الأربعاء 2019/05/29

آخر تحديث: 11:48 (بيروت)

إدلب: محطة موت جديدة للشبان العلويين؟

الأربعاء 2019/05/29
إدلب: محطة موت جديدة للشبان العلويين؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease
تتضارب الأنباء حول أعداد قتلى مسلحي النظام والمعارضة، في معارك إدلب الأخيرة. ويميل كل طرف لتضخيم عدد قتلى الطرف الآخر، والتقليل من عدد قتلاه. بالنسبة للنظام، بات إخفاء عدد قتلاه، أحد التكتيكات لتفادي صدمة محققة في مجتمعه الموالي، في حال تكشفت حقائق الموت الكارثية أمامه.

محرقة إدلب

يصف فراس، الشاب العلوي من الساحل، المعارك الأخيرة في إدلب بـ"المحرقة"، ويشرح ذلك قائلاً: "هذه المعركة ليست كسابقاتها، فالنظام قام بتجميع معظم المسلحين في تلك المنطقة، وهذا يعني أن الجيش سيكون في مواجهة أعداد كبيرة معادية". وفوق ذلك، فهذه المنطقة مفتوحة على تركيا "التي ستقدم الدعم للمسلحين"، و"لن ترضى بخسارة إدلب من دون مقابل، فما هو المقابل الذي يستطيع الروس تقديمه لها؟"، يتابع الشاب: "أعتقد لا شيء، فورقة الأكراد ليست بيد روسيا".

وحول موضوع القتلى في المعارك الأخيرة في إدلب، يقول فراس: "راح منا ومنهم الكثير"! ويضيف: "هذا ما أخبرني به أحد أقاربي الذين يقاتلون الآن هناك، وكان مع من دخلوا كفرنبودة ومع من انسحبوا منها لاحقاً".

فراس، وهو أحد المصابين في معارك ريف اللاذقية الشمالي، يقول: "لا يمكن الاعتماد على النظام وإعلامه الرسمي من أجل معرفة العدد الحقيقي لقتلى العلويين الاجمالي في الحرب. لكن على الرغم من ذلك أعتقد أن رقم الـ100 ألف مبالغ به كثيراً. أنا كنت مقاتلاً وأعرف عما أتكلم. في بدايات الحرب كان يسقط الكثير منا، لكن بعد ذلك اكتسب الجيش بعض الخبرات، هذا عدا عن أنه لم يعد وحده بل معه الآن حلفاء أقوياء".

يؤكد حسن، الذي كان بدوره مقاتلاً، ما قاله فراس، ويشرح وجهة نظره: "الجنود من السنّة أكثر من العلويين في الجيش. فإذا قتل 100 ألف من العلويين فقط، فهناك مثلهم، أي 100 ألف جندي على الأقل من غير العلويين سقطوا أيضاً، هذا دون أن نحسب القتلى من الحلفاء. هل يعني هذا أن هناك ربع مليون مقاتل سقطوا من الجيش وحلفائه فقط؟ هل يمكن أن تصدق هذا؟ أنا أعتقد أن 100 ألف قتيل هو عدد مبالغ فيه حتى ولو كان المقصود فيه قتلى الجيش وليس العلويين فقط".

ويؤكد حسن، بخصوص معارك ادلب الأخيرة، أن عدد قتلى الجيش قد يكون كبيراً، سقط معظمهم خلال الهجوم المضاد لمسلحي المعارضة لاستعادة كفرنبودة. ويشرح ذلك: "أثناء هجوم قوات النظام سيكون هناك قتلى في صفوفه، لكن لا أظن أن العدد كان كبيراً لأن قوات الجيش لا تتقدم إلى منطقة ما إلا بعد انسحاب قوات المعارضة التي ستجبر على ذلك بسبب قوة النيران الموجهة إليها من الجو والأرض. وبالتالي نادراً ما يحدث اشتباك قريب بين الطرفين". ولكن، "عندما شن المسلحون هجوما مضاداً، قاموا باقتحام كفرنبودة وغيرها، وهنا استطاعوا أن يسقطوا العدد الأكبر من القتلى وأن يأسروا بعض الجنود والضباط".

رامز، طبيب في أحد مشافي مدينة اللاذقية، يقول لـ"المدن": "بشكل عام أصبح عدد القتلى أقل مما كان عليه في السنوات الأولى للحرب. منذ أيام علمت بوجود بعض الجثث قادمة من المعارك الأخيرة. لا يمكنني معرفة العدد بالضبط لأن طبيعة عملي واختصاصي لا علاقة لهما بموضوع القتلى، وأيضاً أنا غير مهتم بمعرفة العدد". ويتابع: "أسمع الأرقام التي يتم تداولها بين الأطباء والممرضين لكنني لا أسعى لمعرفة ذلك، وإن كنت أحزن لرؤية مصير هؤلاء الشباب".

مصادر "المدن" كانت قد أشارت إلى سقوط 86 قتيلاً من الساحل، في معارك إدلب، قبل هجوم كفرنبودة المعاكس للمعارضة، وقبل استعادة مليشيات النظام السيطرة عليها للمرة الثانية.

لماذا يذهبون إلى الحرب؟

يقول مازن: "شاركت مع أصدقاء في مظاهرات برزة والميدان بدمشق، في يوم ما أصبت في قدمي إصابة طفيفة نتيجة ضربة عصا من أحد الشبيحة. جلست في البيت لأتعافى لكن الأمن جاء وأخذني وبقيت لأسبوعين عندهم. لكنني تابعت ما أستطيع عمله من أجل الثورة، واستطعت أن أنجو بنفسي". ويتابع: "منذ 4 سنوات تقريبا أصبحت مطلوبا للاحتياط، فاختبأت بمساعدة عائلتي وبعض الأصدقاء وعشت في ما يشبه السجن ما يزيد عن العام، بعد ذلك وقعت في يد المخابرات مرة أخرى لأجد نفسي بعد فترة على إحدى الجبهات التي كانت هادئة في ذلك الوقت".

يتابع مازن: "كنت أجلس مع سلاحي وأنظر إلى الأمام، حيث المسلحين الإسلاميين، وأتخيل نفسي وقد وقعت بيدهم، هل كانوا سيسمعون قصتي؟ بالتأكيد لا، وسيتعاملون معي كما يتعامل الشبيحة مع أسراهم إذا لم يقتلونني. لم أفكر بالهرب إليهم، لا أثق بهم!". ولكنه تمكن من الهرب من الجيش، "بما يشبه المعجزة، لأن الهروب شبه مستحيل.. والآن أعيش من جديد حياة تشبه حياة السجن".

سامر، شاب معارض من أصول علوية، شارك بالثورة عبر مشاركته بالمظاهرات وكتابة بعض المقالات، يجيب على سؤال "المدن": "أنا مطلوب للاحتياط، لكنني من خلال بعض الأقارب وبعض المال الذي يرسله لي أخي الذي غادر سوريا وعبر بعض الحذر استطعت أن أنجو حتى الآن".

لكن، هذا ليس متاحاً للجميع، "فالبعض يذهب إلى الجيش لأنه لا يملك المال، وآخرون من أجل التعفيش والنهب أي لأنهم مجرمين وزعران، وهناك من يشعر أنهم إذا لم يلتحقوا بالجيش أو بالحرب سيزحف الموت إلى بيوتهم من خلال الإسلاميين الذين لا يخفون كراهيتهم للعلويين".

لكن في الوقت ذاته، هناك الكثير من الشباب العلوي ممن لا يريدون الذهاب إلى الحرب، والكثير من هؤلاء هم موالون للنظام، ومع ذلك لا يريدون أن يشاركوا في حربه. فما هو الخيار الذي يملكه هؤلاء؟ "الأغلبية ليس لديهم المال لكي يهربوا، ولا إمكانية لديهم أو لدى أهاليهم لكي يختفوا. وإذا ما قبض عليهم وسيقوا إلى الحرب، فلن يكون أمامهم حينها إلا القتال حتى الموت"، بحسب سامر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها