السبت 2019/06/15

آخر تحديث: 13:10 (بيروت)

فاروق حسني.. الوزير الفنان مَلاك بجناحين!

السبت 2019/06/15
فاروق حسني.. الوزير الفنان مَلاك بجناحين!
حسني الذي لطالما سعى إلى تدجين المثقفين.. كتابه لا يجب أن يمرّ مرور الكرام
increase حجم الخط decrease
أكتوبر 1987. في أول اجتماع مع الرئيس مبارك بعد أداء القسم، تحدث فاروق حسني، وزير الثقافة الجديد الذي أثار اختياره عاصفة من الانتقادات لأنه كان مجهولاً للمثقفين وقتها، عن "التبشير الثقافي، والتصنيع الثقافي، ونظرية الشوكة الرنانة لنشر الثقافة في ربوع مصر". وبعد 32 عاماً، يتذكر الوزير الواقعة ويحكيها في مذكراته التي صدرت مؤخراً. يتذكر أنه تحدث 40 دقيقة كاملة، بخلاف الوزراء الآخرين، لكن للأسف من دون أن يشرح أياً من مصطلحاته السابقة، فقط أكد أن الرئيس اطمأن تماماً لتصوراته عن النهوض بالعمل الثقافي "وأدرك أنها قائمة على تصور علمي وفني يعي متطلبات المرحلة"!
 
الحقيقة التي أثبتتها السنوات الطويلة التي قضاها فاروق حسني في الوزارة - وهي 23 عاماً و3 أشهر و13 يوماً بحسب الكتاب - أنه كان مخلصاً تماماً لرؤيته التي طرحها في الاجتماع الأول، بالتحديد نظرية الشوكة الرنانة تلك التي تفسر بحثه المضني عن الاستعراض الفارغ، والمؤتمرات المكثفة والافتتاحات الوهمية، وعدوى "قص الشريط" التي نقلها للحكومات المتتابعة كلها. نظريته التي نفذها وتفوق فيها، والتي ربما ظل بسببها في كرسي الوزارة طوال تلك السنوات.. مجرد رنين فارغ وضجيج بلا طحن.

سجلّ الإنجازات
يعود إلى أرض المعركة بعد رحيل الخصوم. هكذا لخصت أسبوعية "أخبار الأدب" مذاكرات الوزير السابق الذي عاد ليبرئ نفسه، ويجمّل صورته، ويكيل الاتهامات للجميع. فيصف عالِم الآثار الراحل، أحمد قدري، الذي اعترض على مشاريعه وطريقة إدارته للآثار المصرية، بأنه عنيد وصِدامي، بل وأكثر من ذلك، أنه كان طامعاً في كرسي الوزير. وكل من هاجم حسني، بحسبه، كان إما غيوراً منه أو من أصحاب المصالح، ومنهم كبار كتّاب مصر وفنانيها، الذين، ويا للغرابة، يصر دائماً على وصفهم  بالأصدقاء!

عاد الوزير لينفي الغُبن فأكّده. فشكواه من التجاهل واضحة، ودهشته من عدم دعوته للافتتاحات التي يحبها واضحة أيضاً، علاوة على دهشة محرّرة الكتاب من تأخر تكريمه حتى الآن، وهو من وضع كل الأساسات لما يُفتتح حالياً من مبانٍ!

التحدي يظهر من الصفحات الأولى للكتاب، بل من الغلاف الداخلي الذي يبرز صورة مشوشة لاحتفال الألفية الشهير الذي ذهب بسببه الوزير إلى المحكمة بتهمة هدر المال العام، بعدما ثار الرأي العام المصري على الحفلة الفاشلة التي بلغت كلفتها تسعة ملايين دولار. وخصص فصلاً كاملاً للرد على ما قيل وقتها، يمكن تلخيصه ببساطة في أنها كانت عمليه كيدية كالعادة، من مغني أوبرالي فاشل كان يريد هو إحياء الحفلة بدلاً من الموسيقار العالمي جان ميشيل جار، وبالطبع رفض الوزير الفنان لأن المغني المصري "ينشّز"، وكالعادة أيضاً تفهّم الرئيس مبارك وجهة نظره ومرّ الأمر.

يتجلى الإرباك أيضاً من الصفحات الأولى، حيث يشكر فاروق حسني، الرئيس مبارك في مقدمته، في حين يقول الكاتب محمد سلماوي في الصفحة المقابلة أن معظم إنجازات ذلك العصر (عصر مبارك) في مجالات العمل الأخرى (غير الثقافة بالطبع) كانت شديدة التواضع وأن فاروق حسني تولى المسؤولية في عصر كانت السياسة الرسمية السائدة فيه، هي إبقاء الأوضاع كما هي عليه. وفى حين يمدح سلماوي ثورة 25 يناير ويسميها باسمها، تختفي الكلمة تماماً داخل الكتاب ولا يشار إليها إلا بـ"أحداث يناير". ربما لأن محررة الكتاب تذكر، على عكس سلماوي، أن تلك الثورة هي التي أطاحت الوزير من كرسي الوزارة.

لكن الأكثر إرباكاً فعلاً هو توصيف الكتاب نفسه. فهو عبارة عن حوار طويل مع الوزير أجرته الصحافية انتصار دردير، إضافة إلى شهادات ممن عملوا مع الوزير، وبعض الكتّاب والفنانين، ومنهم آدم حنين، وحسين فهمي، وعزت العلايلي، وزاهي حواس، ومفيد فوزي، وليلي علوي، ووحيد حامد. الوزير يقول في تقديمه إنها مذكراته لأنه لا يحب المونولوج الطويل، كما أنه يحب الرسم لا الكتابة، في حين تقول المحررة في البداية إنها ليست مذكرات، لتعود في نهاية الكتاب فتقول إن الوزير كلفها بكتابه مذكراته، ثم يقيم الوزير حفلة توقيع للكتاب ويوقّعه بنفسه!

في أي حال، كان محمد سلماوي هو الأوضح في وصف الكتاب، حين ابتعد به عن المذكرات والمعارك والسجالات التي خاضها الوزير عبر سنواته الطويلة في الوزارة، ولخص الكتاب باعتباره "سجلّاً للإنجازات"!

وهو فعلاً المنطق الذي اتبعته محررة الكتاب. فبخلاف توافقها مع ما يقوله الوزير، وحديثها الدائم عن عدد المباني التي افتتحها والكتب التي أصدرها، طعّمت الكتاب بنصوص تضامنيّة مباشرة، يكفي أن نقرأ منها مثلاً تلك الفقرة التي تقول فيها "إذا دخلتَ مبنى الأوبرا وتنامى إلى سمعك صوت الموسيقى والأوبرات العالمية وهي تنطلق من جنباتها، فتذكّر أن من وضع لمساتها ورسم ملامحها هو فاروق حسني، وإذا تجولت في أرجائها ورأيت لوحات كبار الفنانين تزين جدرانها وتماثيل عمالقة الفن والموسيقى في حدائقها، فثِق بأن وراء كل هذه السيمفونية رؤية الوزير الفنان"!

بحسب الكتاب، كل المعارك التي خاضها الوزير خرج منها منتصراً، وبالطبع على امتداد الصفحات لا أخطاء. الوزير منزّه عن الخطأ، وخصومه مساكين، لا يفهمون ما يفهمه ولا يعرفون ما يعرفه، يغارون منه ويتربصون به منذ منصبه الأول في قصر ثقافة الأنفوشي الذي بدأ أول أيامه فيه بمواجهة الموظفين المعترضين على تعيينه، فحطموا المكاتب والكراسي، وصولاً إلى يوم تعيينه وزيراً، والذي قوبل باعتراض أكبر من أهم وأشهر مثقفي مصر، رغم أنه كان يرفض المنصب ولم يكن ليقبله لولا ضغط عاطف صدقي رئيس الوزراء وقتها، الذي صرخ في وجهه: "أنت مجنون، مستحيل أن تعتذر.. يعني هو إحنا اللي واقعين من قعر القفة؟! عشت أنت سنوات طويلة في أوروبا، ما المانع أن تخدم البلد معنا سنتين أو ثلاث؟!". لم يكن صدقي يعرف وقتها طبعاً أن حسني سيبقى إلى أن يرحل هو عن رئاسة الوزارة وعن الحياة نفسها. أما العيوب فتأتي على طريقة حوارات نجوم السينما التي ترى أن أقصى عيوب النجم هو حضوره الطاغي وعفويته وصدقه ونزاهته!

أزمة صنع الله
بالطبع لا نقصد أن تذم المذكرات صاحبها، لكن فقط كنا نأمل في بعض الصفات الإنسانية التي تعطي المصداقية للكتاب وتنزل بصاحبها من مراتب الملائكة. فرغم الحديث الممتد عن التسامح والغفران والنسيان، لم يغفر الوزير للروائي صنع الله إبراهيم مثلاً، رفضه لجائزته، ولا كلمته التاريخية التي قال فيها إنه يرفض الجائزة الممنوحة من حكومة لا تملك مصداقية منحها، فوصفه بأنه كان يبحث الشهرة وعن "الشو" وأنه فقد مصداقيته ككاتب بعد هذا التصرف.


تقول محررة الكتاب أنه ردّ على سؤالها عن هذا الموقف بحدّة، وأجاب بأن ‬هذه ‬الجائزة ‬لم ‬تمنحها ‬له ‬الوزارة ‬ولا ‬الحكومة، ‬وإنما ‬منحتها ‬لجنة ‬من ‬الأدباء ‬العرب ‬ترأسها ‬الأديب ‬السوداني ‬الكبير ‬الطيب ‬صالح، ‬وهي ‬جائزة ‬استحدثها ‬ ‬المجلس ‬الأعلى ‬للثقافة ‬للرواية ‬والشعر ‬العربي، ‬انطلاقًا ‬من ‬مكانة ‬مصر ‬ودورها ‬الثقافي، ‬وكان ‬ جابر ‬عصفور ‬قد ‬أخبره ‬قبل ‬الحفلة ‬بثلاثة ‬أيام ‬بفوز ‬صنع ‬الله ‬إبراهيم، ‬فقال ‬له ‬لا ‬تخبره ‬حرصًا ‬على ‬عنصر ‬المفاجأة ‬الضروري ‬لأي ‬جائزة، ‬إلا ‬أنه ‬كان ‬قد ‬أخبره ‬بالفعل: "‬لذا ‬كان ‬لديه ‬الوقت ‬ليرتب ‬هذا ‬‮الشو‮‬، ‬فقد ‬وقفت ‬لجنة ‬التحكيم ‬في ‬استقباله ‬على ‬المسرح، ‬وصعد ‬وسط ‬تصفيق ‬الحضور، ‬ليعلن ‬رفضه ‬الجائزة، ‬ويغادر ‬المسرح ‬مزهوًا ‬بنفسه".

‬"كان ‬مشهدًا ‬تمثيليا ‬باهتًا"، بحسب وصف حسني، ‬أصاب ‬أعضاء ‬اللجنة ‬بالوجوم، ‬وأُسقط ‬في ‬يد ‬جابر ‬عصفور ‬الذي ‬شعر ‬بحرج ‬شديد، "‬إلا ‬أني ‬استوعبت ‬الموقف ‬بسرعة، ‬ولم ‬أشعر ‬بالحرج ‬ولا ‬بالأسى، ‬وأمسكت ‬الميكروفون ‬وقلت: ‬إن ‬رفض ‬صنع ‬الله ‬إبراهيم ‬الجائزة ‬يُعدّ ‬شهادة ‬للحكومة ‬المصرية ‬ولمناخ ‬الحرية ‬الذي ‬تعيشه ‬مصر، ‬وإن ‬فوزه ‬بها ‬دليل ‬ينفي ‬ما ‬قاله، ‬وأشدتُ ‬بلجنة ‬التحكيم ‬وحيادها ‬والجهود ‬التي ‬بذلتها ‬لاختيار ‬الفائز، ‬موجّهًا ‬الشكر ‬لهم، ‬وصفق ‬الحضور ‬وأعضاء ‬اللجنة ‬التي ‬كانت ‬تضم ‬عددًا ‬من ‬كبار ‬الأدباء ‬العرب".

ويضيف حسني: "في ‬الحقيقة ‬لم ‬يرهبني ‬الموقف ‬برمته، ‬بل ‬إنني ‬أثناء ‬إلقاء ‬كلمته (صنع الله) ‬كنت ‬أخشى ‬أن ‬يتطوع ‬أحدهم ‬ويقطع ‬الصوت، ‬أو ‬ينزل ‬ستار ‬المسرح ‬عليه، ‬لأنه ‬لو ‬حدث ذلك ف‬سيعكس ‬خوفنا ‬مما ‬يقوله، ‬وبالتأكيد ‬سيعتبرها ‬بعضهم ‬‮تعليمات ‬الوزير، ‬وأذكر ‬أنه ‬في ‬صباح ‬اليوم ‬التالي ‬لهذه ‬الواقعة ‬تناقل ‬البعض ‬أن ‬مباحث ‬أمن ‬الدولة ‬ستلقى ‬القبض ‬على ‬صنع ‬الله ‬إبراهيم، ف‬اتصلت ‬بالرئيس ‬ورويت ‬له ‬ما ‬حدث، ‬وقلت ‬له ‬إني ‬أخشى ‬أن ‬يقبض ‬على ‬صنع ‬الله ‬إبراهيم ‬فيتحول ‬إلى ‬بطل ‬قومي، ‬فقال ‬لي: ‬إيه ‬الكلام ‬الفاضي ‬ده، ‬وأكد ‬أنه ‬لن ‬يحدث ‬شيء ‬من ‬هذا ‬أبدًا، ‬وقال ‬بالحرف ‬الواحد: "هو ‬حر ‬يقول ‬ما ‬يشاء، ‬وردك ‬عليه ‬جاء ‬حاسمًا".

كان الوزير يخشى فقط من أن يتحول صنع الله إلى بطل! كل تلك السنوات لم تكن كافية لتطيب جروح الوزير، وكأن السؤال نكأ الجراح كلها، لأنه لم يكتف بما قاله بل أعماه الغضب إلى حد وصف صنع الله بأنه باحث عن الشهرة، وأنه فقد ‬مصداقيته ‬ككاتب: "‬كنت ‬أقرأ ‬له، و‬أعجب ‬برواياته، ‬لكني ‬أدركت ‬أن ‬كتاباته ‬تشبه ‬تصرفه، ‬وأنه ‬أحد ‬الباحثين ‬عن ‬الشهرة فهو ‬غير ‬معروف ‬على ‬المستوى ‬الشعبي، ‬ويبدو ‬أن ‬هذا ‬الأمر ‬ظل ‬يؤرقه.. ولو ‬كان ‬صادقًا ‬لاعتذر ‬حين ‬‬أُعلم ‬بفوزه ‬بالجائزة، ‬ولأصدر ‬بيانًا ‬كما ‬يريد، ‬لكنه ‬جاء ‬لتسلمها ‬وصعد ‬إلى ‬المسرح ‬ثم ‬وقف ‬يعلن ‬رفضه ‬لها، ‬لقد ‬أراد ‬أن ‬يعمل ‬‮شو‮‬ ‬لا ‬أكثر، ‬إلا ‬أن ‬هذا ‬الموقف ‬أساء ‬إليه ‬قبل ‬أن ‬يسيء ‬لأحد ‬آخر".

أزمة الروايات الثلاث.. والغيطاني
وكان قد سبق حديث حسني عن صنع الله، حديث آخر عن أزمة الروايات الثلاث: "قبل وبعد" لتوفيق عبد الرحمن، و"أبناء الخطأ الرومانسي" لياسر شعبان، و"أحلام محرمة" لمحمود حامد، والتي صادرتها وزارة الثقافة بعدما تسربت نسخ منها لمجلس الشعب وهوجمت بضراوة قبل أن تطرح في الأسواق باعتبارها تخدش الحياء العام وتخرج عن الآداب العامة. ودان فاروق حسني مسؤولي النشر في هيئة قصور الثقافة، بل وضحّى برئيس الهيئة وقتها، علي أبو شادي ومن معه، في حين أنه نفسه كان قد دافع عن رواية حيدر حيدر "وليمة لأعشاب البحر" وكانت قد صدرت ضمن سلسلة "آفاق أدبية" التابعة للهيئة نفسها ويرأس تحريرها الكاتب إبراهيم أصلان، وشهدت صراعاً كبيراً بين جهات عديدة وقتها. وحين سألته محررة الكتاب عن هذا الموقف الذي يبدو متناقضاً، رد فاروق حسني بأحد أغرب الردود على الإطلاق، فقال: "وقوفي مع رواية وليمة لأعشاب البحر كان سياسياً" لأن الأزمة في رأيه، كانت مفتعلة ومدفوعة من الخارج، وكأنما ينفي عن نفسه تهمة مناصرة حرية الرأي والتعبير ولو لمرة واحدة! يؤكد الانطباع فيقول: "الروايات الثلاث صدرت عن هيئة تتبع وزارة الثقافة التي تحكمها سياسة في النشر، فنحن نؤدي دوراً تربوياً وثقافياً في المجتمع، ولا بد من اختيارات منهجية لما نصدره.. لقد استهجنتُ ذلك بشدة وتصوّرت رد فعل شاب وجَد شقيقته تقرأ إحداها، فشعرت بالخجل أن تصدر هذه المطبوعات عن وزارة الثقافة"(!!)


في الفصل نفسه الذي خصصه، في ما يبدو، لتخليص حساباته مع الكتّاب والمبدعين، يتهم حسني الروائي جمال الغيطاني بأنه كان يهاجمه فقط لأنه أوقف الإعلانات التي كانت يخصصها لجريدته، ويقول: "كان صديقي قبل أن أتولى الوزارة، وبعد الوزارة علم أني سأصدر جريدة ثقافية فجاء يخبرني أنه يُعدّ لإصدار جريدة "أخبار الأدب" وقال لي: اعتبرها جريدتك وساعدنا بإعلانات بدلاً من أن تصدر جريدة. وافقتُ، ووقفَت بيني وبينه أطراف عديدة، وأعتقد هو أني منعت الإعلانات عن جريدته، فبدأ يهاجمني، وكان محارباً شرساً، وكنت أردّ على هجومه في الصحف".

لا تكذّبه المحررة ولا تراجعه، فقط تذكّره بأنه ذهب بـ"أخبار الأدب" للبرلمان المصري مهدداً "هي دي الصحافة التي تدعمها الدولة لكي تهاجمنا"، لكنه ردّ في اتجاه آخر. هكذا ببساطة، يشوّه الوزير المختلفين معه، ويعود ملاكاً بجناحين. فرغم الخصومة الكبيرة، يقرر الوزير منح الغيطاني جائزة الدولة، "أعطيتُ صوتي لإبداعه وليس لشخصه، وفعلت الشيء نفسه مع بعض من فازوا بالجائزة وكانوا في خصومة شديدة معي، مثل الشاعر فاروق جويدة، ود.نعمات أحمد فؤاد؛ لأني أنظر لعطاء المبدع وليس إلى تصفية حساب معه".. ملاك حقيقي! 

صحيح أن الكثير من هذه الآراء كان فاروق حسني قد قاله في حوارات سابقة، لكنها حين تأتي الآن في سياق المذكرات وتُخلّد في كتاب، فلا بد من التوقف عندها والردّ عليها. فكلماته في حق الغيطاني وصنع الله وآخرين، تكشف الوجه الحقيقي للوزير الذي سعى طوال سنوات عمله إلى تدجين المثقفين. وتكشف كيف يرى نفسه وكيف ينظر للآخرين، موقفه من حرية الرأي ومن الثقافة الحقيقية. فرغم مرور كل تلك السنوات، ورغم كل ما جرى، لم يتغير، ولم يستطع أن ينسى من وقفوا في وجهه وعارضوا سياسته. لذا، لا يجب أبداً أن يمرّ هذا الكتاب مرور الكرام.

(*) كتاب "فاروق حسني يتذكر.. زمن من الثقافة"، حررته الصحافية إنتصار دردير، وصدر مؤخراً عن دار نهضة مصر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها