الإثنين 2019/03/18

آخر تحديث: 15:53 (بيروت)

"أهل الفن" لحسن الجريتلي.. حكّاؤون يكرمون العصر الذهبي

الإثنين 2019/03/18
"أهل الفن" لحسن الجريتلي.. حكّاؤون يكرمون العصر الذهبي
على بساطٍ مسرحي أحمدي، ترتسم بَساطة البوح المصحوبة بعزف موسيقي
increase حجم الخط decrease
تُعتبَر فرقة "الورشة" التي تأسست العام 1987، الفرقة المسرحية المستقلة الأولى في مصر. بعد عمله كمساعد مخرج مع يوسف شاهين، قرّر المخرج حسن الجريتلي، الذي تتلمذ بين لندن وفرنسا حاملاً شهادتين - الأولى في المسرح والأدب الفرنسي، والثانية في السينما والإذاعة والتلفزيون – أن ينشئ فرقة مسرحية، خرّجت في ما بعد أسماء أصبحت بارزة في الدراما المصرية، منها عبلة كامل وسيد رجب وعارفة عبد الرسول، بالإضافة الى دينا الوديدي التي يلمع اسمها اليوم في عالم الموسيقى والغناء.

بعد العمل على نصوص عالمية كان أولها لبيتر هاندكه وداريو فو، كرّت السبحة لتطاول كتّاباً ومسرحيين آخرين، مثل آلفريد جاري وكافكا وهارولد بينتر. خضعت كل تلك الأعمال لعملية تمصير، بحيث قدمت النصوص في سياقات محلية لا تتوقف فقط عند حد استخدام اللهجة العامية المصرية، اذ تحول عنوان نص جاري "الملك أوبو" الى "دايرٍ داير"، ولم يخلُ العرض من خيال الظل ومن طقاقيق مصرية، تتجاور مع سينوغرافيا عبثية تختلط فيها عناصر من المسرح الأسيوي والباليه الثلاثي ballet triadique لتشيلير المؤسلبَين. شيئاً فشيئاً ستنتقل الفرقة الى فنون العرض التراثية، وابتداء من العام 2003، ستركز على الموروث الشعبي، لا سيّما الأعمال الفنية المحلية، أكانت مسرحية، موسيقية أو سينمائية. قدمت الورشة "رصاصة في القلب" لتوفيق الحكيم وأوبريت "أيام العز" (2006) لبديع خيري وداود حسني، كما أولت اهتماماً كبيراً بالإشتغال على السيرة الهلالية منذ التسعينات، وغالباً ما كان التراث والفن التقليدي يحتلان صدارة عمل الفرقة، الى أن تنبه حسن الجريتلي الى ملكة الحكي الذاتي. بعيداً من حرفة الحكواتي التقليدية، يذكر الجريتلي في إحدى المقابلات أنه أثير بالحياة اليومية للناس، ووجد لمرجعية فعل الحكي ما يقارب 90 مليون حكاء من مصر.

في هذا السياق، يندرج عرض "أهل الفن"- الذي قدم في إطار شهر الفرانكوفونية، من تنظيم المعهد الفرنسي في كل من القاهرة وبيروت وحمانا - ضمن عروض الحكي الغنائية. من الممكن النظر الى هذا العرض على أنه تكريم للعصر الذهبي للغناء والسينما المصرية. مستنداً على "آه يا ليل آه يا عين"، الكتاب المصور للميا زيادة، سيقوم كل من الكاتب المسرحي شادي عاطف، الموسيقي عيسى مراد، الممثلة والراقصة آية الراوي، والمغنيان محمد ميدو اسماعيل وداليا الجندي، والجريتلي، بمحاكاة حكاياتهم الشخصية مع مطربي وراقصي الزمن الجميل.

على بساطٍ مسرحي أحمدي، ترتسم بَساطة البوح المصحوبة بعزف موسيقي على العود والطبلة. يجلس كل من المؤدين على كرسيه ويبدأ كلٌ بالحكي. عيسى يحكي افتتان والده بفريد الأطرش، ففي السبعينات ذهب الأخير من فلسطين المحتلة الى كازينو فريد الأطرش في الروشة(بيروت)، فقط ليلتقي بصاحب "لحن الربيع" ولأخذ بعض الصور معه، الأمر الذي أخرّ عملية زواجه عاماً كاملاً بسبب النفقات التي تكبدها في تلك الرحلة. انتظر أبو عيسى قدوم فريد الأطرش لأيام بسبب سفره للعلاج ليعود خائباً، وليحقق له حلمه عيسى بعد أربعين عاماً.

آية، الحكّاءة اللبنانية، تتحدث عن جدها وعن شغفه بالرقص الشرقي وتحية كاريوكا وسامية جمال، اللتين تدربتا على يد بديعة مصابني، ولكل طريقتها وتقنيتها الخاصة في الرقص. هذا الشغف الذي انتقل من الجد الى الحفيدة، دفعها الى ممارسة الرقص عندما ذهبت الى أوروبا.

شادي أخبر الحاضرين في مسرح Montaigne عن الخلاف بين الجدتين حول تسميته حين وُلد، الى أن دفعت الصدفة المحض الى اسم شادي، بناءً على أغنية فيروز "ضاع شادي". ومنذ ذلك الوقت، ولشادي علاقة خاصة بفيروز، الى أن سافر الى دمشق وحصل ما لم يكن متوقعاً.

أما الجريتلي، مؤسس الورشة، فبدأ حكايته بسرد تفاصيل حول شغله مع يوسف شاهين والإتصال الهاتفي الذي تلقاه من ليلى مراد، وكيف التقى الشاعر صلاح جاهين الذي كان مكتئباً وعندما طلب منه أن يشتغل على اقتباس الملك أوبو لجاري، بعدما قرأها جاهين وافتُتِن بها قال له: "أنا؟ أنا أنتهيت!".

هكذا، توالت الحكايا بكل سلاسة وبكثيرٍ من العطاء والحب واللطف ورقة البوح... من دون إيلاء كثير من الجهد في المسرحة، لأن المسرحة تختصرها الفرقة بفعل الحكي في حد ذاته وبتفاصيل الحكاية التي نُسِجت بعناية.
من المؤسف أن تعرض "أهل الفن" لمرة واحدة فقط في بيروت! 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها