يوم الموت الطويل: مواكب الجثامين من طرطوس إلى طرابلس

جنى الدهيبي
السبت   2022/09/24
بدا التقاعس الرسمي اللبناني ملحوظًا (المدن)

يوم قاسٍ ومفجع عاشه ذوي ضحايا المركب الغارق قبالة ساحل طرطوس السورية. ومن طرابلس حتى الحدود السورية اللبنانية في منطقة العريضة، تهافت عدد من الأهالي لاستقبال الجثمانين التي جرى التعرف على هويتها، بعدما تأخر وصولها لساعات.  

وهناك، بدا المشهد مثقلًا بالحزن لمواطنين يعيشون أطوار تخلي السلطات والمسؤولين عنهم، ولم يجدوا سياسيًا من الدرجة الأولى أو حتى الثانية، يقف إلى جانبهم باستقبال أبنائهم جثثًا، ولو من باب رفع العتب أمام الرأي العام.  

لذا، بعض الأهالي رفضوا الحديِث إلى الإعلام، "لأن صوتنا مهما ارتفع لن يصل، ولأن الدولة التي تركت أكثر من 33 جثة بعمق البحر لن تسأل عن جثامين ومصير مفقودي هذه الرحلة"، وفق ما تقول إحدى قريبات آل مستو في باب الرمل لـ"المدن"، التي خسرت ابنها مصطفى مع ثلاثة من أبنائه. 

وتحلق الأهالي حول سيارات إسعاف الصليب الأحمر في العريضة، وتسلمت ليلًا من الهلال الأحمر السوري جثامين 7 لبنانيين، إضافة إلى فلسطينيين، بعدما تعرف عليهم أفراد من ذويهم توجهوا إلى طرطوس.  

أما هوية اللبنانيين الذين وصلت جثثهم فهم: مصطفى مستو وابنته دنيا، وتم تشييعهما في باب الرمل ليلًا قبل دفنهما على وقع أصوات الرصاص التي ترددت أصداؤها في طرابلس. الطفل عمار التلاوي بانتظار تشييعه في بلدته القرقف-عكار، وهو من سكان باب التبانة. وقد تم ظهر الخميس تشييع شقيقتيه مايا ومي التلاوي. ريان السيد علي وشقيقه عصمت، وكمال وسميح دياب، وهم من طرابلس، وسيتم تشييعهم في مسجد حمزة في القبة.. 
أما مخيم نهر البارد، فقد تسلم أهله جثتين تعودان للفلسطينيين عبد العال عمر ورواد السيد ومن المفترض أن يتم تشييعهما هناك. 

وفي آخر تحديث للأرقام، أعلن المكتب الإعلامي لوزير الأشغال والنقل في حكومة تصريف الأعمال، علي حمية، في بيان، أن "عدد ضحايا المركب الغارق قبالة طرطوس بلغ 87 ضحية، فيما يعالج 20 من الناجين في المستشفى"، وهي حصيلة غير نهائية لمركب يجري الحديث أن عدد ركابه يبلغ نحو 150 مهاجرًا لبنانيًا وسوريًا وفلسطينيًا.  

وتقول سلطات النظام السوري أنها تواصل البحث عن المفقودين، بمشاركة عناصر من البحرية الروسية إلى جانب البحرية السورية. 
ووردت صور وفيديوهات عصر الخميس بعد العثور على جثة شاب قرب جزيرة أرواد السورية، فأُرسل زورق إلى المكان، وعثر بعدها على جثة طفل، قبل أن تبدأ "جثث الضحايا بالظهور"، حسب بيان المدير العام للموانئ السورية، سامر قبرصلي. 

وتواجه فرق الإسعاف والسلطات مصاعب كبيرة بالتعرف على هوية الجثامين لأن معظمها بلا أوراق ثبوتية.  

وبانتظار الحصيلة النهائية للضحايا والتعرف على هويات جميع الجثث، بدا التقاعس الرسمي اللبناني ملحوظًا، واقتصر على تصريحات لبعض الوزراء، من دون تحرك جاد وفاعل أو موقف جريء تجاه مأساة إنسانية ووطنية، تسجل أعلى حصيلة ضحايا منذ استعار موجة اللجوء من شواطئ شمالي لبنان.