الأحد 2015/03/01

آخر تحديث: 13:36 (بيروت)

"ابلة فاهيتا" وديمقراطية الفايسبوك في "اشكال ألوان"

الأحد 2015/03/01
increase حجم الخط decrease
انتهى منتدى "اللغة العربية اليوم وشبكات التواصل"، الذي قدمته جمعية "أشكال ألوان" على مدى ثلاثة أيام، بمداخلتين، الأولى ليوسف بزي، بعنوان "حالات فيسبوكية، المونديال مثالاً، لا مثقف، لا كاتب، لا صحافي، غواية العمومية"، والثانية لفرديريك لاغرنج بعنوان "مقاربة لغوية لدمية وقحة" عن "أبله فاهيتا"، التي حضرت بنفسها إلى بيروت، وظهرت في النهاية، متحدثةً مع المُداخل، ومع الجمهور.

انطلق يوسف بزي من ازدهار القراءة والكتابة مجدداً بفعل الفايسبوك، الذي، عند الدخول إليه، بدا مجهولاً. بالنسبة إليه، "لا عهد له بتقاليده وأعرافه"، إذ كان لا مناص من التدرب على "البوح" في نطاق واسع من الإنتشار والعلنية. على إثر ذلك، وُلد "فن الستاتوس"، الذي أدى دوره في تحريك السجالات غير المضبوطة أو المنظمة، ثم، أنه حقق "عياناً للأنوات"، ليصبح البروفايل بمثابة "بيوغرافيا مستمرة". إلا أن الفايسبوك "اهتدى إلى فاعليته ووظيفته مع مطلع العام 2011"، أي مع اندلاع الثورات في عالم اللغة العربية، فبات فضاءاً للإحتجاج والقول السياسي، نظراً إلى كونه مساحة لـ"الحرية والمساواة والفردانية والديمقراطية"، بالتالي، يمكن "المجازفة في القول أن الستاتوس هو أول فن ديمقراطي من صنيع الثورات العربية"، خصوصاً أن اللغة فيه ليست فصحى، أي ليست سلطوية، ونخبوية. وهذا ما حول الكتابة إلى فعل عمومي، فلم يعد يحتكرها أحد، فـ"تساوى كبار الكتاب مع أي ممارس للنشاط الفايسبوكي".

من هنا، من وصف الـ"فايسبوك" على أنه "جريدة، لا رقابة فيها، ولا سلطة تحريرية، ولا ضوابط لغوية أو أخلاقية، ولا خوف"، ومن وصف آخر للغة الـ"ستاتوس"، انتقل بزي إلى مثاله، أي المونديال، الذي شكل حالة تنافسية بين مشجعي المنتخب الألماني من جهة، والمنتخب البرازيلي من جهة أخرى. استعرض المُداخل مجريات تلك الحالة، وكيفية نشوئها على الجدران، التي شهدت معركة، خاضها ضد مشجع البرازيل يحيى جابر، وذلك، عبر نشر الـ"بوستات" والصور والفيديوات، فضلاً عن تكتل المستخدمين في مجموعات تشجيعية. ذكر بزي بعض الـ"بوستات"، التي تندرج في هذا السياق، مستنتجاً أن استعمال الفصحى فيها يتعمد إبراز رطانتها، "بوصفها باعثة على روح السخرية والخفة والضحك". ختم يوسف بزي مُداخلته بالقول أن الفايسبوك "مجتمع إفتراضي أقوى من الواقعي، وأكثر حرية".


بعد انتهاء المُداخلة الأولى، بدأت مُداخلة فرديريك لاغرنج، الذي تناول ظاهرة الدمية أبله فاهيتا، محللاً لغتها، وناظراً في تركيباتها ومؤشراتها، آخذاً على عاتقه "تحديد مقومات فكاهتها والمرجعية الثقافية والطبقية التي تميز روحها". لاحظ لاغرنج أن أبله فاهيتا تتميز بلغة خاصة بها، على صعيد النُطق والتصريف والمعجم. كما تتسم عباراتها بالمراوغات اللفظية، وبالتلميحات إلى إلتباسها الجندري. رأى لاغرنج أن الدمية تستخدم لغة قائمة على تأنيث المُذكر، وتتكلم بالخلط بين العربية ومفردات التعجب بالإنكليزية، بالإضافة إلى تكرارها لبعض العبارات مثل "يا سوسو" أو "ما يستهولشي"، المرافقة للتأوهات والامم.

بعد استعراضه لنشأة أو ولادة أبله فاهيتا، توقف لاغرنج عند خصائص الدمية، من قبيل أن انتمائها الديني غير محدد، وأن شخصيتها الأنثوية هي تركيب فكاهي وغير متجانس، ومن صفاتها أنها لا تحترم المقدسات. ما أن اختتم لاغرنج مُداخلته حتى ظهرت أبله فاهيتا إلى جانبه، التي قالت "أنا جاية بيروت، عايزة أشوف رجالة حلوة". ثم بدأت بالإجابة، بطريقة تهكمية واضحة، على استفهامات المُداخل، وعلى استفهامات الجمهور، الذي كثر ضحكه مع حضورها أمامه.


سجل اليوم الأخير فارقاً بالنسبة إلى اليومين السابقين، بحضور أبله فاهيتا، الذي أغلق المنتدى. أما بالنسبة للمُداخلات، فلا يمكن غض النظر عن ميل جزء كبير منها إلى استعراض العلاقة بين "شبكات التواصل" واللغة العربية بطريقة وصفية، تقع في شرك الإيديولوجيا التقنية ومقولاتها حول الإنترنت، وهذا ما يجعل إشكالياتها في بعض الأحيان شبه ضعيفة ومعالجتها منزوعة السؤال والمقاربة، ولا جديد أو مختلف فيها..على أن تلك المُداخلات، التي قدمها المشاركون في المنتدى، على طول ثلاث أيام، ستُنشر بعد أشهر في كتاب، وسيجري تناولها لاحقاً بالبعيد من تغطيتها السريعة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها