الخميس 2019/01/17

آخر تحديث: 13:19 (بيروت)

أزمة الغاز في سوريا فاقمتها العقوبات على إيران

الخميس 2019/01/17
أزمة الغاز في سوريا فاقمتها العقوبات على إيران
(انترنت)
increase حجم الخط decrease
تبدو أزمة الغاز في سوريا جزءاً من أزمات النظام البنيوية، التي حاول القفز عنها مع اندلاع الثورة، واليوم بات بمواجهة حتمية معها، مهما حاول الإيحاء بأن "المحتكرين" من يفتعلون الأزمة.

مصدر مطلع، أكد لـ"المدن"، أن وزارتي التجارة الداخلية والنفط والثروة المعدنية، تؤمنان شحنات الغاز من لحظة انطلاقها من عدرا الصناعية، حتى وصولها إلى مراكز التوزيع المرخصة مسبقاً، أو التي جرى الاتفاق عليها حديثاً مع المخاتير في أحياء دمشق وريفها، عبر دوريات مرافقة تتبع للإدارة العامة للجمارك. وكانت دوريات الجمارك قد فرضت نفسها مع نهاية العام 2018، على الاشراف و"تأمين" توزيع الغاز، عقب منحها صلاحيات واسعة من مجلس الوزراء، ووزارة المالية. وأصبح للجمارك بذلك صلاحيات، تُشبهها مصادر "المدن"، بتلك الخاصة بأجهزة المخابرات السورية.

وأضاف مصدر "المدن"، أن قراراً صادراً عن رئاسة مجلس الوزراء، قضى بنقل 14 عاملاً من الإدارة العامة للجمارك إلى وزارات الزراعة والموارد المائية والصناعة، بسبب ما قيل إنه "ضلوعهم بعمليات تسهيل احتكار الغاز المنزلي والصناعي". صاحب رخصة توزيع غاز في دمشق، قال لـ"المدن"، إن الضباط والعناصر المرافقين لشحنات الغاز، هم من يسهلون عمل "المحتكرين"، عبر إيصال جزء من الشحنة المخصصة للبيع إلى مكان التوزيع الرسمي، وتفريغ قسم آخر في مستودعات التجار "البعيدة عن العيون".

وبعدها يباع الغاز بأسعار مضاعفة عن سعر السوق. إذ تباع جرة الغاز وفقاً للأسعار المحددة من وزارة التجارة الداخلية بـ3000 ليرة، ويصل سعرها بالسوق السوداء إلى 8000 ليرة.

ومع ذلك،  لم يتجاوزعدد الضبوط المنظمة بحق "المحتكرين" في دمشق وريفها، 13 ضبطاً منذ بداية أزمة الغاز، رغم أن وزير الداخلية اللواء جميل الرحمون، اتهمهم بالتسبب بتأجيج أزمة الغاز، عبر بيعهم لاسطوانات الغاز في السوق السوداء، بأسعار مضاعفة. وقرر الوزير تسيير دوريات من الشرطة، لتأمين شحنات الغاز من مراكز التعبئة والتصنيع في مدينة عدرا الصناعية، حتى مراكز التوزيع في كل المحافظات السورية.

فأزمة الغاز في سوريا ليست محصورة بـ"المحتكرين"، على ما يحاول النظام الإيحاء به، بل بكميات الغاز المتوفرة من الانتاج المحلي والمستورد.

مدير فرع محروقات دمشق، قال لجريدة "الوطن"، التي يملكها رامي مخلوف، إن ما يصل إلى دمشق يومياً، يتراوح بين 6 إلى 10 آلاف أسطوانة غاز، في حين حاجتها 18 ألفاً. وأوضح أن مشكلة الفرع ليس في الأمور الفنية لأنه يستطيع إنتاج 80 ألف أسطوانة يومياً في حال توافرت المادة السائلة.

مصدر مسؤول في وزارة النفط، كان قد اعتبر أن توريدات جديدة من الغاز وصلت إلى سوريا عبر ناقلتي غاز معبأة بـ2500 طن لكل واحدة منها، بالإضافة إلى الإنتاج المحلي، ما "ساعد في إيصال المادة بشكل أكبر للمستهلكين". إلا أن الأزمة تتفاقم، وكلام المصدر عن "احتمال وصول ناقلة أخرى خلال الأيام القادمة يجري التعاقد عليها بحمولة 30 ألف طن من مادة الغاز المنزلي"، تصب في مصاف الكلام المخدر بحسب وصف الأهالي.

مدير فرع محروقات دمشق وريفها، قال إن "وزير النفط وجه برفع الإنتاج في وحدات تعبئة الغاز إلى 130 ألف أسطوانة يومياً، وهو معدل الحاجة الوسطي لكافة المحافظات السورية، وأن حصة دمشق وريفها من هذه الكمية تبلغ نحو الثلث أي 40 ألف أسطوانة غاز". وأضاف أنه منذ السبت، أصبحت الحكومة تنتج الحاجة اليومية، المقدرة بنحو 1300 طن.

وأشار بوضوح إلى أن سبب الأزمة الحالية هو "التأخر في تنفيذ التوريدات الخارجية من قبل الموردين بسبب العقوبات الأخيرة على النواقل الإيرانية من جهة وسوريا من جهة ثانية".

الأرقام التي يكررها المسؤولون في المؤسسات المعنية تخفي خلفها مجموعة من الأكاذيب. إذ يُقدّر الاستهلاك اليومي للمحافظات السورية بـ110 آلاف اسطوانة غاز في الأحوال الطبيعية، منها 40 ألف اسطوانة للعاصمة دمشق. إلا أن تلك الأرقام تتضاعف ثلاثة مرات خلال فصل الشتاء، بحسب موقع "اقتصاد".

وتشير البيانات الرسمية إلى إنتاج 15.5 مليون متر مكعب من الغاز، يومياً في العام 2018، رغم إدخال خمسة آبار جديدة بقدرة إنتاجية لا تقل عن 900 ألف متر مكعب يومياً في البريج وقارة ودير عطية بريف دمشق، منذ منتصف العام 2016. انتاج سوريا من الغاز في العام 2011 كان قد سجّل 21 مليون متر مكعب يومياً، ولم يكن كافياً. سوريا ومنذ منتصف العقد السابق كانت قد تحولت إلى دولة مستوردة للمشتقات النفطية، بعد تراجع الاحتياطات فيها، وزيادة عدد السكان.

ومع تدمير البنية التحتية، وخروج آبار عديدة عن سيطرة النظام، تعتمد سوريا على المشتقات النفطية الإيرانية، المقدمة لها عبر الخط الائتماني الإيراني. إلا أن دخول العقوبات الأميركية على إيران حيّز التنفيذ، ساهم بتعطيل حركة شواحن النفط والغاز الإيرانية عبر البحار، ما تسبب بانخفاض كميات الغاز المستورد في سوريا. وليس لدى النظام سيولة مالية كافية لشراء الغاز من دول أخرى، هذا عدا عن تعقد المسألة لجهة العقوبات المفروضة على أبرز مؤسسات النظام المالية أيضاً. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها