الإثنين 2015/01/26

آخر تحديث: 14:02 (بيروت)

جيمس باتيرسون:لا حياء في تسويق كتاب.. ولو بقنبلة موقوتة!

الإثنين 2015/01/26
جيمس باتيرسون:لا حياء في تسويق كتاب.. ولو بقنبلة موقوتة!
إدفَعْ 300 ألف دولار واقرأ الكتاب في 24 ساعة.. قبل أن يدمّر نفسه!
increase حجم الخط decrease
أي مبلغ قد يبدي قارئ مخلص استعداداً لدفعه، مقابل لقاء كاتبه المُفضل على مائدة الغداء؟ هذا السؤال قد يمرّ في حديث عابر، غير ذي معنى، قبل أن تُقدّم لك هذه الفرصة مقابل مبلغ مادي ليس بزهيد. والإجابة على السؤال تحتاج أن يكون كاتبك المفضل هو جيمس باتيرسون، الروائي الأميركي الأكثر ثراءً على كوكب الأرض والأكثر ولوجاً إلى عالم التسويق والإعلان. غير ذلك، يمكنك ببساطة ترصّد أي كاتبٍ مشهور وتعكر مزاجه بفضولك أثناء حفلة لتوقيع كتابه، أو في مقهى يعتاد التردد إليه، أو حتى مراسلته وإزعاجه بالاتصالات.

لكن عندما يتعلق الأمر بباتيرسون يبدو كل شيء مختلفاً في عالم الأدب، إذ تخرج الكتابة من كلاسيكيتها ونخبويتها المعرفية إلى سوق النخبة الاقتصادية، مثلها مثل منتجات شركة "آبل". بل تبدو منتجات "آبل" متواضعة، أمام 300 ألف دولار يجب أن تتوافر في جيب القارئ الباتيرسونيّ حتّى ينعم بغداء خمس نجوم مع صاحب "أليكس كروس"، وتكون ثمن النسخة الأولى من الرواية. لكن ذكاء باتيسرون التسويقي أو تقنيته في "استغلال قرّائه"، كما وصفه جون والش في "الاندبندنت" الخميس الماضي، يتجاوزان فكرة تقليدية عن حفلة غداء لكاتب وقارئه، يتجاذبان فيها الحديث عن أعمال الكاتب. ثمّة رزمة من الترفيه الدرامي سيحصل عليها القارئ إضافة إلى الغداء والمشروب الفاخر جنباً إلى جنب مع باتيرسون.

الفيديو الترويجي الذي ابتكره باتيرسون ونفذّته "مذر نيويورك"، بالتعاون مع الناشر، يتضمن حصول القارئ على نسخة من الرواية الجديدة للكاتب "برايفت فيغاس"(*). لكن هذه النسخة ليست اعتيادية، فهي صالحة لمدة 24 ساعة فقط، يتوجب على القارئ فيها انهاء الكتاب (500 صفحة)، قبل أن يدمّر نفسه أو ينفجر على طريقة سلسلة أفلام Mission Impossible.. فهو موصول إلى قنبلة أوتوماتيكية بعدّاد تنازلي! في الوقت ذاته، على القارئ ألا يخاف فالعملية آمنة، الثلاثمئة ألف دولار ستضمن له وجود فرقة عسكرية خاصّة ومدربة تحمل له الكتاب بينما يقوم بالقراءة من خلال منظار ذهبي وهو يتمتّع بالخدمات التي سيقدمها له فندق من الدرجة الأولى لمدّة يومين. وعندما تنتهي العملية سيطير القارئ، ومعه الفرقة العسكرية، في مروحية خاصة، تهبط في فوهة بركان حيث يتم رمي الكتاب لينفجر هناك. العملية المُكلفة تبدو كفيلم أكشن، يؤدي القارئ بطولته، محاولاً انهاء الكتاب قبل أن ينفجر. مثل بروس ويليس أو توم كروز، على القارئ أيضاً أن ينقذ العالم بأن يتخلص من القنبلة الموقوتة في مكان آمن.

باتيرسون، القادم من التسويق إلى الرواية، أحدث فرقاً في سوق المبيعات الأدبية عندما تجاوز جي. كي رولينغ، صاحبة "هاري بوتر"، برقم يقارب الـ300 مليون نسخة، متربعاً على عرش "الكاتب الأكثر مبيعاً" في تاريخ البشرية. إضافة إلى الانتاج الغزير وغير المسبوق لباتيرسون، الذي تجاوز 67 إصداراً في عشر سنوات، يتعرّض الكاتب لنقد لاذع من قبل وسائل الإعلام بسبب تقنياته المستخدمة في الكتابة والنشر. يتّهمه أصحاب "ماكسيموم رايد" بأنه لا ينتمي إلى عالم الأدب والرواية لأنه يتعامل مع الكتابة كمنتج قابل للاستهلاك ويعمد إلى تحويل مهنة إنسانية تحاكي الواقع البشري إلى عملية تقنية يشترك فيها عدد كبير من الكتّاب في ورش عمل على الحبكة والنص. يستخدم باتيرسون مهاراته التسويقية التي اكتسبها أثناء عمله كمدير تنفيذي لشركة والتر تومبسون الإعلانية، حتى العام 1996، في ترويج الإصدارات التي يضع اسمه عليها مع إشارة للكتّاب المُشاركين.

أدبياً يُجمع الكثير من النقاد، ومن بينهم باتيسرون في حديثه عن نفسه، على أنه لا قيمة أدبية جديدة مُضافة في أعماله، فهو أقرب إلى مهنة القاصّ والراوي منه إلى الروائي. يعرف كيف ينسج الحبكة ويجعل النص قريباً من القارئ باتباعه تقنية المقاطع القصيرة والمكثفة في أعمال تتركز حول الخيال التشويقي والدرامي. وفي روايته الجديدة "برايفت فيغاس"، يسرد باتيرسون سيرة الجريمة السرية في مدينة لاس فيغاس الأميركية، بين رجل أعمال يصل حديثاً إلى المدينة ومحقق يتورّط في تعقيد مشهد الجريمة الذي يولّد نفسه على طول الرواية. الموقع الرسمي لباتيرسون سيبيع أيضاً ألف نسخة إلكترونية، ذاتية التدمير، تختفي من منصة الكتاب الإلكتروني بعد 24 ساعة.

العرض ما زال قائماً، ولست بحاجة إلّا أن تكون قارئاً نهماً لباتيرسون وفي حوزتك 300 ألف دولار ولست مهتماً بما يعادل 6 إجازات من الدرجة الرفيعة في أغلى منتجعات العالم، كما لا تنسى أن تكون من أصحاب مهارة القراءة السريعة أيضاً لتنهي الكتاب خلال 24 ساعة قبل أن يقوم بإنهائك. ذلك بالتأكيد قبل أن يُصبح الكتاب متوافراً في المكتبات في المقبل من الأيام...  وبـ25 دولار.

(*) تستقبل الأسواق والمكتبات الأميركية، ابتداء من اليوم، رواية باتريسون بطبعتها الورقية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها