأهمية. إلا أن الأهم هو طرح أموال تعزز الثقة الدولية بمالية لبنان، وتؤكد للمستثمرين أن باب الاستثمار في السندات اللبنانية مفتوح بمخاطر أقل مما يُشاع. والضمانة هي الاستثمار القطري. وهي شهادة أقوى من الخطابات السياسية اللبنانية الداعية إلى الوثوق بلبنان وبقدرة حكومته على إبتداع الحلول، وتخفيض العجز، وانتشال الاقتصاد من محنته، خصوصاً وأن المجتمع الدولي يعي تماماً أن أزمة لبنان تقع في سياسييه وحكوماته المتعاقبة، وبالتالي فإن الخطابات لا تعطي ثقة، بل إن استثمار المال هو الثقة الوحيدة.
وهنا تشتد المسؤولية على الحكومة، التي يجب عليها بذل الجهود لحث دول عربية أخرى، خصوصاً الخليجية منها، على الاستثمار في السندات، أو إيداع أموال بفوائد منخفضة في المصرف المركزي، لضمان جذب استثمارات أكثر وثقة أكبر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها