الجمعة 2016/07/01

آخر تحديث: 19:46 (بيروت)

كيف خرجت 700 سيارة لـ"داعش" من الفلوجة؟

الجمعة 2016/07/01
كيف خرجت 700 سيارة لـ"داعش" من الفلوجة؟
الرتل سلك الطريق المؤدية إلى عامرية الفلوجة، مجتازاً عشرات المواقع التي ترابط بها قوات الجيش و"الحشد الشعبي" (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease
أثار قصف طائرات تابعة للجيش العراقي و"التحالف الدولي" ليل الأربعاء/الخميس، لرتل عسكري يعود إلى تنظيم "الدولة الاسلامية" في منطقة صحراوية تبعد 90 كيلومتراً عن الفلوجة، عاصفة من الأسئلة، حول كيفية خروج هذا الجيش الجرار من المدينة، التي سبق وأعلنت الحكومة العراقية "تحريرها" بالكامل، في 26 حزيران/يونيو.

سلاسة "التحرير" كانت معاكسة لكل التوقعات، بعد الحديث عن معارك طاحنة وصعبة قد تواجه قوات الجيش الحكومي، على مشارف وفي أزقة وشوارع المدينة، وتبعتها تكهنات حول صفقة ما جرت بين الحكومة و"داعش"، لتسليم الفلوجة من دون قتال. وتأتي واقعة قصف الرتل، لتعزز تلك الاستنتاجات، خاصة إذا ما تم تمحيص الظروف الميدانية والجغرافية، التي جرت فيها عملية خروج الرتل وتوقيته، عقب إعلان "تحرير" كامل المدينة ومقترباتها من الجهات الأربع.

وبحسب المعطيات فالرتل المكون من مئات السيارات، استطاع العبور باتجاه عامرية الفلوجة جنوباً، ما يؤكد خروجه من المدينة عبر بواباتها الجنوبية، وهي البوابات التي جرى منها اقتحام قوات الجيش للمدينة. الرتل سلك الطريق المؤدية إلى عامرية الفلوجة، مجتازاً عشرات المواقع التي ترابط بها قوات الجيش و"الحشد الشعبي"، وأبرزها منطقة الحصي التي تسيطر عليها مليشيات "النجباء" و"حزب الله العراق". ووصل الرتل إلى منطقة عامرية الفلوجة، وتجاوزها باتجاه منطقة الزارة، من دون التعرض له بريّاً. واللافت أن معظم المناطق الصحراوية الواصلة بين عامرية الفلوجة ومنطقة الزارة، التي استهدف فيها الرتل جوّاً، تسيطر عليها مليشيات "الحشد الشعبي" منذ العام 2014. وكانت مليشيات "حزب الله" و"العصائب" قد عمدت إلى إقامة مواقع ومعسكرات لها على امتداد المناطق الواقعة في محيط منطقتي بحيرة الزارة والرحالية، وإعلان ضمّها إلى محافظة كربلاء بهدف "إنشاء حزام أمني لحماية المحافظة" على حد زعمهم.

وتضاربت الأنباء حول حجم الرتل المستهدف، بين قيادات وضباط الجيش العراقي. وتراوحت أعداد السيارات بحسب تصريحاتهم المتلفزة بين 400 إلى 500 سيارة رباعية الدفع، ليأتي بيان "قيادة العمليات المشتركة العراقية" الخميس، معتمداً الرقم 700 سيارة، استطاعت القوة الجوية العراقية تدمير معظمها. وبحسب البيان  فقد "خرج الرتل من مدينة الفلوجة باتجاه منطقة عامرية الفلوجة الواقعة على بعد 30 كيلومتراً جنوبي المدينة، وكان يروم الخروج عبر المناطق الصحراوية، باتجاه منطقة بحيرة الزارة، ليسلك بعدها الطريق الصحراوي نحو مدينة القائم الحدودية مع سوريا، ليتم استهدافه من قبل طيران الجيش، ليل الأربعاء مدمراً أكثر من 507 عجلات، وقتل المئات من عناصر التنظيم". كما أشار البيان إلى مشاركة طيران "التحالف الدولي"، ليل الخميس، في الإغارة على الرتل، وتدمير 173 عجلة عسكرية للتنظيم، "ولا تزال القوة الجوية العراقية تتبع فلول الرتل وتدمرها".

السفير الأميركي في العراق ستيوارت جونز، كان قد أدلى الخميس بتصريحات بدت متضاربة مع ما ورد في بيان "العمليات المشتركة" حول أعداد السيارات المستهدفة، مؤكداً الدور الرئيس لطيران "التحالف" في اكتشاف الرتل وتدميره. وتحدث جونز عن رصد طائرات الاستطلاع التابعة لـ"التحالف الدولي"، رتلاً مكوناً من أكثر من  100 سيارة عسكرية، الثلاثاء، ومتابعته حتى الأربعاء، للتأكد من تبعيته لـ"داعش" ووصوله إلى منطقة خالية من المدنيين، لتقوم طائرات "التحالف" بقصفه وتدميره. ونفى جونز تأكيد حجم الرتل المستهدف، مشيراً إلى أنه يتألف من أكثر من 100 سيارة، وأن التأكد من المعلومات حول عدد السيارات وخسائر المسلحين، مازال جارياً.

وكان رئيس "لجنة الأمن والدفاع" في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، قد تحدث عن احجام "التحالف الدولي"، عن المشاركة في قصف الرتل بحجة وجود عائلات مدنية في القافلة، الأمر الذي دفع بطيران الجيش العراقي للمبادرة في قصفه، من دون تنسيق مع الجانب الأميركي، مخالفاً بذلك شروط اتفاقية مبرمة مع الجانب الأميركي، يُحظر بموجبها تحليق الطيران أيّاً كانت هويته من دون تنسيق مشترك بين "التحالف" والحكومة العراقية.

وعكست تصريحات الزاملي بحسب مراقبين، محاولة الطرف الحكومي العراقي، مسح الشبهات حول توفير جهات حكومية عراقية، ممرات آمنة لخروج عناصر "داعش" من المدينة، من دون قتال، وإلقاء اللوم على الجانب الأميركي، واتهامه بغض النظر عن تحركات قوات التنظيم. كما أن كلام الزاملي جاء لإعطاء زخم بطولي للقوات الجوية العراقية، بعد اكتشاف أمر الرتل التابع للتنظيم. في حين تشير الوقائع إلى أن خروجاً آمناً لقوات "داعش" قد تم من المدينة عبر طرق ومناطق تخضع لسيطرة الجيش العراقي وقوات "الحشد".

ويُلمس في التعامل الاعلامي مع الحدث من قبل الأطراف السياسية والعسكرية الحكومية تخبط، بدا بأجلى صوره في حديث متلفز لرئيس الوزراء حيدر العبادي، سخر فيه من الرواية العسكرية لقيادة جيشه، حول عدد السيارات المستهدفة، متحدثاً عن بضع سيارات تقل أفراداً من الإرهابيين تمت ملاحقتهم وقتلهم. وفي لهجة تهكمية أضاف العبادي: "لو أن هذا العدد من الدواعش كان متواجداً في الفلوجة لماذا لم يقاتلوا؟ وكيف انتصرت قواتنا عليهم وطردتهم بسهولة؟". ونفى العبادي توفير ممر آمن لـ"الدواعش" معتبراً الحديث في هذا الموضوع إشاعات مغرضة.

ومنذ انطلاق معركة الفلوجة، لم يستبعد مراقبون عراقيون، قيام جهات رسمية عراقية من بينها رئيس الوزراء حيدر العبادي، بابرام صفقة عبر جهات عشائرية ومحلية، مع مسلحي "داعش" نظراً لحاجة العبادي وبعض الأطراف السياسية المأزومة، لتحقيق نصر عسكري نظيف، لانعاش المنظومة السياسية المتأزمة منذ قرابة السنة على خلفية المطالبات الشعبية والسياسية باقالة الرئاسات الثلاث.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها