صورة مروّعة تحرّك قضية الطفلين المخطوفين ببعلبك

لوسي بارسخيان
الأربعاء   2023/01/04
تقول السلطات اللبنانية إن الطفلين المخطوفين باتا خارج الحدود (المدن)

بعد نحو ثلاثة أشهر على خطف الطفلين مهند وغالب العروب في مدينة بعلبك، نشر والدهما ماجد صورة لهما (نمتنع عن نشرها حفاظاً على كرامة الطفلين)، قال الوالد إنه تلقاها من الخاطفين عبر هاتفه، تُظهر أحد ولديه وهو معلّق من رجليه، في محاولة ترهيبية من الخاطفين لإجباره على تأمين مبلغ مئة ألف دولار مقابل الإفراج عنهما.

الخطف الأول 
الصورة تختزن من البشاعة ما يستحيل ألا تحرك الضمائر، علماً أنها ليست الأولى التي توثّق للوحشية التي يتعرض لها الطفلان المخطوفان من قبل محتجزيهما، كما أكد الوالد في اتصال مع "المدن"، الذي أرسل لنا صورة سابقة تلقاها من الخاطفين، وتظهر أثار الضرب والتعنيف على جسدي الطفلين. 

خُطف مهند (12 سنة) وغالب (15 سنة) بتاريخ 22 تشرين الأول من العام الماضي، بينما كانا يتوجهان سيراً على الأقدام إلى محل "بالة" يملكه والدهما، وهو سوري متزوج من لبنانية، ومقيم في حي الصلح بوسط مدينة بعلبك. وقد جاء خطفهما بعد ثمانية أشهر من عملية خطف مشابهة لإبن عمتهما، الذي دفعت عائلته مبلغ 40 ألف دولار لاسترداده.

لا تشير سيرة العائلة إلى غناء فاحش حرك الأطماع من حولها، إلا أنه حسب بعض المصادر، فإن استجابتها لطلب الخاطفين في المرة الأولى، يمكن أن يكون قد شجع عصابات الخطف على إعادة التجربة معها مرة ثانية. وقد تكون العين وقعت على هذه العائلة تحديداً، كونها تدير عدة محلات في وسط مدينة بعلبك تحت إسم "ماجد". بينما يؤكد والد الطفلين أن هذه المحلات تتوزع على أفراد عائلته الذين استخدموا الإسم نفسه في محاولة لخلق سلسلة متواصلة، "فاعتقد الخاطفون أنني مالكها كلها وأنني من أصحاب المليارات".

الخاطفون معروفون!
منذ ثلاثة أشهر يعيش ماجد وزوجته والشقيق الأصغر للطفلين المخطوفين، حالة عزاء في المنزل، كما يؤكد خال مهند وغالب. إلا أنه عندما تلقى الصورة الأخيرة، شعر بالنار تحرق قلبه كما يقول ماجد، ولم يتمكن من أن يغمض عينيه طيلة الليل. يقول ماجد "لو أخذوني أنا، الله لا يردني. ولكن هؤلاء أطفال ما ذنبهم". ليس سهلاً على الوالد أن يهدأ وهو يعرف أن ولديه يتعرضان لكل هذا التعذيب والألم، بينما السلطات كلها غافلة عن الموضوع، ولا تبذل الجهد المطلوب لإنقاذهما من عذابهما. وهذا ما حاول ماجد أن يشرحه في اتصال مع "المدن"، حيث أكد أن خاطفي طفليه معروفين بالإسم والعنوان. وعندما طلبنا منه أن يسميهم شرح لنا أن ولديه "كانا موجودين قبل ثلاثة أشهر في منطقة القصر قرب الحدود السورية مع أفراد عصابة من آل جعفر، وقد بيعوا من بعدها إلى جهة أخرى. وهذه عصابة تمتهن عمليات الخطف وابتزاز الأهل، ونحن أتينا بإبن شقيقتي من عندهم بالذات، وهي عصابة متكاملة فيها أفراد لبنانيون وسوريون يتعاونون معاً، ولكل منهم دور". وأشار ماجد "إلى أنه لدى التواصل مع هذه العصابة في البداية، أرسلوا لنا صوراً لعدة أطفال يحتفظون بهم، قبل أن نتمكن في النهاية من التأكد بأن طفلينا مخطوفين هناك أيضاً".

السلطات.. وحزب الله
منذ تحديد وجهة خطف الطفلين، حاولت العائلة أن تستردهما ولو عبر دفع فدية. وتمكنت من تخفيض المبلغ الذي حدده الخاطفون بداية بـ350 ألف دولار إلى مئة الف دولار. إلا أن الوالد أكد أنه من أصل كل هذا المبلغ تمكن من جمع 20 ألف دولار فقط، بعد أن باع بعض ممتلكاته، واستدان من الأصدقاء والأقارب. مؤكداً أن "كل هدفي أن أشتري أولادي وأغادر هذه البلاد". إلا أنه لما عرض المبلغ على الخاطفين، جاءه جوابهم كما يقول ماجد "أنهم أنفقوا ما يفوق هذا المبلغ على طعامهما ومسكنهما".

يتجنب الوالد الحديث عن تقصير السلطات في بذل الجهود لإستعادة ولديه، ولكن الخال بالمقابل يحاول أن يجري مقارنة بين كيفية تعاطي الجهات العسكرية مع خطف طفلين، بمقابل سرقة سيارة ضابط وتجهيزات للطاقة الشمسية قبل فترة. ففي الحالة الثانية، استعيدت السيارة وباقي المسروقات من داخل الأراضي السورية، أما في حالة الطفلين فالجواب الذي تتلقاه عائلتهما أنهما معتقلان خارج سيطرة الأجهزة اللبنانية.

علماً أن مهند وغالب، كما يؤكد والدهما، كانا لا يزالان داخل الأراضي اللبنانية عندما خرج في مؤتمر صحافي لمناشدة الأجهزة العسكرية اللبنانية إعادتهما. حيث يقول إن جهاز المخابرات أوقف شقيق وشقيقة أحد المشتبه بهم وهما أ.ف. جعفر وف.ف. جعفر، وحاول الضغط على الخاطف بهما، إلا أن الجواب حينها كان أن الطفلين صارا في سوريا بين منطقتي جرميش وحاويك.

ومع ذلك أصر الوالد في بيان أصدره صباح اليوم بعد تلقيه صورة جديدة من الخاطفين، على مناشدة قائد الجيش مجدداً. معتبراً أنه قادر على التواصل مع كبار المسؤولين السوريين. وهؤلاء إذا أرادوا قادرين على ملاحقة العصابة بكل سهولة وإطلاق الولدين. مشيراً إلى أن حزب الله أيضاً يملك هذه القدرة، ولكنه رفض التدخل، بذريعة أن الأمر يتعلق بالعشائر ويمكن أن يتطور إلى مواجهة دموية.