الأحد 2018/10/21

آخر تحديث: 13:24 (بيروت)

إسرائيل تعتقل وزيراً وضابط أمن:كبح نشاط السلطة في القدس؟

الأحد 2018/10/21
إسرائيل تعتقل وزيراً وضابط أمن:كبح نشاط السلطة في القدس؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease

لم يكن اعتقال محافظ القدس عدنان غيث، السبت، وقبله بساعات مدير مخابرات القدس العقيد جهاد الفقيه، الأول من نوعه بحق ضباط وكوادر في المدينة، لكن هذه الخطوة جاءت في وقت أعلنت فيه السلطة الفلسطينية شروعها بعملية تحقيق في تسريب عقار "عقبة درويش" في القدس القديمة، لصالح المستوطنين. وقالت إن ذلك يهدف لمساءلة الأطراف ذات العلاقة، بعد تسرب أنباء عن تورط جهاز المخابرات في السلطة بعملية التسريب.

وكان الاحتلال اعتقل قبل نحو عام مدير شرطة محافظة القدس وضواحيها في السلطة الفلسطينية العقيد علي القيمري لمدة اسبوع، للتحقيق معه وتحذيره من مغبة الاستمرار بملاحقة تجار المخدرات في المدينة؛ بحجة أنه تعدٍ على السيطرة الإسرائيلية وليس من اختصاص السلطة.

واعتقلت قوة خاصة تابعة للاحتلال اعترضت مركبة غيث في بيت حنينا واختطفته من داخلها واقتادته إلى جهة مجهولة. ومددت سلطات الاحتلال توقيف محافظ القدس عدنان غيث لمدة 4 أيام، وحولته الى محكمة "عوفر" العسكرية، بحجة ارتكابه مخالفة داخل أراضي الضفة الغربية، من دون تحديدها حتى اللحظة. وعليه ستعقد جلسة خلال الساعات ال96 القادمة، للنظر بالتهمة الموجهة اليه.

في السياق، ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الأحد، أن الشرطة الإسرائيلية منعت نشر أسماء فلسطينيين تورطوا مؤخراً في بيع منازل للمستوطنين بالحي الإسلامي في القدس. وبحسب الصحيفة، فإن جهازيّ "الشاباك" والشرطة اعتقلا مؤخراً مسؤولين فلسطينيين كبار، للاشتباه في تورطهم بقضية محاولة إصدار أحكام ونشر أسماء للمتورطين في عملية البيع.

وتأتي عملية اعتقال محافظ القدس، ومدير جهاز المخابرات الفلسطينية في مدينة القدس، على خلفية القضية، وخوفاً من إلحاق الضرر بتجار الأراضي، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.

الناطق باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري قال، لـ"المدن"، إن اعتقال كوادر وقيادات أمنية من القدس ليست جديدة، ولكنها باتت مكثفة في الآونة الأخيرة وذلك في خضم الهجمة الإسرائيلية الشرسة على المدنية من ناحية فرض أمر واقع على المسجد الأقصى، ومروراً بدعم عصابات تساهم ببيع العقارات للمستوطنين.

واعتبر الضميري أن هذه الإعتقالات تندرج في سياق عمل الاحتلال على "فرملة" ومنع أي نشاط للسلطة الفلسطينية في المدينة ومحيطها، سواء كان سياسياً أم اقتصادياً أم أمنياً، مُبيناً أن المس بمدير المخابرات في القدس يتعلق أيضاً بمتابعته لبعض قضايا تسريب الممتلكات الفلسطينية في المدينة لصالح الاحتلال، وعمله على كشف تفاصيلها بعيداً عن الإعلام والضجة.

وعند سؤال "المدن" حول العلاقة المباشرة بين عملية اعتقال المحافظ وضابط الأمن وبين التحقيق في بيع عقار "عقبة درويش" للمستوطنين، أجاب الضميري "دعنا لا نتحدث بتفاصيل"، لكن هذا جزء من دوافع الاعتقال.  وأوضح أن ذلك لا يروق للإحتلال لمحاربة العصابات التي تقف وراء ذلك، خاصة في ظل صدور فتوى من دائرة الإفتاء الفلسطينية باعتبار الذين يقفون خلف بيع هذه العقارات للإحتلال بمثابة "الخيانة". وأشار الضميري إلى أن هذه الملاحقة الفلسطينية أثار حنقاً إسرائيلياً شديداً.

ونوه الضميري إلى اعتقال عشرات المتهمين بتسريب الأراضي والممتلكات الفلسطينية للإحتلال خلال السنوات الماضية، الأمر الذي "يثير الإسرائيليين ويدفعهم لملاحقة ضباط الأمن والكوادر في السلطة". وتطرق الضميري أيضاً إلى نشاط محافظ القدس عدنان غيث في الإعتصام في الخان الأحمر، لا سيما وأن السلطة تشدد على أن قضية الخان هي بوابة القدس لحمايتها.

وكشف الضميري عن تحذيرات اسرائيلية مستمرة تصل السلطة مؤخراً لوقف نشاطها في القدس ويحاولون منعها، مُبيناً أن الإحتلال يمنعه هو شخصياً من دخول القدس.

مصدر أمني في السلطة الفلسطينية قال لـ"المدن"، إن الإعتقال مرتبط بعملية تحقيق يقوم بها الامن الفلسطيني في قضية عقار القدس الذي تم بيعه.

وبالرغم من تأكيد السلطة على القيام بدورها اتجاه القدس، تعلو أصوات مقدسية قد عبّر عنها الناطق باسم اهالي سلوان فخري ابو دياب، حيث قال إن اهالي القدس يعانون وحدهم، ولا تبذل السلطة الجهد الكافي لتثبيتهم في ممتلكاتهم، في مقابل ما تحظى به جمعيات يهودية من دعم من الحكومة الإسرائيلية لتعزيز الاستيطان.

وطالب أبو دياب الحكومة الفلسطينية بكشف عصابات تعمل على بيع الاراضي والممتلكات المقدسية للاحتلال والمستوطنين، لأنه لن يتبقى شيء في مقابل الهجمة الاسرائيلية الضخمة على المدينة. وأوضح أبو دياب أن عقار "عقبة درويش" يعتبر نقطة قريبة من المسجد الأقصى، ما يعني أن المستوطنين باتوا يحاصرون المسجد عن قرب.

مصدر من القدس طلب عدم ذكر اسمه، علق لـ"المدن" على قضية تسريب عقار "عقبة درويش" مؤخراً، بالقول إن المناكفة السياسية على أعلى مستوى بين رئيس السلطة محمود عباس والقيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، كانت السبب الذي أدى إلى تسريب العقار بطريقة أو بأخرى للمستوطنين، بغض النظر عن الرواية التي ترددها بعض الأوساط الرسمية والقائلة "إن السلطة قد ضُللت بطريقة أدت لتسريب العقار لصالح الاحتلال وأنها تحقق بما جرى".

وتشير أحاديث متناقلة حول هذه القضية، إلى أنه بينما كان محمد دحلان يهمّ لشراء العقار بذريعة حمايته من سيطرة المستوطنين، سارعت السلطة عبر جهاز مخابراتها لقطع الطريق عليه وإلغاء العقد بين "الشخص المنتدب عن دحلان" وبين صاحب المنزل المقدسي، فرشّحت شخصاً آخر لشرائه وإذ به يُباع للمستوطنين مقابل مبلغ يصل إلى 17 مليون دولار.

وبينما لا يزال الكثير من الغموض يكتنف القضية، وسط صمت رسمي، اكد مصدر قانوني لـ"المدن" بصفته مطلعاً على ملف بيع الارضي والممتلكات لإسرائيل، أن هناك شبكات ضخمة متورطة بالمسألة وقد تكون شخصيات تعمل في سلك التجارة أو الامن أو غير ذلك، إذ إن الأمر لا يقتصر فقط على القدس، وإنما يطال كذلك الأراضي المصنفة "ج" في الضفة الغربية وفق اتفاق اوسلو الذي أُبرم بين منظمة "التحرير" الفلسطينية والدولة العبرية عام 1993.

والواقع، أن كشف هذه الشبكات والعصابات ليس بالأمر السّهل، ففيه كثير من التعقيدات والحماية الإسرائيلية لها، حتى أن بعض اتفاقات البيع لهذه الأراضي لصالح الإحتلال كان قد تم عبر محامين في العاصمة الأردنية عمّان. وهُناك حوادث انتحار لأشخاص متورطين بعملية البيع والتسريب بعد أن تعتقلهم السلطة لانكشاف أمرهم، وكأنهم يُجبرون على ذلك من عصابات مدعومة اسرائيلياً بغية عدم انتزاع أي معلومات منهم، من شأنها أن توقع بالشبكة كاملة.

ونشر جهاز "الأمن الوقائي" في السلطة الفلسطينية قبل أشهر بياناً، حذر فيه من أنه يقوم بمتابعة الذين يبيعون الأراضي والممتلكات للإحتلال، وأن لديه قائمة بأسماء متورطين، في محاولة من الجهاز لإثارة الخوف في نفوس من يقومون بذلك، ولردع آخرين عن الإقدام على ذلك، لأسباب مرتبطة بالطمع وضعف النفوس.

وبينما حدد المجلس الوطني الفلسطيني عند اجتماعه قبل أشهر في رام الله، أن حماية مناطق "ج" من السيطرة الإسرائيلية هو عنوان النضال الذي تدعمه السلطة في هذه المرحلة، تتعالى الأصوات متساءلة: "ما الذي تخصصه السلطة من اموال ومساعدات ودعم لتعزيز الوجود الفلسطيني في هذه المناطق؟".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها