روي ديب عن منع "بيت البحر"(*)

1- إنّ معادلة تقديم الرأي والرأي الآخر تنطبق على جهتيّن متعادلتين في النقاش. أمّا هنا فلا نقاش. نحن هنا أمام أصحاب حقّ في مشاركة عمل فنيّ مع الجمهور ومغتصبٍ لذلك الحقّ. فإمّا تكون الوسائل الإعلاميّة مع الحقّ أم مع المغتصب.

2- منع الرقيب عرض فيلم "بيت البحر". الصحافيون والقراء/المشاهدون لم يتمكنوا من الإطلاع على مضمون الفيلم. وبذلك ليس في إمكانهم مناقشة أيّ تصريح يصدر عن الرقيب، أو توصيف للفيلم، أو حتى عرض أسباب المنع. بل إنهم يقدمون وببساطة مساحة أوسع للرقيب لكيّ يكرّس رؤيته ومنطقه في حكمه على عمل فنيّ من دون أيّ تشكيك أو مساءلة لرأيه.

3 - نقلُ رأي الرقيب، وخاصة في حالة فيلم "بيت البحر"، كرّس إستعمال عبارات مثل "فيلم مسيء إلى صورة لبنان"/ "مسيء إلى صورة المجتمع اللبناني" / "مسيء إلى صورة المرأة اللبنانيّة" / "فيلم يرّوج لكذا وكذا وكذا …" / "فيلم ذو لغة بذيئة" وغيرها من العبارات التي لا تمّت إلى فنّ السينما بأي صلة. السينما لا تسيء ولا تروّج، لكن نقل رأي الرقيب يسيء إلى فنّ السينما ويرّوج لمنطق الرقابة. السينما تطرح، تعالج، تناقش، تثير المشاعر وتحفّز على التفكير…

4- إن تلك الوسائل الإعلاميّة، والتي يطلق عليها لقب "السلطة الرابعة"، وقعت في فخّ الرقيب الذي بقي يماطل في التصريح عن سبب رفضه إعطاء إذن عرض لفيلم "بيت البحر" إلى أن شعر أن هنالك معارضين بشدّة وكثُر لرأيه وفعله، فراح يصرّح للإعلام ما بإعتقاده سوف يقلب الرأي العام على مضمون الفيلم. هكذا إستطاع الرقيب جرّ تلك الوسائل الإعلاميّة ومعها جمهورها إلى مناقشة مضمون فيلم لم يشاهدوه عبر التهويل بمضمونه، بدلاً من أن يكون دور تلك السلطة الرابعة مناقشة ورفض منطق الرقابة المسبقة على الأعمال الفنيّة، والدفاع عن حقّ كلّ فرد في مشاهدة الفيلم ولكي يتمكن عندها من مناقشة مضمونه بذاته من دون رقيب عليه.