بعد أقل من شهرين على اتفاقات "المصالحة" في الجنوب السوري، تمكن النظام من تجنيد ما يقارب 5 آلاف من عناصر المعارضة سابقاً في صفوف "قوات الغيث" و"الأمن العسكري" و"المخابرات الجوية" و"قوات النمر". تعزيزات من هذه القوات وصلت مؤخراً إلى أرياف حماة وإدلب للمشاركة على ما يبدو في المعركة المرتقبة هناك.
مصادر في المعارضة قالت لـ"المدن" إن ما يقارب 500 عنصر من درعا، صاروا على أتم اﻹستعداد للمشاركة في معركة إدلب، بعدما وصلت طلائع القوات التي انتسبوا لها إلى مطار أبو ضهور العسكري في ريف إدلب. وكانت قوات النظام قد منحت المشاركين في العملية العسكرية المرتقبة في الشمال السوري، إجازات خلال عيد الأضحى، على أن يلتحقوا بقطعهم العسكرية السبت المقبل.
وسبق ذلك اجتماعات لقيادات عسكرية من "فصائل التسوية" (المعارضة سابقاً) في الجنوب مع ضباط روس وقيادات من النظام في قاعدة حميميم العسكرية، بهدف وضع خطط مناسبة لمعركة إدلب. وشارك القيادي في "شباب السنّة" علي باش، والقيادي في "جيش الثورة" أبو مرشد البردان، والقيادي في "لواء المهاجرين واﻷنصار" أبو علي مصطفى، باﻹضافة لقادة من "الفرقة 46 مشاة" و"ألوية مجاهدي حوران" في اجتماعات حميميم.
مصادر "المدن" أكدت أن المشاركين من الجنوب يتبعون لـ"قوات شباب السنّة" التي أرسلت 210 عناصر، ومن "جيش المعتز بالله" التابع لـ"جيش الثورة" سابقاً بقوام 160 عنصراً، ومن "مجاهدي حوران" 50 عنصراً، باﻹضافة إلى 50 عنصراً من بقية التشكيلات المعارضة سابقاً في الجنوب. وتشارك تلك القوات في المعركة ضمن تشكيلات "الأمن العسكري" و"المخابرات الجوية" و"قوات النمر".
وأوضحت بعض المصادر أن أولئك العناصر اختاروا المشاركة بمعركة إدلب بشكل طوعي، موعودين برواتب عالية، وحصص من التعفيش.
ودارت أحاديث عن تواصل قيادات "فصائل التسوية" من درعا مع قيادات معارضة في إدلب، بهدف التوصل ﻹتفاق مشابه لإتفاق "المصالحة" في الجنوب مع قوات النظام، وتحييد مناطق سيطرتهم عن القصف والدمار والتهجير، مقابل مقاتلة "هيئة تحرير الشام".
وعلى الرغم من عدم انقضاء مهلة الشهور الستة التي "ضمنها" اتفاق "المصالحة" للمتخلفين عن الخدمة اﻹلزامية والمنشقين في الجنوب قبل الإلتحاق بصفوف قوات النظام، إلا أن "فصائل التسوية" فضلت المشاركة مع قوات النظام في معركة إدلب، مبررة ذلك بأنها محاولة ﻹثبات الوجود، ودعم موقفها ضمن قوات النظام التي باتت تسيطر على الجنوب، ومحاولة لحقن الدماء في الشمال من خلال التوصل "ﻹتفاق يضمن سلامة المدنيين وتسوية أوضاع المطلوبين باﻹضافة لحماية الممتلكات الخاصة من التعفيش".
ويرى البعض أن هذه المشاركة من قبل فصائل الجنوب في المعركة ما هي إلا تكفير عن ما يعتبره النظام خطيئة ارتكبتها درعا بالثورة، وهي بمثابة تجديد الولاء للنظام، والعودة طواعية إلى منظومته اﻷمنية التي سبق وأن نكّلت بدرعا منذ العام 2011.
من جهة آخرى، أطلقت قوات النظام سراح أكثر من 30 شخصاً من بلدة شعارة في اللجاة شمالي درعا، ممن كان "اﻷمن العسكري" في السويداء قد اعتقلهم مطلع آب/أغسطس، وغالبيتهم من المنشقين والمتخلفين عن الخدمة اﻹلزامية. وبقي ما يقارب 150 معتقلاً من أبناء اللجاة، رهن التحقيق بتهم الانتماء إلى تنظيم "داعش".
وفي حديثه لـ"المدن"، قال أحد المعتقلين المفرج عنهم، إنه أمضى أسبوعاً في فرع "اﻷمن العسكري"، حيث خضع للتحقيق عن أسباب انشقاقه عن قوات النظام، وما إذا كان قد شارك بمعارك ضد قوات النظام.
وبعد انتهاء التحقيق في السويداء نُقل المعتقلون إلى "الفرع 215" المعروف بـ"سرية المداهمة" في كفرسوسة في العاصمة دمشق، وهو من أسوأ الفروع الأمنية سمعة في تعذيب المعارضين للنظام. وقال المُفرج عنه، إن "المعاملة كانت مقبولة فلم يتعرض أي منا للضرب أو اﻹهانة كالمعتاد. على العكس من ذلك فقد كانت لنا معاملة خاصة، حتى الطعام كان مختلفاً والوجبات زادت عن حاجتنا، عكس ما كان يجري في السابق". وقد تم إطلاق سراح المعتقلين، ومنحهم أوراقاً للعودة إلى قطعهم العسكرية، السبت المقبل، وسط تشديد على ضرورة إلتحاق المنشقين منهم بقطعهم قبل إنقضاء مهلة الشهور الستة.
ويرى ناشطون أن هذه الخطوة تأتي ضمن التودد والغزل الذي يبديه النظام لبناء الثقة مع "فصائل التسوية" والتي شاركت مع قوات النظام في معركة حوض اليرموك ضد تنظيم "داعش" والمعارك شرقي السويداء، والآن في إدلب.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها