الإثنين 2023/05/22

آخر تحديث: 13:46 (بيروت)

صيدا في ذلك الزمان...حلم ليلة صيف

الإثنين 2023/05/22
increase حجم الخط decrease
قبل أكثر من ستة عقود، في الأول من أيار 1961 بالتحديد، احتلّت غلاف مجلة "الأسبوع العربي" صورة تمثّل سيدة بلباس البحر تقف في ساحة قلعة صيدا البحرية. حوى هذا العدد من المجلة تحقيقاً من توقيع سعد سامي رمضان، تناول مهرجاناً ربيعياً يُقام في المدينة، رافقه حديث مع غالب الترك، محافظ الجنوب "الذي يقف وراء تحقيق الأعمال الضخمة في مهرجان الربيع".

"في صيدا، المدينة التي لعبت أكبر دور في تاريخ لبنان القديم، سيحتفل الناس بالربيع في أكبر المهرجانات التي عرفها لبنان". بهذه الكلمات، استهل الكاتب تحقيقه، وقال ان البعثة الخاصة بالمجلة توجّهت إلى المدينة العريقة التي "ستحيي الربيع بمهرجاناتها فقابلت محافظ الجنوب الذي وضع الفكرة، وتنقّلت بين البساتين والمناطق الأثرية، وزارت الأسواق القديمة التي ينتظر أهلها موسم المهرجان، لتقدّم صورة عن العرس الكبير الذي سيقام في هذا الشهر". 

قضت هذه البعثة يوماً في قلب صيدا، "مع ساعاتها الحافلة بالحركة، استعداداً للمهرجانات"، ورافقتها إلى المدينة الأثرية، حسناء من أوروبا سمعت الكثير عن صيدا، فأحبّتها من خلال كتب التاريخ، ورغبت قبل عودتها إلى بلادها في أن تحيا بين أطلالها وبساتينها، وتستحمّ في المياه المحيطة بقلعتها الشهيرة". تُدعى هذه الحسناء موني جوفانيل، هي السيدة التي احتلّت صورتها غلاف المجلة، كما أن لها صوراً منشورة ضمن التحقيق، منها واحدة وهي ممددة أرضاً و"تتعرّض للشمس فوق بقايا قلعة صيدا"، وصورة وهي جالسة في "حمام شمس دافئ فوق سطح أطلال القلعة"، حيث "تبدو وراءها المدينة الحالمة بين بساتين البرتقال"، وصورة وهي تستحمّ في البحر قريباً من القلعة "وقد رمت الشِّباك إلى أعماق البحر لتصطاد السمك".

تحدّث محافظ الجنوب، غالب الترك، من دارته المطلّة على بساتين الليمون والأكدنيا، فقال: "إنني أعيش هنا في الجنة، فصيدا في الربيع هي الجنة"، ثم تحدث عن خيرات صيدا "التي تشكل عنصراً بارزاً في ميزان المدينة، الزراعي خاصة، والاقتصادي عامة"، ثم انتقل إلى الحديث عن مهرجان الربيع المنتظر، وأضاف: "مدينة التاريخ ستتحوّل إلى جنة، تضيء آثارها في الليل، وتلتقي فيها أشهر فرق الرقص والغناء وملكات الجمال". أبصر هذا المشروع النور، وحقّق نجاحاً كبيراً، وتلته مهرجانات أخرى. في السابع من تشرين الأول 1966، تحت عنوان "حلم ليلة صيف في صيدا"، كتبت مجلّة الحوادث: "ليلة السبت الماضي عاشت جزيرة صيدا ليلة جمال طويلة، تمّ فيها انتخاب مارلين طليع ملكة جمال لبنان للعام 1967 من بين ملكات جمال المناطق اللواتي جرى انتخابهنّ طيلة هذا الصيف".

جرت هذه الحفلة في "الجزيرة"، أي في المنطقة البحرية التي تُعرف بالـ"زيرة" حيث أقيم مسرح عائم وتحوّلت الـ"زيرة" إلى "مدارج عجّت بالمدعوين والمدعوات، كما تحوّل البحر المحيط بها إلى ميناء يموج بعشرات السفن الصغيرة والبخوت المزيّنة التي شارك أهل صيدا في تقديمها". افتتح محافظ الجنوب هنري لحود هذه الحفلة، وقال مرحّباً: "إن الله جميل، ويحبّ الجمال، ورئيسنا حلو"، والمقصود طبعاً رئيس الجمهورية اللبنانية يومها شارل حلو. بعدها قدّمت فرقة مغدوشة يعض الأغاني والرقصات الفولكلورية، ثمّ أطلّت الشحرورة صباح، ضيفة شرف الحفلة، وقدّمت وصلة غنائية ألهبت حماس الجمهور، "من فوق الجزيرة في قمرية التلفريك".

بعد هذه الوصلة، جرى انتخاب ملكة الجمال. "وبعد الانتخاب، انتقل المدعوون إلى قلعة صيدا البحرية حيث تناولوا طعام العشاء، وقد دامت السهرة إلى ما بعد الثانية صباحاً".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها