في آذار الماضي قام ورثة غارسيا ماركيز بنشر روايته الأخيرة تحت عنوان "حتى أغسطس" في مخالفة لوصية ماركيز نفسه. كذلك سيظهر هذا العام في منصّة نتفليكس، مسلسل مقتبس من رواية ماركيز الأشهر "مائة عام من العزلة" في مخالفة أيضاً لوصية ماركيز. ويرى ابنه الأصغر غونزالو بأن لديهم وجهة نظر تقدّر أهمية الجوانب الرائعة في هذه التجربة، وأن والدهم الراحل كان ينظر الى الجانب السيء فقط.
***
***
على أية حال، يرى الكاتب جونوت دياز بأن ما فعله ورثة ماركيز يعطي مثالاً صارخاً لضغط "النيوليبرالية" التي تهتم بالأكثر تسويقاً، بغض النظر عن القيم أو المواقف. حتى لو كان عملاً غير مكتمل بمئة وخمسين صفحة (بعد خمس مسوّدات مرهقة) كما هي رواية "حتى أغسطس" التي قال ماركيز في موقفه الختامي منها: إنها غير قابلة للنجاح... يجب إتلافها.
***
***
فعل ورثة ماركيز، في سياق مختلف، ما فعله صديق فرانتز كافكا المقرّب، ماكس برود، حين طلب منه اتلاف المسوّدات غير الكاملة بعد وفاته. لكن برود قام بنشرها، ثم صار الناطق الحصري باسم "تراث فرانتز كافكا"، ومنح العالم صورة محدّدة عن كاتب سوداوي كئيب يخلق عوالم كابوسية.
هذه الصورة تعرّضت لنقد شديد من قبل ميلان كونديرا، واتهم ماكس برود بأنه خلق "كافكوية" غير أمينة لكافكا نفسه (المتهكم الساخر الباخوسي)، وانما لتصورات ماكس برود الخاصّة ذات النفَس المسيحاني. وأن قراءة كافكا الأدقّ يجب أولاً أن تستبعد، بشكل تام، كافكوية ماكس برود.
***
هذه الصورة تعرّضت لنقد شديد من قبل ميلان كونديرا، واتهم ماكس برود بأنه خلق "كافكوية" غير أمينة لكافكا نفسه (المتهكم الساخر الباخوسي)، وانما لتصورات ماكس برود الخاصّة ذات النفَس المسيحاني. وأن قراءة كافكا الأدقّ يجب أولاً أن تستبعد، بشكل تام، كافكوية ماكس برود.
***
يقول جونوت دياز (الحائز جائزة بوليتزر للرواية 2008) إنّ أبناء ماركيز أجبروه على اداء رقصة أخيرة رغماً عنه.
إن قراءة هذه الرواية ترينا الكلمات الأخيرة لماركيز، وترينا، في الوقت نفسه، الرغبة الحرّاقة لتدميرها تطلّ علينا من بين السطور. إنها ليست أفضل أعمال ماركيز بالتأكيد، لكنها تمنحنا سخرية أخيرة من كاتب كان يتلف مسوّداته دائماً في حالة من الهوس المرَضي. إنه كتاب لم يره ماركيز، ولم ينشره، إنه صادر من حالة تشبه "كافكوية" ماكس برود. يمكن أن نسميها "ماركيزية" أبنائه الذين صارت على عاتقهم إدارة مؤسسة مجد وشهرة أبيهم الراحل، نحو اتجاهات لا يؤيدها ماركيز بالضرورة.
(*) مدونة نشرها الروائي العراقي أحمد سعداوي في صفحته الفايسبوكية، في مناسبة الذكرى العاشرة لرحيل الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز (1927-2014).
إن قراءة هذه الرواية ترينا الكلمات الأخيرة لماركيز، وترينا، في الوقت نفسه، الرغبة الحرّاقة لتدميرها تطلّ علينا من بين السطور. إنها ليست أفضل أعمال ماركيز بالتأكيد، لكنها تمنحنا سخرية أخيرة من كاتب كان يتلف مسوّداته دائماً في حالة من الهوس المرَضي. إنه كتاب لم يره ماركيز، ولم ينشره، إنه صادر من حالة تشبه "كافكوية" ماكس برود. يمكن أن نسميها "ماركيزية" أبنائه الذين صارت على عاتقهم إدارة مؤسسة مجد وشهرة أبيهم الراحل، نحو اتجاهات لا يؤيدها ماركيز بالضرورة.
(*) مدونة نشرها الروائي العراقي أحمد سعداوي في صفحته الفايسبوكية، في مناسبة الذكرى العاشرة لرحيل الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز (1927-2014).
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها