الخميس 2018/06/28

آخر تحديث: 08:36 (بيروت)

درعا: مليشيات النظام تتقدم إلى الحراك.. وتهدد إبطع

الخميس 2018/06/28
درعا: مليشيات النظام تتقدم إلى الحراك.. وتهدد إبطع
لا تقل الأوضاع الإنسانية خطورة (Getty)
increase حجم الخط decrease
تركزت الحملة العسكرية لقوات النظام على الزاوية الشمالية الشرقية لمحافظة درعا، والمتمثلة بمنطقة اللجاة وبلدة بصر الحرير، والتي تعتبر خط الدفاع الأول عن كامل ريف درعا الشرقي، واستطاعت تحقيق تقدم سريع ومفاجئ ما مكنها من السيطرة على قرى في اللجاة وبلدتي بصر الحرير ومليحة العطش المجاورة لها، صباح الثلاثاء 26 حزيران/يونيو. وواصلت المليشيات تقدمها، أمام انهيار غير متوقع وغير مفهوم لجبهات فصائل المعارضة، لتحكم سيطرتها على بلدة صما التابعة إدارياً لمحافظة السويداء، وعلى بلدات ناحتة والمليحة الشرقية والمليحة الغربية. ولم تقدم "غرفة العمليات المركزية" لفصائل المعارضة تفسيراً للتطورات العسكرية في هذا المحور من المعارك، واكتفت بالقول: "أحد المقاتلين من بلدة ناحتة قام بتفجير نفسه في تجمع لعناصر النظام والمليشيات الأجنبية على أطراف البلدة رافضاً الاستسلام"، مضيفة أن العملية أوقعت عشرات القتلى والجرحى.

هذا التقدم وضع قوات النظام على أطراف مدينة الحراك، التي تعتبر من أهم مدن ريف درعا الاستراتيجية إذ تتوسط ريف درعا الشرقي بالكامل. ويُقرأ من خط سير المعارك، أن قوات النظام تبحث عن السيطرة على مدينة الحراك ثم بلدتي الصورة وعلما، والوصول إلى مواقعها المقابلة في بلدة خربة غزالة. وبذلك تتمكن المليشيات من فتح طريق ربط ثانٍ بين مواقعها في محافظة السويداء ومحافظة درعا، بعدما تمكنت من ربط بلدة المزرعة في السويداء بمدينة إزرع في درعا، في وقت سابق.


(المصدر: LM)

وبالتزامن مع المعارك في ريف درعا الشرقي، افتتحت قوات النظام محوراً جديداً في محيط مدينة درعا، وشنت هجوماً عنيفاً باتجاه منطقة غرز وصوامع الحبوب شرقي المدينة. كما بدأت هجوماً باتجاه منطقة الزمل وقاعدة الدفاع الجوي جنوباً، بهدف تطويق مدينة درعا من الجانبين، وقطع الطريق الوحيد الرابط بين ريفي درعا الشرقي والغربي. فصائل المعارضة العاملة في "غرفة عمليات البنيان المرصوص" استطاعت صد الهجوم الذي استمر لأكثر من 15 ساعة، كما أعلنت عن استهداف مواقع قوات النظام في حي سجنة، بصواريخ "أبو بكر" و "عمر" محلية الصنع، شديدة الانفجار، والتي أعلنت عن امتلاكها لها خلال عرض عسكري قبل أسابيع.

ولا تقل الأوضاع الإنسانية خطورة عن الجانب العسكري، فالضغط الذي تمارسه قوات النظام لم يقتصر على خطوط المواجهات فقط، بل وسعت الطائرات الروسية والسورية من قصفها لجميع مدن وبلدات ريف درعا الشرقي، وعدد من بلدات الريف الغربي، لتلاحق النازحين من بلدة إلى أخرى، متسببة في مقتل وجرح العشرات من المدنيين، كان آخرها مساء الأربعاء 27 حزيران، بعدما استهدفت الطائرات الحربية النازحين في بلدة الطيبة، وخلفت 13 ضحية من المدنيين معظمهم من النساء والأطفال، ما أدى لموجات نزوح جديدة تقدرها المصادر المحلية بأكثر من 120 ألف نازح خلال الأيام الماضية فقط.

إغلاق السلطات الأردنية حدودها أمام النازحين، واكتظاظ الآلاف من المدنيين في المخيمات على الشريط الحدودي مع الجولان المحتل، وفي بعض البلدات التي باتت تستضيف أكبر من طاقتها بكثير، دفع بالمئات من النازحين للتوجه إلى مناطق سيطرة قوات النظام. وتوقع النظام مسبقاً هذا السيناريو وربما أعدّه بدقة. وكانت "المدن" قد كشفت عن تحضير هيئات النظام المدنية لثلاثة مخيمات للنازحين في المنطقة الممتدة بين بلدتي جباب وتبنة في ريف درعا. كما قامت بتنظيف وتجهيز المدارس في مدينتي الصنمين وازرع وأحياء درعا المحطة، لتستقبل بداية من الأربعاء 27 حزيران، النازحين على حواجز داعل وكفر شمس وخربة غزالة، وتنقلهم بالتنسيق مع الهلال الأحمر باتجاه مراكز الإيواء. ويُقدر عدد النازحين الواصلين إلى مناطق سيطرة قوات النظام في اليوم الأول لاستقبالهم بـ900 عائلة.

وبدأت بعض البلدات في ريف درعا بتلقي تهديدات من قوات النظام باقتحامها وقصفها بشكل عنيف مستندة على ما حققته من تقدم عسكري، وما خلفته من موجات نزوح وتدمير. فأبلغت المليشيات أهالي بلدة ابطع في ريف درعا بإخلاء البلدة سريعاً، تحضيراً لعمل عسكري فيها، الأمر الذي دفع وجهاء البلدة إلى الاجتماع سريعاً وتشكيل وفد، سيتوجه للتفاوض مع قوات النظام، الخميس 28 حزيران، للوصول إلى اتفاق يضمن تحييد البلدة عن العمليات العسكرية. ويعتبر موقف فصائل المعارضة في إبطع هو التحدي الأكبر، فهي تتمسك بالبقاء داخلها ورفض عمليات التهجير.

السيطرة العسكرية في جنوب سوريا، تتغير بشكل متسارع، في ظل معاناة إنسانية تتفاقم يوماً بعد يوم. وتكتفي الأمم المتحدة بتوصيف المشهد، من دون التدخل أو التأثير فيه، وظهر ذلك صراحة في حديث مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، في كلمة أمام مجلس الأمن، الذي قال إن "الأمور في جنوب غربي سوريا تسير نحو وضع مشابه لما جرى في الغوطة الشرقية وحلب". ليبقى السؤال إن كان ما جرى في الغوطة وحلب سيحدث في درعا أيضًا، أم أن موقعها على الحدود الأردنية وقرب النفوذ الإسرائيلي، سيجعلها تحت الوصاية الإقليمية لحمايتها من زحف قوات النظام المستمر.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها