الأربعاء 2015/11/11

آخر تحديث: 13:59 (بيروت)

مطار كويرس: فك حصار أم صراع إرادات؟

الأربعاء 2015/11/11
مطار كويرس: فك حصار أم صراع إرادات؟
تجاهلت وسائل إعلام تنظيم "الدولة" الرسمية الخبر (سانا)
increase حجم الخط decrease
ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، الثلاثاء، أنّ قوات "الجيش العربي السوري" استطاعت فكّ الحصار عن مطار كويرس العسكري شرقي مدينة حلب –يبعد عن مركز المدينة 45 كيلومتراً. وجاء فكّ الحصار بعد حصار دام أكثر من عامين، إذ حاصرت المعارضة السورية المسلحة المطار نهاية العام 2012 قبل أن يحكم تنظيم "الدولة الإسلامية" السيطرة على ريف حلب الشرقي كله، ومعه الحصار حول المطار مطلع العام 2014.

وفيما لم يتأكد خبر فكّ الحصار من مصادر مستقلة، تجاهلت وسائل إعلام تنظيم "الدولة" الرسمية الخبر. وقال نازح من إحدى قرى دير حافر: "بقي التنظيم يطمئننا ويكذب علينا حتى آخر لحظة، حتى أصبحت الحياة جحيماً فهربنا تحت النار، وأعتقد أنّ الحصار فُكّ". وقد اشتعلت المعارك منذ حوالي الشهرين وحققت قوات النظام تقدماً كبيراً في المناطق المحيطة بالمطار.

ويرى القيادي في "الجيش الحر" أبو حسين، وقد كان مرابطاً سابقاً على تخوم المطار، أن فكّ الحصار بات تحصيل حاصل عقب التقدم الكبير الذي أحرزته قوات النظام على جبهة المطار، إذ سيطرت على عشرات القرى وكان آخرها قرية الشيخ أحمد. قال أبو حسين: "استفاد النظام كثيراً من الطيران الروسي في الجو والقوات الإيرانية على الأرض، وليس أدل على ذلك الدعم من تزايد عدد القتلى الإيرانيين بشكل ملحوظ مؤخراً على جبهات التنظيم". وأكدت وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم، مراراً، أنّ سلاح الجو الروسي يلعب دوراً كبيراً في المعارك الأخيرة. وذكرت الوكالة أنّ النظام استطاع السيطرة على قرية تل سبعين القريبة من المطار بعد أنّ شنّ أكثر من 190 غارة، ما يوحي بأنّ التنظيم يبرر هزيمته.

ويحاول أنصار التنظيم امتصاص الصدمة، وتخفيف مرارة الهزيمة عبر التشكيك بمصداقية الخبر. وذكر أحد المقربين من التنظيم: "تمكنت مجموعات صغيرة من الوصول للمطار، دون فكّ الحصار، فما زالت المعارك تأخذ طابع الكر والفر، ولن يستطيع النظام الإمساك بالأرض وتأمين الإمداد الدائم للمطار". ويراهن أنصار التنظيم على استعادة زمام المبادرة.

يذكر أنَّ المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام مؤخراً،في ريف حلب الجنوبي الشرقي، كانت تحت سيطرة تنظيم "الدولة". يؤكد أحد النازحين من مناطق التنظيم: "معظم الأهالي هَجروا المنطقة منذ مدة طويلة، كما أنَّ سكن المحطة الحرارية تحول الى مدينة داعشية قبل أن يتم إخلاؤها مؤخراً إثر الهجمة الشرسة للنظام". وبذلك يتضاعف أثر الهزيمة المعنوية على التنظيم.

وبدأت ماكينة النظام الإعلامية احتفالاتها مبكراً بـ"النصر العظيم"، خاصةً أنَّ فكَ الحصار سبقه سقوط مطارين كبيرين، هما مطار الطبقة في ريف الرقة على يد تنظيم "الدولة"، ومطار أبو الظهور في ريف إدلب على يد المعارضة المسلحة. وقُتل حينها في المطارين مئات الجنود من قوات النظام. ويؤكد شهود عيان من مدينة حلب: "لم تهدأ أصوات الرصاص من حواجز النظام فرحاً بفك الحصار، وبدا لافتاً تكبير مآذن المساجد ومباركتها ويرجع ذلك ربما لأوامر أمنية".

ويؤكد ذلك الأثر المعنوي الكبير الذي سيتركه فكّ الحصار على قوات النظام، فضلاً عن أنصاره، وينسحب ذلك بشكل عكسي على التنظيم الذي حاول مراراً فكّ الحصار دون جدوى رغم عشرات المفخخات وخسارته مئات المقاتلين. ويذهب البعض للقول إنّ التنظيم خسر أكثر من 1000 مقاتل خلال فترة الحصار ومحاولات الاقتحام.

ويشكل فكّ الحصار كارثة حقيقية على مناطق ريف حلب الشرقي الواقعة تحت سيطرة تنظيم "الدولة"، خاصة إذا استتب الأمر للنظام، واستكان التنظيم. ويشير نازح من مناطق التنظيم: "لاشكّ أنّ النظام سيعيد بالتعاون مع الروس تأهيل مطار كويرس، وسيصبح مطار حميميم الثاني، أي قاعدة روسية بامتياز". الأمر الذي ينذر بموجة نزوح كبيرة لمناطق كانت نوعاً ما آمنة، يتابع النازح: "وبالتالي لن يغادر الطيران الحربي الروسي سماء الريف الشرقي، ناهيك عن القوة النارية المتمثلة براجمات الصواريخ والمدافع". فيما يرى آخرون أنه ليس بمقدور النظام التقدم أكثر من مطار كويرس على الأقل مؤقتاً.

ويركز ناشطون على حساسية موقف التنظيم، ووضعه المحرج بعد أن أصبح بين سندان القوات الكردية في عين العرب "كوباني" وبين مطرقة قوات النظام في كويرس. ويراهن أنصار التنظيم على قيامه بعمليات كبيرة تفقد النظام بريق نصره بكويرس، يقول أحد أنصار التنظيم: "ربما تعيد الدولة الإسلامية قطع طريق أثريا، ولا نستغرب تحريره للمدينة الصناعية، ومدناً أخرى".

ويبدو لافتاً لا مبالاة المعارضة السورية المسلحة، أعداء النظام والتنظيم، بفك حصار كويرس. ويذهب كثيرون منهم إلى وصف ما حدث على أنّه "لعبة قذرة" بين النظام والتنظيم. يقول أحد مقاتلي "الجيش الحر": "أيعقل نجاح التنظيم في السيطرة على مطار الطبقة، وفشله بمطار كويرس؟". ويذهب أبعد من ذلك متابعاً: "بدأت حقيقة التنظيم تتكشف، فكل الاقتحامات كانت فاشلة لأنّ القيادات أرادت لها ذلك فهي للتمويه وذر الرماد بالعيون، فالتنظيم يسلم الأراضي للأكراد وأخرى للنظام، ويطعن الثوار بظهورهم". ويعلق قسم من الثوار آمالاً بأن تكون صدمة كويرس درساً وسبباً في عودة قسم من مقاتلي "الدولة" إلى رشدهم. يقول مقاتل سابق: "آمل أن يكتشف إخواننا أن بيعتهم لداعش خطيئة، ويدركوا أنَّ التنظيم صناعة مخابراتية محكمة لقضم الثورة وتشويه الإسلام".

ولا شكَّ أنَّ النظام والقوى المتحالفة معه سيستثمرون هذا النصر العسكري سياسياً في مفاوضات فيينا وغيرها، إذ سيظهر النظام كقوة فاعلة على الأرض قادرة على دحر "الإرهاب"، كما يبدو ذلك واضحاً، منذ الآن، في وسائل إعلام النظام.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها