الأحد 2023/02/05

آخر تحديث: 08:08 (بيروت)

ما سرّ الاقبال الجماهيري على معرض القاهرة للكتاب؟

الأحد 2023/02/05
ما سرّ الاقبال الجماهيري على معرض القاهرة للكتاب؟
قالت الهيئة إنها حققت المبيعات الأكبر في تاريخها
increase حجم الخط decrease
المؤكد أنّ الكتاب لم يكن في مصر ضمن الأولويات في السنوات التي تلت 2011 وربما حتى 2018، لذا لم يكن الحضور الجماهيري لمعرض القاهرة للكتاب يعكس بوضوح الأوضاع على أرض الواقع، كان يبدو وكأنه "وقت مستقطع" لممارسة فعل عادي في سنوات غير عادية شهدت احتجاجات وإضرابات وثورتين وتغييرات سياسية واجتماعية كبرى، لا تزال آثارها ممتدّة حتى الآن. كان الحضور الجماهيري إثباتاً للتواجد واحياء لمناسبة سنوية أكثر من كونه التفافاً حول سلعة ثقافية.

في 2019 حقق المعرض إقبالاً غير متوقع أيضاً رغم نقله الى مكان جديد بعيد نسبيا على أطراف القاهرة. بعد عام واحد من النقل بدأت أزمة كورونا ثم وصلت ذروتها في العام التالي فتأجل 6 أشهر بعد أن كادت الأزمة أن تتسبب في إلغاءه تماما. وفي دورة العام الماضي تخطى عدد رواده 2 مليون زائر وكان رقما كبيراً بعد عامين من الحجر الصحي بسبب الفيروس.

تفاجئنا الأعداد هذا العام أيضا، فحسب التصريحات الرسمية فقد حققت دورة هذا العام "إقبالا غير مسبوق" حيث تخطى عدد الزائرين الجمعة الماضية، النصف مليون زائر، ليصل عدد رواد المعرض لقرابة المليونين ونصف المليون زائر، منذ فتح أبوابه للجمهور في السادس والعشرين من يناير الماضي، وقياسا على هذا المعدل فسيتخطى عدد الزوار الثلاثة ملايين بنهاية فترة المعرض 6 فبراير/ شباط.

بالتأكيد، الكتاب ليس ضمن الأولويات حاليا، فهل انتصر الحنين للأفعال العادية مجددا في دورة هذا العام التي تأتي في ظل أزمة اقتصادية طاحنة، وفي أعقاب أعوام من الإغلاق المتكرر بسبب كورونا وتبعاتها؟

ليس لاثبات التواجد فقط
حسب بيان لهيئة الكتاب المنظمة للمعرض فقد أعلن الجمهور حضوره منذ الأيام الأولى واقترب عدد الزوار في الأسبوع الأول فقط من 2 مليون زائر، لكن النقطة الأهم في هذا البيان هو أنه لم يكن مجرد احصاء عددي بل إشارة لحضور الجمهور للشراء أيضا وليس لإثبات التواجد فقط، حيث يقول البيان إن الحضور انعكس بوضوحٍ على نسب مبيعات أغلب الناشرين المصريين والعرب والأجانب، والتي تضاعفت، وهناك بعض الطبعات قد نفدت بالكامل لدى أجنحة قطاعات الوزارة، ولدى الناشرين.

وقالت الهيئة إنها حققت المبيعات الأكبر في تاريخها، حيث بلغت مبيعات جناحها في المعرض حتى مساء الأربعاء الماضي، أكثر من 93 ألف نسخة كتاب.
التصريحات الرسمية تؤكدها تصريحات أخرى لبعض الناشرين، لكن للأسف دون أي أرقام يصعب تكوين رأي قاطع في مسألة الشراء، واللافت أن التحركات الكبيرة جداً في أسعار السلع خلال الفترة الماضية وصرخات الناشرين بعد كل زيادة في أسعار الورق، جعلت الجمهور يعيش أجواء لما سوف يواجهه في المعرض، فلم تكن هناك مفاجأة كبيرة في ما يخص الأسعار، وإن لم تغب الحسرة بسبب قلّة الاختيارات أمام كثرة وتنوع العناوين المطروحة، حيث اختارت الأغلبية تقليص قوائمها لتناسب الزيادة الكبيرة في أسعار الكتب، فاختفت إلى حد كبير ظاهرة حقائب السفر التي كانت تخرج ممتلئة يوميا من صالات العرض، مع ملاحظة دخول منصات القراءة الجديدة ك"أبجد" على سبيل المثال، كمتغير جديد ربما ساهم إلى حد ما في تقليل عدد الكتب الورقية المباعة.

ماذا يقرأ الجمهور؟
الواضح أننا تجاوزنا الحديث عن وجود القارئ من عدمه، فحضوره يثبته التفاعل الكبير مع منصات القراءة ووسائل التواصل الاجتماعي لا الحضور في المعرض فقط، لكن ما نحتاج فعلا لمعرفته هو ماذا يقرأ؟ وحتى نعرف لا بد أن تعلن الهيئة عن العدد الإجمالي للكتب المباعة لدى دور النشر الأخرى وأبرز العناوين، لأن الملاحظة الدائمة في معرض القاهرة والمستمرة حتى الآن هي أن الإقبال الكبير وعمليات البيع الفعلية، تكون في الدور التراثية والإسلامية في صالات 3-4، والشبابية والمجهولة أحيانا في صالات 1-2 المخصصة للدور المصرية، ولا نشاهد الحشود الضخمة ولا الطوابير الممتدة إلا أمام اليوتيوبرز وفي العروض الفنية وصلاة الجمعة ومطاعم الأكلات الشعبية.

في المجمل يمكن القول أن هناك إصراراً على إنجاح المعرض منذ نقله إلى المقر الجديد؛ مواصلات متاحة من أماكن كثيرة تنقل الزوار بأسعار رمزية ومجاناً في بعض الحالات، وتقارير صحافية يومية تشيد بالمكان الجديد، وتشرح كيفية الوصول بكل الطرق المتاحة. كانت هناك نية واضحة للحشد هذا العام أيضاً، إذ قالت هيئة الكتاب في بياناتها المتتالية إن المعرض استقبل أكثر من 300 رحلة منذ يومه الأول من قرى ومحافظات مصر المختلفة، انقسمت إلى رحلات جامعية، ومدرسية، وأندية شباب، وجمعيات أهلية، ومؤسسات مجتمع مدني، وغيرها، وبلغ إجمالي الأعداد الوافدة إلى المعرض في هذه الرحلات 21547 فردًا، من 200 جهة متنوعة، من قرى ومحافظات مصر بأقاليمها المختلفة "وجاءت فكرة الرحلات إلى المعرض، لتشجيع الشباب، والأطفال على زيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب، للقراءة والاطلاع، والتعرف الثقافة المصرية، ورفع الوعي، وبناء الإنسان"، ولم يوضح البيان لمن جاءت الفكرة ومن يتولى تنفيذها والتنسيق مع كل هذه الجهات.

جوائز
من ناحية أخرى جاءت جوائز معرض الكتاب هذا العام في 16 فرعًا وثمانية مجالات هي: الرواية، والقصة القصيرة، وشعر الفصحى، وشعر العامية، والنقد الأدبي، وكتاب الطفل، والكتاب العلمي، والدراسات الإنسانية، بالإضافة إلى مجالين للشباب تحت سن 35 عامًا هما: شعر العامية، أدب الطفل بالإضافة الى 6 جوائز تقدمها الهيئة بالمشاركة مع جهات وهيئات أخرى، وبلغت قيمة كل جائزة في كل قسم 40 ألف جنيه مصري خاصة بكل فرع من فروع الجائزة، وبمجموع كلي 480 ألف جنيه تقريباً...

وجاءت الجوائز كالتالي: 
جائزة الرواية، لعمرو عافية، عن عمل "بعد أن يسدل الستار". جائزة "القصة القصيرة"، لمحمود عاشور عن عمل "من أوراق الغريب"... جائزة "شعر العامية"، لمدحت منير، عن عمل "مبروك .. خسرت الانتظار". جائزة "شعر الفصحى"، لعلاء خالد، عن عمل "العدم أيضا مكان حنين". جائزة "كتاب الطفل"، مناصفة لكل من، وليد طاهر، عن عمل "بحر وجبل"، وهند مصطفى، عن عمل "أسرار رنا"... جائزة "الدراسات الإنسانية"، بالهام محمد السيد، عن عمل "حكايات ستات من بلدنا"، وجائزة "النقد الأدبي"، لمحمد عبد الباسط زيدان، عن عمل "نظرية المجاز في الشعر المعاصر". وجائزة "أفضل ناشر مصري"، لرباب فؤاد الشهاوي - دار الفؤاد للنشر والتوزيع"، و"أفضل ناشر عربي"،  مناصفة لكل من، "محمد فريد زهران- مركز المحروسة للنشر والخدمات الصحفية والمعلومات"، و"ممدوح مروان عدوان -  دار ممدوح  عدوان  للنشر للتوزيع"... جائزة "الشعر العامي"، لأسامه عصام الدين، عن عمل "مشهد اغتيال البيدق"، وفي مجال "أدب الطفل"، فاز بها مناصفة كل من، سارة على، عن عمل "نونيا والحمام الزاجل"، وعلى سيد، عن عمل "أحفاد أليس الثلاثة وعصابة الألوان".

أما "جائزة أفضل كتاب مترجم للطفل"، ففازت بها، رضوى عبد الفتاح، عن ترجمة عمل "يوميات طفل يقرأ"، وفاز بجائزة أفضل كتاب مترجم،  كل من، صلاح الدين سعد هلال،  عن ترجمة عمل "ازدواجية الدين الأسرار المصرية وعصر التنوير الأوروبي"، ومحمد عبد الفتاح علي، عن ترجمة عمل "تاريخ شعبي لكرة القدم".

دورة هذا العام حملت الرقم 54 وأقيمت تحت شعار "على اسم مصر- معًا: نقرأ.. نفكر.. نبدع"، واختِير الشاعر صلاح جاهين ليكون شخصية المعرض، شارك فيها 1074 ناشرًا مصريًا وعربيًا وأجنبيًا، من 53 دولة، من بينها دول جديدة مثل المجر والدومينيكان، بالإضافة إلى فعاليات ‏ثقافية متكررة لا يجمعها رابط محدد تعتمد في الأغلب على فكرة الحشد. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها