الأحد 2015/03/22

آخر تحديث: 21:40 (بيروت)

جائزة ساويرس ومتسابقون مُحكِّمون

الأحد 2015/03/22
جائزة ساويرس ومتسابقون مُحكِّمون
increase حجم الخط decrease
أسئلة عديدة ينبغي طرحها عقب مقال الزميل أحمد عبد اللطيف الذي نشر أخيراً في "المدن" تحت عنوان "محكمو جائزة ساويرس.. من أنتم؟".
 
اعترض الزميل على وجود صحافيين مهتمين بالشأن الثقافي في لجنة التحكيم. فإذا كان اعتراضه على أن هؤلاء محكّمون في الجائزة، فذلك هو عينه ما حدث العام الفائت، والعام ما قبل الفائت. فقبل عامين، حكّم كل من سيد محمود ومحمد شعير في جائزة الرواية التي منحت لطارق إمام. وهما المحكّمان نفسهما اللذان يعترض عبد اللطيف على وجودهما في لجنة ساويرس 2013، فلماذا الاعتراض الآن؟ هل لأن النتيجة لم تعجبه؟ ماذا لو كانت روايته أو رواية طارق هي الفائزة؟ هل كان سيغضب الغضبة ذاتها؟
 
وإذا مددنا منطق أحمد وأسئلته، على استقامتها، فطارق إمام إذن لم يكن يستحق الجائزة الأولى، قبل عامين، لأن شيئاً لم يتغير!
 
سؤال آخر أطرحه على أحمد عبد اللطيف: من أين أتى بمعلومة أن عمل طارق إمام استُبعد على أساس أن بطل الرواية مثلي جنسياً، فوفق نص مقاله: توافق المحكّمون على أن رواية "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس" تستحق جائزة العمل الأول، لكنهم استبعدوها لسبب أخلاقي، وتناسوا أهمية العمل وجمالياته. كيف يمكنه إثبات ذلك أصلاً؟ وكيف يبني مقالة كاملة على نميمة أو معلومة لا يمكن إثباتها.
 
حسناً.. الأمر ليس منطقيا أبداً. فالروايات الفائزة ليست أخلاقية بالمعنى الذي يطرحه عبد اللطيف. رواية "رجوع الشيخ" لمحمد عبد النبي، تتناص مع أكثر النصوص العربية إباحية، وهي "رجوع الشيخ إلى صباه". إذن، لم يكن الحكم أخلاقياً من أي زاوية، و"المعلومة" التي بنى عليها عبد اللطيف مقاله ليست موضوعية ولا مهنية.
 
إذا استعرنا منطقه، فسنجد أن عبد اللطيف قد نصّب نفسه حَكَماً على النصوص، وأعطى رواية طارق أعلى الدرجات، واعتبرها العمل الأهم بين بقية الأعمال.. فهل يحق له ذلك أصلاً؟
 
وإذا كان عمل طارق هو الأهم والفائز سلفاً، فلماذا تقدم أحمد عبد اللطيف أصلاً بروايته إلى المسابقة وهو يعلم النتيجة سلفاً؟ ولماذا لم يذكر ترشحه شخصياً في مقالته؟ هل إخفاؤه لتلك المعلومة مهني وموضوعي، وهو الذي يشكك في الموضوعية من الأساس؟ بوصفه طرفاً، إذن، هل يدافع عن نفسه أم عن رواية طارق إمام؟ من يتخفّى في ثوب من؟
 
الروائي محمد ربيع تقدم للجائزة نفسها، برواية مميزة هي "عام التنين"، ولم يصل إلى القائمة القصيرة، وكان تعليقه كالآتي: ثمة ثورة حقيقية في أن تفوز أسماء جديدة مثل عمرو عاشور ومحمود توفيق ومحمود عبد الغني. عمل عبد الغني هو الأول له بالمناسبة، فهل يضاف ذلك إلى رصيد اللجنة أم يُنقص منها؟ وهل يمكن اعتبار موقف محمد ربيع أكثر نبلاً من موقف عبد اللطيف؟
 
يبدأ عبد اللطيف مقاله بنقد (محق على الأرجح) لعضوية ثروت الخرباوي في لجنة تحكيم جائزة ساويرس لفرع كبار الكتّاب. لكن الهدف الأساس لمقاله هو التشكيك في نتائج لجنة أخرى، أي تلك التي تحكّم في أعمال الأدباء الشباب. فهل إقحام اسم الخرباوي، الذي حكّم في مسابقة أخرى، يصحّ، للهجوم على أعضاء لجنة أخرى لم يكن الخرباوي فيها أصلاً؟ أم أنها محاولة لإضفاء موضوعية غير متوفرة في مقاله؟
 
ثم هناك الاقتراحات البراقة بأن تتولى التحكيمن أسماء من مصاف المنسي قنديل، ومحمد المخزنجي، رغم أن الرئيس الفعلي للجنة هو كاتب لا يقل اسمه بريقاً عنهم: إبراهيم عبد المجيد. يقول عبد اللطيف إن أعضاء اللجنة مجرد صحافيين متابعين. فلنفنّد إذن: سيد محمود أديب قبل أن يكون صحافياً. طارق إمام نفسه ناقش ديوان محمود، "في تلاوة الظل"، خلال ندوة شهدت إفراطه في مديح الديوان. وعبد اللطيف نفسه استدعى سيد محمود لمناقشة روايته في ندوة أخرى. فهل كانت تلك مجاملة؟ ولماذا لم يتساءل أحد، آنذاك، عن القيمة الأدبية لسيد؟ وهو مَن كتب سابقاً عن غالبية أعمال جيلنا، مقالات نقدية مهمة، وقد تكون أعمال طارق إمام وأحمد عبد اللطيف من بينها. إذن، سيد محمود متابع وناقد وأديب، وليس مجرد صحافي متابع للحقل الثقافي. قبلتما أحكامه من قبل، في جوائز حصلتما عليها، وفي مقالات عن أعمالكما.
 
هالة فؤاد ناقدة، أستاذة في التصوف، وأبحاثها تركز على التصوف في النصوص الأدبية، فهل يضعف لجنة التحكيم وجود ناقد(ة) فيها؟.. وصبحي موسى روائي وناقد!
 
محمد شعير؟ لماذا تذكرتم الآن أنه لا يصلح للتحكيم، رغم أنه حكّم في جوائز نالها طارق إمام من قبل؟ ورغم أن كتبه، وتحقيقاته الصحافية، تشير بشكل كبير إلى قدرته على التحكيم، خصوصاً أنه أعطى جوائز لأسماء من جيلنا في أكثر من مناسبة، ولا نختلف على جودة ما قدمه هؤلاء الفائزون.
 
هل تتغير النوايا بتغير النتائج؟ السؤال لا ينسحب على عبد اللطيف وحده، بل يجب أن يطرحه الوسط الثقافي كله على نفسه، وبصدق.
تلك أسئلة، مجرد أسئلة. يتبقى لوم أخير وعتب على روائي وكاتب، أظنه يعرف ما يفعل حين يكتب. ففي بداية مقاله، الذي هنّأ فيه الفائزين من الشباب، أرجع سبب التهنئة، ليس إلى جودة أعمالهم أو أحقيتهم بالفوز، لكن "لأنهم في النهاية اجتهدوا وقدموا أعمالهم إلى لجنة الجائزة". لماذا لا تعترف ببساطة أن أعمالهم كانت أجدر من عمل طارق إمام بالفوز؟ لماذا تبدأ بالتهنئة إن كنت ستنهي مقالك بحُكم هو أن رواية "الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس" هي الأفضل؟
الحياة تتسع للجميع.. إبتسم.
 
 
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها