الأحد 2018/09/16

آخر تحديث: 14:03 (بيروت)

منشقو بيت سحم: الالتحاق بقوات النظام أو الاعتقال

الأحد 2018/09/16
منشقو بيت سحم: الالتحاق بقوات النظام أو الاعتقال
مهلة الشهور الستة قاربت الانتهاء (انترنت)
increase حجم الخط decrease
تشهد بلدة بيت سحم "المُصالِحة" في ريف دمشق الجنوبي، منذ أيام حالة خوف وتوتر، نتيجة وصول معلومات عن بدء العدّ التنازلي لالتحاق أكثر من 150 "منشقاً" بصفوف قوات النظام، خلال أقل من شهر، وسط حالة من الرضوخ للأمر الواقع حتى اللحظة.

ظاهرياً، بدا أن عضو "لجنة المصالحة"، أحد أهم وجهاء بيت سحم، الشيخ "أبو عبدو"، هو المسؤول عن نقل رسالة النظام إلى شبان البلدة، خلال اجتماع جرى الأربعاء. وقالت مصادر "المدن" الخاصة من جنوب دمشق: "مهلة الشهور الستة، المقدّمة من النظام، تنتهي خلال مدّة أقصاها شهر، ويتوجب خلالها التحاق جميع الشباب المنشقين بقوات النظام مجدداً، وذلك تطبيقاً لاتفاق المصالحة". المصادر كشفت أن "المدعو أبو سامر هو عرّاب الخطوة الحالية بشكل أساسي، ومَن يقف خلف تبنّي طرح النظام، والقائم على ترتيب أمور الاجتماع، وطباعة ملصقات ورقية تدعو للحضور علّقت على بعض جدران البلدة، إضافة لتسخين الملف في الشارع".

ويعرف عن "أبو سامر"، إضافة إلى كونه عضو في "لجنة المصالحة" ورئيس "المجلس المحلي" سابقاً، وأحد أهم تجّار البلدة، صلته الوثيقة بفروع الأجهزة الأمنية، خاصة "فرع الدوريات/شعبة الأمن العسكري"، المسؤول عن بيت سحم. وتشير مصادر "المدن" إلى أن غاية "أبو سامر" من الحراك الأخير "تتمثّل بسعيه الدائم لتقديم خدماته وزيادة رصيده لدي الفروع الأمنية، حتى يحظى بمكانة أعلى وحماية أقوى، تتيح له التوسع في تجارته التي لم تنقطع حتى خلال أيام الحصار"، إلّا أنه دفع "أبو عبدو" إلى الواجهة، لأنه "ممثّل التيار المدني"، والمتحدّث التقليدي في الشؤون السياسية وعملية التفاوض، والذي درج على نقل رسالة وشروط النظام إلى أهالي بيت سحم، والعكس.

تحريك الملف والعمل على تثبيته من قبل "أبو سامر" في بيت سحم، من دون إثارة الموضوع في يلدا وببيلا المجاورتين، اللتين تتشاركان مع بيت سحم في المسار التفاوضي ومخرجاته، ألقى بظلاله بين الناس في بيت سحم، خاصّة بعدما أعلن شيوخ "المصالحة" جنوبي دمشق، خلال خطبة الجمعة في 24 آب/أغسطس، قبول "الأمن العسكري" طلبات "التسوية" لجميع شباب المنطقة، ما عدا المنشقين. ويتضمّن ذلك إعطاء المقبولين، مهلة ستّة أشهر، من تاريخه، أي من 24 آب/أغسطس، وتسليمهم ورقة "كف بحث" لتسهيل مرورهم على الحواجز الأمنية، على أن تتشكل لجنة خاصة بالمنشقين لدراسة طلبات "التسوية".

ويأتي الإجراء الجديد كنقض للعهد والميثاق، من قبل النظام، الذي اعتبر الشهور الماضية هي نفسها مهلة الشهور الستة، على عكس مخرجات التفاوض بين مسؤولي "المصالحة" والنظام، والتي أقرت أيضاً وجوب تشكيل لجنة خاصة بالمنشقين، وبدء عملها بشكل رسمي. ويضاف إلى ذلك، حقيقة مسعى النظام للمماطلة في تسليم ورقة "كف البحث" لمن أجرى "التسوية". الأمر الذي يعيد الوضع الأمني للشباب، إلى النقطة صفر فعلياً، ويعطي صورة بالغة الوقاحة عن مستوى الخديعة والتحايل الممارس من قبل النظام في ملف "المصالحة" بعيداً عن محاولات إظهار نفسه باعتباره السلطة "الشرعية" ذات المصداقية.

وبالعودة إلى تفاصيل اجتماع الأربعاء، ذكرت مصادر "المدن" أن آلية عودة "المنشقين"، أو ما يسمّيهم النظام "الفارّين"، تتضمّن "تسجيل أسماء جميع المنشقين في مبنى البلدية، ومن ثم تحويلهم على دفعات، كل 15 منشقاً تقريباً، إلى الجهاز الامني المعني، أي فرع الدوريات ومن ثم شعبة الأمن العسكري، في جولة تدوم بين 10 و15 يوماً، وبعدها ينقلون إلى الشرطة العسكرية في حي القابون بدمشق، ليصار إلى فرزهم إلى قطعهم العسكرية من جديد". وأردفت المصادر، بأن النظام حذّر في رسالته "كل من يرفض تسجيل اسمه وتسليم نفسه بعد المهلة الممنوحة سيعتبر فارّاً من الخدمة العسكرية، وسيلاحق ويحاكم في المحاكم العسكرية المعروفة"، ما يضع شبان البلدة بين خيارين؛ إما التسليم، أو الملاحقة والاعتقال.

وقالت المصادر، إن وقع الخطوة الجديدة على الأهالي عموماً، والشباب خصوصاً كان "مزعجاً وصادماً، لكنه قوبل أيضاً بشيء من التسليم لعدم وجود إمكانية للقيام بأي تحرك أو معارضة أو مقاومة لإملاءات النظام، وعليه فإن قسماً كبيراً من الشباب المنشقين بدأوا بتسجيل أسماءهم رغم الانزعاج والخوف".

إذاً، بعد شهور من حفاظ بلدة بيت سحم على الكتلة الشبابية فيها بعيداً عن موجات تطوّع واسعة في صفوف قوات النظام، كالتي حصلت في بلدتي يلدا وببيلا المجاورتين، يدفع النظام اليوم، وكالعادة عبر شبكة علاقاته وأدواته، باتجاه تفكيك هذه العقدة، عبر الإخلال بوعود المُهلْ المعطاة لشباب المنطقة، مستبقاً انتهاء المهلة في تلاعب متوقّع. وذلك، بهدف إعادة توظيف "المنشقين" في بنيته العسكرية قبيل بدء معركة إدلب، ورغبة منه في زج هؤلاء الشباب على خط الجبهة الأول في مواجهة فصائل الثوار. هذا عدا عن كون التحرك الحالي خطوة أولى في مسار تحطيم البنية الاجتماعية في بيت سحم، بدءاً من ورقة المنشقين، ليأتي الدور بعدها على "المتخلّفين" عن الخدمة العسكرية وعناصر الاحتياط. وسط تصاعد الانتهاكات على الصعيد الأمني في بيت سحم، وغيرها من مناطق "المصالحات"، من اعتقالات وملاحقات وتضييق على الحركة، ما يعني استمرار الحصار وإن بشكله الأمني هذه المرّة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها