السبت 2014/12/20

آخر تحديث: 13:08 (بيروت)

سوريا: الحكومة تخفّض الجمارك.. فتضرب الألبسة المحلية

السبت 2014/12/20
سوريا: الحكومة تخفّض الجمارك.. فتضرب الألبسة المحلية
سيواجه المصنعون المحليون للألبسة منافسة أكبر، وستكون تكاليف انتاجهم أعلى نتيحة لخفض الرسوم الجمركية (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease

في وقت تدّعي الحكومة السورية أنها تريد تشجيع الصناعيين المحليين، تقوم في المقابل بتعريض أهم قطاع صناعي في البلاد للخطر، ألا وهو صناعة الألبسة، وذلك عبر تغيير التعرفة الجمركية.

اعتبارا من بداية العام المقبل، سيكون في البلاد نظام جمركي يضم خمس نسب من الرسوم الجمركية المختلفة، بدل النسب الـ 13 المعمول بها حالياً. وتستهدف النسب المنتجات المستوردة، وهي تتوزع على 1%، 5%، 10%، 20% و30%. والتعديل يعني أن نسبة الرسم الجمركي 0% التي تعني استثناءاً تاماً من التعرفة الجمركية، قد تم إلغاؤها، وينطبق الأمر نفسه على المعدلات الأكثر ارتفاعاً مثل 80% و150%، التي كانت تطبق على الألبسة وعلى سيارات الركاب. وتعتبر سوريا واحدة من الدول التي تفرض على استيراد السيارات، أعلى الرسوم الجمركية في العالم. وقد ساهم فرض الرسوم الجمركية بنسبة 80% في حماية صناعة الألبسة التي تشغل عشرات الآلاف من اليد العاملة.

رسمياً، تقول الحكومة إنّ الهدف من هذا الإجراء هو خفض الفساد والعراقيل البيروقراطية، الى جانب تبسيط النظام المعمول به في هذا الشأن. كما أن الحكومة، بخفضها لمعدلات الضريبة على المنتجات المستوردة، تأمل انخفاض معدل التهرب الضريبي من قبل المستوردين.

هناك سبب إضافي لهذه التخفيضات، يتمثل بالحاجة إلى خفض أسعار المنتجات المستوردة، التي ارتفعت بدرجة كبيرة نتيجة تراجع قيمة العملة. على سبيل المثال، إذا كانت تكلفة منتج مستورد قبل الثورة تبلغ 10 دولارات، أي ما يعادل 500  ليرة سورية، فإن تكلفتها الآن 2000  ليرة سورية، بسبب انخفاض قيمة الليرة من 50  إلى 200  ليرة لكل دولار، وهذا يعني زيادة في تكلفة المنتجات المستوردة بمعدل 4 مرات، في حين لم تزد الرواتب خلال السنوات الثلاث والنصف الماضية.

إلا أنّ مصنّعي الألبسة غير مسرورين البتة بهذا القرار، لأنه سيخلق منافسة أكبر لهم. إضافة إلى ذلك، فإن الأمين العام لغرفة صناعة دمشق، فراس الجاجة، وفي لقاء مع صحيفة "الثورة"، قال إن الرسوم الضريبية المطبقة على إنتاج الألبسة سترتفع عملياً. فالخيوط التي تبلغ رسومها الجمركية حاليا 1% ستصبح 5%، في حين سترتفع الرسوم الجمركية المفروضة على الأقمشة حالياً، والبالغة 5%، إلى 10%. ولهذا سيواجه المصنعون المحليون منافسة أكبر، وستكون، في الوقت نفسه، تكاليف انتاجهم أعلى، نتيجة القرار. وبحسب الجاجة، فإن العديد من المصنعين سيتوقفون عن الإنتاج، مفضلين التحول إلى استيراد الألبسة بدلا من إنتاجها.

وإذا أخذنا بالإعتبار أن هذا القطاع يشغل الكثير من الناس، وأن الحكومة تَدعي أنها تريد تشجيع المصنعين المحليين، فإنه من الصعوبة بمكان فهم المنطق الكامن وراء قرار خفض الرسوم الجمركية على الألبسة.

يطرح سؤال في أنحاء كثيرة من العالم اليوم حول أيهما أجدى، إعطاء الأولوية للتجارة أم للصناعة المحلية؟ ولكن هذا النوع من النقاش يكون، في الوقت نفسه، جزءاً من نقاش أوسع حول استراتيجيات اقتصادية بعيدة الأمد، وليس على أساس قصير الأجل وبالطبع ليس في ظروف الحرب.
فقد
قامت الحكومة في سوريا، وعلى امتداد السنوات الثلاث والنصف الأخيرة بزيادة دعمها للنفط، ولكنها عادت فخفضته، كما قررت تعليق العمل بمنطقة التجارة الحرة مع تركيا ومع الدول العربية وإنشاء منطقة تجارة حرة مع إيران، والآن تقول إنها تريد حماية الصناعة المحلية ولكنّها تخفض الرسوم الجمركية معرضةّ عشرات الآلاف من الوظائف للخطر.

نعرف أنه ليس لدى الحكومة السورية اي استراتيجية، وأنها لا ترغب في حل أزمة البلاد السياسية القاسية، ويبدو أيضاً أنها لا تمتلك أي استراتيجية إقتصادية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها