- هناك إنسجام بين الإثنين، ومرد ذلك، أني أتحرك، أحب التحرك، لا سيما حين أغني، فلا يمكنني الوقوف في مكان واحد، والثبات عليه، وربما لهذا السبب لا أنتعل حذائي على المسرح، أغني عارية القدمين على الدوام، لكي أظل على احتكاك مع الأرضية، وفي رشاقة عليها. وقد يكون جسمي أضعف من صوتي، أو أقل استطاعة منه، لذا، وبطريقة غير مقصودة، أتحرك لكي أوقفه على صوته، أو على حنجرته.
* أو في حنجرته، نهوض الجسم في حنجرته. لكن، قبل ذلك، لتحضير أغنياتك، أو ألبوماتك على العموم؟
- غالباً ما أعتمد على الإرتجال في تأليف الأغنيات، وبالتوازي مع ذلك، هناك تحضير مستمر، يستند على أبحاثي، واكتشافاتي، وتعرفي على فنانين جدد. بالإضافة إلى أنه تحضير غير محدد بوقت، أو بخطة محكمة، فحين أقرر إصدار ألبوم، أدرك أنه سيتضمن كل ما عشته ورأيته وسمعته قبل مراحل إنتاجه.
* هل القراءة تشكل جزءاً من هذا التحضير؟
- في الماضي، كنت أقرأ كثيراً، لا سيما الأدب الكلاسيكي، ثم ذهبت من الأدب إلى مجالات أخرى، مثلاً قرأت حنا أرندت، التي كانت، هي وغيرها، توحي لي بأن شيئاً من العدالة ممكن في الحياة. في وقتنا هذا، أقرأ كتب عن الـzen، لكنني، وعلى الرغم من ذلك، لا أجد الكثير من الوقت للقراءة، وأسعى إلى مضاعفة قراءاتي باللغة الإنكليزية، أرغب في السفر وقراءة هذه اللغة، التي لا تزال، بالنسبة لي، شبه مجهولة نصياً. ومسعاي هذا يتعلق بما أجده من ضجر في القراءة بالفرنسية، ومن وجع في القراءة بالعربية. طبعاً، ما أقرأ يجد طريقه غير المباشر إلى عملي، ذلك، دون أن يطبعه. هذا، مع العلم، أني لا أحب قراءة كتب تتناول العلاقة بين الغناء ومجالات أخرى، كالغناء والأدب مثلاً، إذ أنزع إلى القراءة عن فنانين، وعن حقبات، ومؤخراً، قرأت بيوغرافيا بوب ديلان، ولم أكملها حتى النهاية، وقد ذُكر في صفحاتها الكثير من المغنين، الذين لم أكن على معرفة بهم.
* عند تناول عملك في مقالة أو نص، غالباً ما يُربط بين صوتك وهويتك، فعلياً، هل تجدين للثانية وطأة شديدة على الأول؟
- ربما، ربما في السابق، لكن، ليس في الوقت الحالي، لأنني اليوم أتساءل عن هذا الربط ومآلاته، لا سيما بعد أن اختلفت علاقتي مع نفسي ومع جسمي ومع أحاسيسي. وبعد أن أصدرت ألبومي الأخير، شعرت أن إدراكي بدأ بالتغير. فعلياً، ثمة عادات أو سلوكيات، منشأها قديم، ولا تزال موجودة فيَّ، لكنني، أطمح إلى التخلص منها مثلما تخلصت من غيرها. ثم، أنني بدأت أتقدم في السن، والحياة التي أعيشها تجعلني أعيد النظر في طرق عيشي، أنا الآن في مرحلة لا أعرفها، لا أعلم أين أقع فيها، لكن، كل ذلك غير مهم، وغير ضروري، لأن بمقدور المرء أن يضيع، ويبقى على ضياعه، أنا الان ضائعة.
* والإنتماء؟
- صراحةً، لا أعرف إن كان يهمني أم لا، غير أني حتى الآن لا أعد نفسي فرنسية رغم انقضاء سنوات على عيشي في فرنسا، دائماً، يعتريني شعور بأنها ليست بلدي الأخير. أنزع باستمرار إلى التنقل من مكان إلى آخر، وقد لا يحصل ذلك، وهذا لا ينفي أنني أقرب إلى البداوة منه إلى الإستقرار.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها