الخميس 2020/02/20

آخر تحديث: 12:49 (بيروت)

مصر تبني جدارها..لعزل حماس عن النفوذ الإيراني

الخميس 2020/02/20
مصر تبني جدارها..لعزل حماس عن النفوذ الإيراني
© Getty
increase حجم الخط decrease
رغم أن حكاية الجدار الخرساني الذي زادت السلطات المصرية وتيرة بنائه على الحدود مع قطاع غزة في الأسبوعين الأخيرين ليست جديدة باعتبارها بدأت قبل عامين، إلّا أن مُسارعة البناء في هذا التوقيت اثارت تساؤلات حول سياقاته وما إذا يندرج في سياق إحكام التضييق على علاقات حركة "حماس" بإيران.
مصدر واسع الإطلاع من "حماس" أوضح ل"المدن" أن فكرة الجدار أميركية وإسرائيلية وقد تمّ طرحُها على الرئيس السابق محمد حسني مبارك، لكن الأخيرَ تلكّأ بتنفيذه لأسباب قيل إنها لوجستية وخلاف على الجهة الأجنبية التي تنفذه.. وعندما جاء عبد الفتاح السيسي عمل على تطبيقه ولو بطريقة بطيئة.

الجدار الحدودي المصري يبلغ ارتفاعه في معظم المناطق نحو ستة أمتار بقواعد خرسانية تصل إلى ثلاثة أمتار تحت الأرض تقريبا، بحجة مواجهة الأنفاق ومنع المتسللين.

ولكن، بعد تدمير الجيش المصري لكل الأنفاق الحدودية، ومن ثم ترميم العلاقة بين الحركة والنظام المصري والتوصل لاتفاقات أمنية بين الطرفين، ومروراً بإثبات "حماس" قدرتها الأمنية على ضبط الحدود ومنع حالات التسلل من وإلى منطقة سيناء.. فإن هذا جعل الغاية الأمنية من المسارعة في تشييده الآن غير ملحّة، فكل شيء "تحت السيطرة"، كما يقول مصدر أمني في غزة.

يحسم المصدر القيادي من "حماس" أن "الجدار لن ينتج عنه أي إضافة أمنية، لأنّ الأخطر قد تم فوق الأرض في السنوات الأخيرة، ألا وهو إزالة رفح المصرية عن الحدود".

ولذلك، يرى المصدر أن الجدار بفكرته الأمريكية الإسرائيلية يندرج في سياق أنه جزء من منظومة أمنية إقليمية ودولية، وأنه يتعلق باستحقاقات الدور الأمني المنوط بالقاهرة، وأن الأخيرة تريد من خلال الجدار أن تثبت قيامها بما يجب لمنع التسلل ودخول السلاح إلى غزة، ومنع تمدد علاقات "حماس" بالخارج ولا سيما إيران.

ومع ذلك، تقول مصادر سياسية ل"المدن" إن المصريين يستفيدون من قصة الجدار الحدودي من الناحية المالية عبر جلب مال من جهة دولية لبنائه وتجهيزه باللوازم الأمنية، حيث أن شركة محلية بإشراف الهيئة الهندسية للجيش المصري تقوم على تنفيذ بناء هذا الجدار.

مصدر أمني آخر من "حماس" يشدد في حديثه ل"المدن" على أنه بعد استئناف العلاقة بين "حماس" والنظام المصري، فإن موضوع الحدود كان دائماً على طاولة البحث بين الطرفين. ويوضح المصدر أن تعامل "حماس" كان جدياً فوق الأرض من ناحية ضبط الحدود وإبعاد غزة عن دائرة الأحداث الأمنية في سيناء.

ويكشف المصدر عن قدوم وفد هندسي تابع للجيش المصري إلى غزة قبل نحو أربعة أشهر، وقد طلب من "حماس" وضع كشافات وكاميرات وأبراج مراقبة على الجانب الآخر من الحدود.. فردت الحركة بإيجابية وقالت: "نحن جاهزون ولكن نريد تمويلاً لذلك". ثم وعد المصريون بالاستجابة لطلب "حماس".

ويقول المصدر القيادي إن العلاقة بين "حماس" ومصر إجبارية ومصلحية للطرفين، بغض النظر عن المجاملات الشكلية. ويتطرق إلى التوتر الحاصل بين والنظام المصري والحركة حالياً إثر مشاركة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية في جنازة القائد السابق ل"فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني في طهران.

ويوضح أنه بالرغم من محاولة الوفد الأمني المصري الذي جاء غزة الأسبوع الماضي، إطلاق المجاملات وتلطيف الأجواء، إلا أنه يؤكد أن العلاقة بين "حماس" ونظام السيسي يشوبها توتر يزداد حيناً ويخف حيناً آخر، مشيراً إلى أنّ فيها مستوى من الحذر المتبادل واستخدام أوراق القوة والضغط.

ويفسّر المصدر عدم التزام هنية بالشرط المصري بألّا تشمل جولته الخارجية إيران، ب"الاحتجاج الضمني" من "حماس" بسبب عدم وجود حراك بملفات معينة لطالما وعدت القاهرة بالوفاء بها.. ويتابع: "حماس تدرك أن القاهرة لا تتحرك في ما يخص غزة إلا بموافقة اسرائيلية وأميركية. وحتى أن اسرائيل كلّما شعرت بالضيق من غزة، جاء المصريون يهرولون إلى القطاع للوساطة بطلب من تل أبيب".

ومن هنا، يقول القيادي في "حماس" ل"المدن"، إن ابتعاد حماس عن إيران بات صعباً، كما أن علاقة الحركة بمصر ضرورية، لأنها "رئة غزة" من ناحية التواصل مع العالم الخارجي وتخفيف الحصار، ومروراً بما لديها من أوراق القوة وبعثرتها حسب الحاجة.

ومما يعكس حالة التوجس المتبادل بين "حماس" ونظام السيسي، هو ما تقوله مصادر متطابقة ل"المدن" حول تجنيد المصريين لأشخاص في غزة ينقلون لهم معلومات على مدار الساعة حول كل "صغيرة وكبيرة" تحصل في غزة، ومروراً بممارسة نوع من سياسة "الضغط والاحتواء" للحركة.

بيدَ أن نظام السيسي يهدف دوماً من علاقته مع "حماس" أن يقوم بترويضها بناء على طلب إسرائيلي ودولي، بموازاة "تحجيم حماس قدر المستطاع ومنع تمددها نحو الخارج".. ولهذا منعت القاهرة إسماعيل هنية من السفر الى الخارج لسنتين او ثلاث، قبل أن تسمح له بشروط، ثم تغضب منه بحجة أنه أخلّ بها وزار إيران.

و بشأن دخول الأسلحة إلى غزة، فإن مصادر "حماس" تؤكد ل"المدن" أن الأمر بات غاية في الصعوبة بفعل الإجراءات الأمنية المصرية والإسرائيلية المشتركة والتنسيق عالي المستوى وغير المسبوق بين القاهرة وتل أبيب بدءاً من غزة ووصولاً إلى السودان..

وتقول الحركة إن هذا التنسيق دفع إسرائيل إلى العمل بنفسها في سيناء عبر طائرات من دون طيار وعمليات سرية وخاصة في عمق المنطقة، علاوة على سوء العلاقة بين "حماس" وجماعات في سيناء بسبب علاقة الحركة مع النظام المصري. وهذا يعني أن ما سبق بمثابة عوامل أوقفت دخول السلاح إلى غزة وجعلته مستحيلاً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها