الإثنين 2022/06/06

آخر تحديث: 14:21 (بيروت)

الضجيج حول صحة عباس:مؤشر على تعاظم معركة الخلافة؟

الإثنين 2022/06/06
الضجيج حول صحة عباس:مؤشر على تعاظم معركة الخلافة؟
increase حجم الخط decrease
لم يكن النبأ، الذي توارد نهار السبت عن تدهور الحالة الصحية لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، هو الأول، بل باتت الأنباء شائعة بين الفينة والأخرى، خلال السنتين الأخيرتين، قبل أن تنفيه أوساط مقربة من عباس، سواء ضمنًا أو علانية.

لكن نبأ السبت بدا مختلفًا، من حيث الوقع، وحجم الإنتشار، وجدية التعاطي معه من قبل وسائل إعلام دولية حرصت على تقصي حقيقة الأمر، خاصة أنه جاء في ظل وضع "حساس" فلسطينياً، سواء بسبب الظرف السياسي والميداني الذي يزداد تعقيدا وقتامة، أو مع تنامي وتيرة الصراعات في أروقة فتح والسلطة، ارتباطا بمعركة "خلافة عباس" التي يُعتقد أنها تزداد سخونة يومًا بعد يوم، لا سيما بعد تعيين عضو مركزية حركة "فتح" حسين الشيخ أمينًا لسر منظمة "التحرير".

ومما عزز الاعتقاد بأن جهة قريبة من موقع السلطة، قد تكون على خصومة مع حسين الشيخ، هي من تقف خلف بث النبأ، بغض النظر عن دقته، هي الصياغة التي حرصت على الربط بين تدهور الوضع الصحي لعباس وبين منحه صلاحياته لحسين الشيخ، وذلك لهدف معين مرتبط بجس النبض، أو خلط الأوراق، كما قال مسؤول فلسطيني مقرب من عباس ل"المدن".

وأضاف المسؤول أن عباس، كأي إنسان في الثمانينيات من عمره، يعاني من أمراض متعددة، ويواجه عوارض صحية في بعض الأحيان، لكنه ليس في وضع خطير، وهذا أمر لا يمكن إخفاؤه. كما أن هكذا حدث، لو صحّ، لجلب تحركات إسرائيلية معينة على ضوء المخاوف الأمنية، ضمن الاستعداد لليوم التالي لترك عباس منصبه لأي سبب كان، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة؛ ما يعني أنه ليس في حالة صحية حرجة. ناهيك أنه تم نشر خبر اتصال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعباس، لنقاش الموضوع السياسي والميداني. ولن يكذب ماكرون، للتغطية على حقيقة الوضع الصحي لعباس، فقط، من أجل عيون السلطة الفلسطينية!

بيدَ أن اتصال ماكرون بعباس، تم الجمعة، وليس السبت، كما أكد عضو المجلس الثوري لحركة "فتح" عبد الإله الأتيرة ل"المدن"، مبيناً أن صحة عباس "جيدة وهو بخير، وقد مارس عمله، الأحد، في مقر المقاطعة برام الله".

ولم يستبعد الأتيرة أن تكون أطراف منضوية في منظمة "التحرير"، أو غيرها، هي من بثت النبأ المذكور، مشيراً إلى أن السبب وراء ذلك هو محاولة التشويش، من قبل جهات قد تكون فلسطينية، على مُناورة عباس بإستخدام "ورقة التهديد بسحب الإعتراف بإسرائيل"، من أجل تحقيق بعض المطالب من قبل الإدارة الأميركية، خاصة أن الأخيرة طمأنته، في اتصال هاتفي الأسبوع الماضي، بأنها سترسل لجنة سياسية إلى رام الله لتحديد أبرز الملفات التي سيتم نقاشها مع الرئيس جو بايدن، حينما يأتي إلى رام الله الشهر المقبل.

لكن عدم خروج عباس على شاشة التلفزيون للتأكيد على وضعه الجيد، قد أعطى شعوراً لدى بعض المراقبين، بأن هذا دليل على أنه يمر بعارض صحي ما، وليس بالضرورة هو في وضع خطير. مع العلم، أن أوساطاً سياسية أكدت، في العموم، أن عباس، بحكم عمره، يمرّ في اليوم الواحد بأكثر من وضع صحي، لكنه مستقر.

وبالرغم من أن مسؤولين فلسطينيين ركزوا على تيار القيادي المفصول من "فتح" محمد دحلان، كجهة بارزة في المسؤولية عن بث هذه الأنباء، بشكل متكرر؛ لإثارة فوضى، أكدت مصادر سياسية ل"المدن"، أن هناك غضباً شديداً لدى أوساط فتحاوية بعد تعيين الشيخ أميناً لسر منظمة التحرير، وهي غير محسوبة على دحلان. ويبدو أن شعور الشيخ أنه الهدف الرئيس من بث "الإشاعة" هو الذي دفعه إلى نشر تغريدة ليل السبت، ليؤكد أن "عباس بصحة جيدة ويمارس عمله كالمعتاد، وإن ما يروج له يهدف إلى العبث بالوضع الداخلي الفلسطيني". 

وكانت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية قد نشرت الخميس، أن رئيس السلطة الفلسطينية يواجه تمرداً داخل حركة "فتح"، وذلك في أعقاب تعيين الشيخ. فيما أكدت مصادر مطلعة ل"المدن"، أنه بالرغم من عدم وجود تصريحات فتحاوية "غاضبة"، على نحو علني، ضد تعيين الشيخ في موقع متقدم بمنظمة "التحرير"، فإن هذا لا يُخفي أن ثمة "جمراً" بين الرماد داخل "فتح".

وتُرجح مصادر بالسلطة الفلسطينية أن أنباء أو إشاعات حول صحة عباس، وحتى عما يدور في أروقة السلطة، سيكثر انتشارها في الفترة المقبلة. 

الواقع، أنّه بغض النظر عن عدم صحة التردي "الخطير" لوضع عباس الصحي، ومروراً بربطه بتسلم مهامه من قبل حسين الشيخ، فإن موقعة النبأ، بحد ذاتها، كانت بمثابة "بروفا" لإختبار رد الفعل، ما يؤشر لمستقبل فلسطيني قاتم، على وقع المخاوف من اليوم التالي لشغور منصب الرئاسة الفلسطينية، نتيجة نهاية حقبة عباس.

وذهبت قراءات إسرائيلية إلى التنبؤ بأن ما يدور، الآن، من وضع ميداني وسياسي فلسطيني، مرتبط، تماماً، بقرب نهاية حقبة عباس، والترتيب للمرحلة التي تليه. وتعتقد أوساط سياسية وأمنية في تل ابيب بأن ما بين أربعة أو خمسة أشخاص هم سيتقاسمون مرحلة ما بعد عباس. لكنها تعتقد أن الطريق نحو ذلك لن يكون سهلاً، بل سيمرّ بأعمال عنف في بعض المناطق الفلسطينية، نتيجة الصراع على خلافة عباس، تمتد لفترة من الزمن، قبل أن تستقر الأمور في ما بعد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها