الأربعاء 2018/09/05

آخر تحديث: 11:12 (بيروت)

هدوء غزة النسبي: تفاهمات أولية بين "حماس" وإسرائيل؟

الأربعاء 2018/09/05
هدوء غزة النسبي: تفاهمات أولية بين "حماس" وإسرائيل؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease

انخفض مستوى التصعيد على حدود قطاع غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل بشكل ملحوظ ولافت، على الرغم من استمرار مسيرات "العودة" وإطلاق البالونات الحارقة بمستوى محدود جداً تجاه الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

القيادي في حركة "حماس" احمد يوسف أقر بهذا الهدوء النسبي، وتراجع حدة التصعيد، مشيراً إلى أن "حماس" قدمت للطرف المصري كل ما يجعل سبيل التهدئة قابلاً للتحقيق.

وحول ما إذا كان الهدوء النسبي نتاج تفاهمات ضمنية بين "حماس" وإسرائيل برعاية مصرية، كمرحلة اولى لتحقيق التهدئة الشاملة، قال يوسف لـ"المدن"، إن "ثمة إشارات حملتها مصر وتناقلتها بين حماس وتل ابيب، ربما تكون قد أدت إلى هذه الأجواء من التهدئة في ظل حرص كل من الطرفين على التهدئة وعدم التصعيد".

ويضيف يوسف "الهدوء مطلوب.. فهو الظرف الأفضل لنا لعدم لتصعيد... ما نسعى لتحقيقه أن نحفظ أجواء الهدوء لأن هناك ضغوطاً وأولويات أهم من تحريك المواجهة العسكرية مع الاحتلال".

لكن في المقابل، تشترط السلطة الفلسطينية أن يكون ملف المصالحة أولاً، ثم يتم الإنتقال للحديث عن اتفاق للتهدئة تكون طرفاً فيه، الأمر الذي يجعل الوصول إلى اتفاق تهدئة شامل وناضج حتى اللحظة غير ممكن، بل ويُبقي المشهد برمته ضبابياً.

في هذا السياق، يؤكد يوسف أن المشكلة تكمن الآن في شرط السلطة التي لا تريد التهدئة قبل المصالحة، مشيراً إلى أن القاهرة ستُقدّر الموقف، حيث تواصل مساعيها لتحقيق المصالحة. ولهذه الغاية، اجتمع مسؤولو المخابرات المصرية مع رئيس السلطة محمود عباس في رام الله قبل أيام، كسبيل لإنجاز اتفاق التهدئة النهائي.

أما مصر، فلا تتحرك وفقاً لقناعاتها الكاملة في هذا الجانب، كما يقول يوسف، إذ تعمل على تجسير الهوة بين "فتح" و"حماس" بدلاً من إبداء وجهة نظرها بخصوص تقديم او تأخير ملف التهدئة أو ربطه بمسار المصالحة من عدمه، بل إنها تؤكد لـ"فتح" أن التهدئة الشاملة لن تتحقق من دونها. ولهذا، فإن القاهرة تريد أن يمشي موضوع التهدئة وان تكون السلطة في داخل هذا المشهد، غير أن يوسف يرى أن التهدئة حاجة اضطرارية لسكان غزة في ظل الاوضاع المأساوية الصعبة التي تستدعي نوعاً من الهدوء للبحث عن توفير حياة افضل لهم.

وخلافاً لموقف "فتح"، يدعو يوسف إلى فصل مسار التهدئة عن مسار المصالحة التي لا يظهر أنها قريبة في ظل المناكفات المتبادلة وانشغال عباس على مدار الأسابيع الثلاثة القادمة، بمسألة اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتحضير للورقة السياسية التي سيلقيها في خطابه على هامشها. ويشدد يوسف على "انه يمكن ان نحقق التهدئة.. ونسعى في الوقت ذاته إلى تحقيق المصالحة، ولكن من دون جعل الملفين متلازمين".

ويتابع يوسف: "لست بصدد الحديث بحماسة بأن المصالحة قادمة قريباً، خاصة في ظل المناكفات على منصات الإعلام المختلفة، فهي لا تعطي اشارات ايجابية لدى كل طرف تجاه الآخر. وهكذا فإن المشهد برمته يراوح مكانه".

على الجهة الإسرائيلية، لا تزال هناك مفارقة في الرؤية بين القيادة العسكرية والأخرى السياسية في تل أبيب إزاء مباحثات التهدئة الجارية برعاية مصرية، فالمستوى السياسي الإسرائيلي ينفي التهدئة بالرغم من إقرار مستويات امنية لدى الدولة العبرية، بأن الهدوء حدث فعلاً على حدود غزة، ويترافق مع تسهيلات إسرائيلية متمثلة بفتح المعابر لإدخال البضائع إلى القطاع، وكأن التهدئة- بشكلها الأولي- موجودة من دون الإعتراف بذلك.

ولا تستبعد هذه المستويات أن يقود الهدوء النسبي إلى تفاهمات لاحقة قد يتم توسيع التسهيلات الممنوحة لغزة على ضوئها. ولكن يبدو أن حسم هذه المسألة سيكون في القاهرة لبلورة تهدئة شاملة وربما في سياق رؤية كاملة لتحسين أوضاع القطاع ككل.

وترجح مصادر "المدن" أن يتم التوصل إلى تهدئة متعددة المراحل، بمعنى أن تشهد المرحلة الأولى تسهيلات من دون ابرام اتفاق شامل أو الاعلان عنه، ثم تليها المراحل التالية التي قد يتم فيها تحريك قضية الجنود الإسرائيليين لدى "حماس"، ما سيؤدي إلى توسيع تفاهمات التهدئة وتحويلها لاتفاق كامل.

بيد أن معارضة السلطة للتهدئة بعيداً عنها وقبل المصالحة، يمثل عقبة تضاف لمعيق آخر يتمثل في ضغوط من جانب اليمين الحاكم في إسرائيل للحلولة دون التقدم؛ ولذلك يبدو التنافس بين وزراء الحكومة الإسرائيلية- خاصة قبل الإنتخابات العامة المرتقبة- على منع أي محاولات للتقدم على هذا الصعيد، غاية في الوضوح.

وكانت قناة "كان" الإسرائيلية قد كشفت عن لقاءات بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس جهاز "الشاباك" الإسرائيلي نداف ارغمان؛ حيث طلب الأخير من عباس ألا يخرّب الفرصة الموجودة حاليا لدى قطاع غزة، ومحاولات التوصل الى اتفاق، قاصداً الجهود الرامية للتوصل الى اتفاق ينهي الانقسام الفلسطيني بين حركتي "فتح" و"حماس" في قطاع غزة برعاية مصرية.

ووفقاَ للإعلام الإسرائيلي، فإن الجهات الأمنية الإسرائيلية التزمت الصمت تجاه ما نُشر، ولم تؤكد أو تنفِ النبأ حينما تم التوجه إليها للتحقق من دقته.

مصدر على اطلاع على حيثيات لقاء عباس مع رئيس الشاباك، كشف لـ"المدن"، أن الإجتماع عقد قبل نحو شهر في منزل رئيس السلطة في منطقة البالوع في رام الله. وتحدث رئيس الشاباك خلال اللقاء عن الميناء والمشاريع التي تم التوصل اليها خلال مباحثات التهدئة بين حماس واسرائيل برعاية مصرية، وأكد أن اسرائيل تريد السلطة حاضرة في اي اتفاق تهدئة.

وأضاف أرغمان لعباس، محاولاً طمأنته بعدم استثنائه أو عقد اتفاقيات مع "حماس" بدونه: "إذا كان لدينا كمؤسسة أمنية إسرائيلية 20 ورقة في غزة، فإنه لدي 80 ورقة في الضفة"، مشدداً على أن تل ابيب لا تريد ان تعطي جائزة لـ"حماس"، ولذلك تريد السلطة في مشهد التهدئة.

وتظهر مباحثات التهدئة التي شهدت حركة نشطة في القاهرة حتى قبل عيد الأضحى، وكأنها متوقفة، لدرجة أن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد قال إن السلطة نجحت في إفشال مشروع الميناء في غزة. وبدورها، أبلغت مصر القيادة الفلسطينية انها لن تعقد اتفاق تهدئة قبل اتمام المصالحة.

إلى ذلك، اتهم المنسق الخاص لعملية التسوية في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف أطرافاً -لم يسمها- بعرقلة جهود التهدئة في غزة. ونقلت القناة السابعة العبرية عن ملادينوف قوله، إن "هناك من يحاول عرقلة جهود التهدئة التي نقوم بها والسعي لإشعال الأوضاع بين حماس وإسرائيل إلى درجة المواجهة العسكرية"، مشدداً على ضرورة استمرار العمل من أجل ضمان الاستقرار في غزة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها