الأربعاء 2020/06/03

آخر تحديث: 13:39 (بيروت)

الحرائق الزراعية في سوريا:تراجعت هذا العام..وزادت خسائر الفلاحين

الأربعاء 2020/06/03
الحرائق الزراعية في سوريا:تراجعت هذا العام..وزادت خسائر الفلاحين
increase حجم الخط decrease
للعام الثالث على التوالي تفرض قضية حرائق المحاصيل الزراعية نفسها كأحد أهم التحديات في سوريا، مع الانخفاض الحاد في إنتاج المحاصيل الأساسية كالقمح والشعير، والتنافس بين القوى الحاكمة على شراء الكميات المنتجة في الوقت الذي يستمر فيه العجز عن مواجهة مشكلة الحرائق في فصل الحصاد.

وضربت حرائق كبيرة محيط بلدة تمر بريف الحسكة خلال اليومين الماضيين ما أدى إلى خسائر كبيرة بعد تلف عشرات الهكتارات من المحاصيل الزراعية.

المشكلة تشمل مختلف المناطق الزراعية في سوريا، لكنها أخطر ما تكون في شمال شرق البلاد، والتي تشمل محافظات دير الزور والحسكة والرقة، وهي المنطقة التي تعتبر سلة غذاء سوريا، حيث يواجه المزارعون هذه المشكلة بأدوات ووسائل بدائية خففت من أضرارها هذا العام مقارنة بالمواسم السابقة، مع استمرار مختلف أطراف الصراع بتقاذف الاتهامات عن الوقوف خلف إشعال هذه الحرائق.

ورغم قرب انتهاء موسم الحصاد في شمال شرق سوريا، إلا أن الحرائق شبه اليومية في المحاصيل الزراعية لازالت تلتهم الأراضي المزروعة بالقمح والشعير، الأمر الذي يشكل تهديداً على المستوى الوطني، إذ تنتج المنطقة أكثر من 73 في المئة من مخزون سوريا الغذائي.
وبلغ إنتاج القمح في مناطق الإدارة الذاتية قرابة 900 ألف طن لموسم 2019، فيما كان 350 ألف طن في 2018. بينما بلغ إنتاج كامل الأراضي السورية من القمح 1.2 مليون طن في عام 2018 بعد أن كانت تنتج حوالي 4.1 مليون طن سنويا قبل الحرب.

أسباب الحرائق
يتفق معظم المسؤولين في الإدارة الذاتية ومسؤولو مناطق "نبع السلام" المتجاورتين شمال شرق البلاد، على أن معظم هذه الحرائق مفتعلة، إلا أنهم يختلفون حول من يقف وراءها.

ويقول "محمد الأحمد" مسؤول الزراعة في مجلس مدينة تل أبيض المحلي، التابعة للحكومة المؤقتة المعارضة إن "قوات سوريا الديموقراطية (قسد) تقف خلف الحرائق الكبيرة التي تعرضت لها المحاصيل الزراعية في مناطق نبع السلام، خاصةً عند خطوط التماس حيث يتعمّد عناصرها إحراق الأراضي الزراعية التي تمتد لمساحات شاسعة لا يمكن السيطرة عليها".

ويؤكد الأحمد في حديث ل"المدن"، أن الحرائق تكون في مناطق يصعب الوصول إليها بسبب وجود نقاط عسكرية لقوات "قسد" ما يزيد من صعوبة السيطرة عليها من قبل الدفاع المدني، ويؤدي بالتالي إلى دمار محاصيل كبيرة.

من جهته قال الرئيس المشترك لـ "هيئة الزراعة والاقتصاد" في "الإدارة الذاتية" سليمان بارودو، إن "فصائل المعارضة المسيطرة على مدينتي تل أبيض ورأس العين تتحمل مسؤولية الحرائق نتيجة منعها وصول سيارات الإطفاء لمناطق الحريق". واتهم بارودو تركيا والفصائل التابعة لها بافتعال الحرائق في تلك المناطق بشكل متعمد.

طرق بدائية
يلجأ معظم الفلاحين في تلك المناطق إلى الطرق البدائية للسيطرة على الحرائق في الأراضي الزراعية، مثل حراثة محيط الحقول بقطر 4 أمتار لمنع إمتداد الحريق إلى الأرض المجاورة، كما شكل الأهالي نوبات حراسة لمراقبة الحقول، بالإضافة إلى إعتماد مجموعات من الشبان مهمتها العمل على إطفاء الحرائق بالوسائل التقليدية والامكانات المتاحة.

ويقول أحمد الحسن، وهو فلاح من ريف الرقة، إنهم لجأوا إلى هذه الطرق البدائية بعدما فقدوا الأمل من قدرة سلطات الأمر الواقع على إنقاذ محاصيلهم الزراعية من النيران. ويوضح في حديث مع "المدن"، أن رقعة الحرائق هذا العام تقلصت مقارنة بالعام الفائت، لكنه يرجع ذلك إلى جهد الفلاحين الخاص، واستعدادهم المسبق لمواجهة هذه المشكلة مع عجز السلطات الحاكمة المتعددة عن القيام بمسؤولياتها على هذا الصعيد.

حرائق محدودة
ومقارنة بالسنوات الثلاث الماضية، فقد انحسرت رقعة الحرائق في نطاق محدود في ريف الرقة وريف الحسكة وديرالزور هذا العام، وبلغت الأراضي الزراعية المحروقة نحو  9 ألاف هكتار وفق إحصائيات للإدارة الذاتية التابعة ل"قسد".

وكان النصيب الأكبر من الحرائق للأراضي الزراعية في منطقة تل تمر بريف الحسكة، ومنطقة أبو خشب بريف دير الزور، والمنطقة الممتدة من رأس العين إلى تل أبيض بريف الرقة، والتي لاتزال تعاني من حرائق بشكل شبه يومي. كما تسببت تلك الحرائق بوفاة ثلاثة أشخاص على الأقل إثر محاولات يائسة لإطفاء تلك الحرائق بالطرق البدائية بريفي الحسكة والرقة.

استغلال المزارعين
ورغم أن خسائر العام الفائت بلغت نحو 19 مليار ليرة سوريا بمساحة حرائق تقدر 400 ألف دونم، وفق "هيئة الاقتصاد" في الإدارة الذاتية التابعة ل"قسد"، إلا أن نسبة الضرر انخفضت هذا العام، ما أدى لوفرة بمحصول القمح، لكن المعضلة الحالية هي في الأسعار التي تعرضها السلطات لشراء المحصول، والذي يرى الفلاحون أنه منخفض.

وحددت الإدارة الذاتية سعر شراء كيلو القمح ب225 ليرة سورية ثم رفعتها إلى 315 ليرة وهو ما يرفضه للفلاحون الذين يطالبون بتسعيره بالدولار الأميركي مع استمرار انهيار الليرة السورية.

من جهته أُجبر نظام الأسد تحت ضغط حاجته الماسة للحبوب، على رفع أسعار شراء القمح ل400 ليرة للكيلو الواحد، بينما قدرت الحكومة السورية المؤقتة المعارضة سعر الطن بين 200-225 دولار وهو ما يراه الفلاحون أسعاراً غير مقبولة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها