السبت 2016/05/21

آخر تحديث: 11:19 (بيروت)

نكبة وبقاء: حكاية فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل، 1948-1

السبت 2016/05/21
نكبة وبقاء: حكاية فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل، 1948-1
increase حجم الخط decrease
 صدر حديثاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية نكبة وبقاء: حكاية فلسطينيين ظلوا في حيفا والجليل، للمؤرخ عادل مناع، وهو يتكوّن من مدخل ومقدمة، ومن فصول سبعة، وخاتمة...

يتحدث المؤلف في مدخل الكتاب عن حكاية قريته "مجد الكروم"، وعن تفاصيل المذبحة التي وقعت فيها، وعن قصة إبعاد عائلته عن فلسطين سنة 1948، وعيشها في الشتات في مخيم عين الحلوة بلبنان، ثم عودتها إلى القرية قي صيف سنة 1951. ويذكر كيف ترعرع منذ أواخر خمسينيات القرن العشرين على روايتين لمجريات سنة 1948: رواية صهيونية التزم بها معلمو المدرسة، ورواية فلسطينية وفرتها العائلة لأبنائها.

ويؤكد مناع، في المقدمة، أن الحقائق التي يسعى إلى كشفها المؤرخ "لا تتحدث إلا حسب رأي ووجهة نظر واختيار المؤرخ "، معتبراً أن عمل المؤرخين " ليس مطلقاً "، وأن الاستناجات البحثية تظل " محدودة الزمان والضمان ولا تشكّل كل الحقيقة عن أحداث فترة الدراسة ". ويشير إلى أن كتابه يعيدنا إلى حرب 1948 ونتائجها من وجهة نظر المهزومين الذين لم يسمع صوتهم في أحداث النكبة، ويسلط الأضواء على مسألة "عدم الطرد"، أي على من لم يطردوا أو هجروا لكنهم عادوا إلى بلداتهم، بدلاً من البحث مرة أخرى في مسألة تهجير الفلسطينيين، وفي وجود أو عدم وجود خطة إسرائيلية عامة لطرد الفلسطينيين. ويروي قصة فلسطينيين نجحوا في البقاء في حيفا والجليل رغم سياسة التطهير العرقي. أما بخصوص مصادر البحث، فيذكر المؤلف أنه  اختار أن يعتمد بشكل مهني ومدروس على الروايات الشفوية التي جمعت من سكان الجليل، إلى جانب المصادر المكتوبة والمطبوعة، ما يجعل الدراسة  نموذجاً   لتاريخ " يكتب من القاعدة بعكس معظم الروايات التاريخية التي كتبت من وجهة نظر النخب".

في الفصل الأول، الذي جاء بعنوان: "النكبة ومعانيها المتعددة سنة 1948"، يسلط مناع  الأضواء على المعاني المختلفة للنكبة حتى الهدنة الثانية في صيف 1948؛ فيتناول النكبة في نظر النخب العربية (قسطنطين زريق، جورج حنا، موسى العلمي، محمد نمر الهواري، عارف العارف)، ثم يتناول العناوين الفرعية الآتية: بدايات النكبة ؛ الخطة دالت وبداية الهزيمة العربية في نيسان/أبريل 1948؛ النكبة كما رآها سكان الجليل  وجربوها ؛ سر بقاء الناصرة ونجاتها من الدمار؛ أوضاع الجليل خلال فترة الهدنة (صيف-خريف 1948).

أما في الفصل الثاني، الذي حمل عنوان: " إتمام احتلال الجليل في عملية حيرام " [في تشرين الأول/اكتوبر 1948]، فيتحدث المؤلف عن الجليل عشية احتلاله، وعن استكمال احتلال شمال فلسطين خلال عملية "حيرام"، وعن حكايات التهجير والمذابح التي ارتكبت في الجليل وأعمال القتل والتهجير في القرى الأخرى؛  ويتساءل: كيف نفسر نجاح الفلسطينيين في الجليل بإفشال خطة الترحيل إلى حد كبير، على الرغم من محاولات التهجير والمذابح التي بلغ عددها 15 مذبحة؟  معتبراً أن دور السكان ومقاومتهم للتهجير والتحايل عليه لعب دوراً كبيراً في بقائهم  في وطنهم.  
ويقدم  الفصل الثالث، بعنوان: " الشيوعيون العرب ما بين النكبة والاستقلال"، بحسب مناع، "قراءة جديدة" لدور الشيوعيين الفلسطينيين في حيفا والجليل عام النكبة وما تلاها بقليل، مركزاً، بوجه خاص، على موقف "عصبة التحرر الوطني" من الصهيونية ومن  قرار التقسيم، وعلى التحوّل الذي طرأ على موقفها  وجعلها تدعم قيام الدولة اليهودية، ثم يتناول بالتحليل بداية تزعم الشيوعيين الأقلية العربية في إسرائيل والتحوّل من عصبة التحرر الوطني إلى الحزب الشيوعي الإسرائيلي (ماكي)، معتبراً  أن قرار غالبية ناشطي العصبة الانضمام إلى هذا الحزب وتبني  سياساته كان نوعاً من "خيارات البقاء" التي اتخذها الباقون في حيفا والجليل، وهو بقاء  تم تغليفه وتسويقه كخيار إيديولوجي مستقل، لكنه كان في جوهره نتاج تحوّل الموقف السوفياتي من معاداة الصهيونية إلى التحالف معها.  

يتتبع مناع، في الفصل الرابع بعنوان: "استمرار التهجير بعد صمت المدافع"، أحوال الباقين في شمال فلسطين بعد انتهاء الحرب في أوائل سنة 1949، ويعالج مسائل الخوف والطرد ومحاولات العودة والتأقلم للعيش ضمن الحدود والجغرافيا الجديدة لما بعد النكبة. كما يتعرض لاستمرار سياسة تهجير الفلسطينيين باسم دواعي الأمن ومحاربة "المتسللين"، ولدور العرب الفلسطينيين وطرق مواجهتهم السياسة الإسرائيلية التي حاولت التخلص منهم أو تقليص عددهم قدر المستطاع.

ويلقي الضوء، في الفصل الخامس بعنوان: "حكايات أشخاص وحكايات قرى"، على قرى المثلث التي نقلت إلى سيطرة  إسرائيل في ربيع سنة 1949، وعلى عودة أهالي قرى عيلبون وعيلوط وكفر قرع، ويتوقف عند " الغائبين الحاضرين " كاللاجئين في بلدهم، ويحكي حكايات بعض الأسرى والعائدين، وحكاية مذبحة كفر قاسم سنة  1956 بصفتها  نقطة تحوّل في حياة العرب الفلسطينيين الذين بقوا في وطنهم.

ويستعرض مناع في الفصل السادس بعنوان: "صراع البقاء بين السياسة وجهاز القضاء"  أدوات وسلوكيات التأقلم تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، والقوانين التي وظفت في خدمة سياسة القمع، ويقدم نماذج حية لكيفية استغلال المواطنين العرب المؤسسات المدنية والمحاكم، وبخاصة  محكمة العدل العليا، بصفتها ساحات أخرى لنضالاتهم من أجل البقاء. كما يتناول المحاولة التي قامت بها السلطات الإسرائيلية لتجنيد الشباب العرب في الجيش سنة 1954. 
وفي الفصل السابع والأخير، الذي جاء بعنوان: " الانتخابات البرلمانية والسلوك السياسي"،  يعالج المؤلف تنظيم العرب السياسي  وأنماط تصويتهم في انتخابات الكنيست الأولى (1949) والثانية (1951) والثالثة (1955) ، ويحلل النتائج التي حصل عليها بوجه خاص، بين المواطنين العرب، كلٌ من حزب "مباي" وحزب "مبام" والحزب الشيوعي الإسرائيلي (ماكي)، معتبراً أن تصويت العرب في انتخابات الكنيست أصبح أداةً وسبيلاً لتأمين البقاء ومنع الطرد من البلد.  
وتكمل خاتمة الكتاب  دائرة الأحداث حتى الحرب التي شنتها إسرائيل ضد مصر سنة 1956، في إطار العدوان الثلاثي، والمجزرة التي وقعت  في قرية كفر قاسم، حين أعلن الجيش الإسرائيلي منع التجول في منطقة  المثلث قبيل بداية الحرب بساعات في 29 تشرين الأول/أكتوبر 1956، تلك المجزرة التي أسفرت عن قتل 49 شخصاً من سكان القرية،  والتي عززت، بحسب المؤلف، تكاتف العرب الفلسطينيين ونضالهم المشترك للعيش بحرية وكرامة في وطنهم المسلوب.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها