عدرة قانصوه من انتفاضة التبغ 1972 إلى انتفاضة 2019

حسين سعد
السبت   2019/10/26
نناضل من أجل أن نكون مواطنين أحراراً في بلد يحكمه الدستور والقانون (المدن)
"عدرة" هو الاسم الذي تيمنت فيه عائلة محمود قانصوه يوم ولادة ابنتها عشية عيد الميلاد المجيد. ولم ترالعائلة (الشيعية) ضيراً في إطلاق هذا الاسم على ابنتها في البيئة التي تعيش فيها.

فكما ولدت، بقيت عدرة (أستاذة مادة التاريخ في التعليم الثانوي) على إيمانها الوطني، نابذة كل أشكال التمذهب والتطييف للبلد، الذي أحبته، وناضلت وتناضل في سبيله يوم كان عمرها عشر سنوات، مشاركة مع زميلات لها في اعتصام مزارعي التبغ الشهير، في مركز إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) المطل على بلدتها كفررمان، في شهر تشرين عام 1972، والذي انتهى بسقوط شهيدين من المزارعين حينها.

طيلة 45 عاماً
دوار كفرمان الذي يفصل البلدة القديمة ومبنى الريجي قبل تمدد البلدة عمرانياً، له طعم آخر في ذاكرة المربية الشيوعية عدرة. إذ لا ترى فارقاً كبيراً بين انتفاضة المزارعين يومها والانتفاضة الشعبية الآن التي امتدت إلى كل الوطن، حاملة معها كل الأوجاع التي وصلت إلى حد الانفجار. فبين خيمة الاعتصام عند دوار كفرمان، التي تواظب فيها من الساعة 11 ظهراً وحتى آخر الليل، منذ بدء الانتفاضة، وبين مدرسة كفرمان الرسمية التي خرجت منها للالتحاق بتظاهرة المزارعين بلباسها المدرسي، بتحريض من مجموعة من الشبان الشيوعين من أبناء بلدتها، وبين ساحات رياض الصلح والإسكوا في اعتصامات المعلمين الشهيرة قبل تسع سنوات، تراكم نضالي ومطلبي عمره 45 عاماً أوصل إلى ما تؤول إليه "الثورة" الشعبية في كل بقاع لبنان، وفق ما تقوله المربية عدرة.

وعدرة قانصوه، التي تساهم كغيرها من نساء البلدة في إعداد الطعام وتأمين مستلزمات المعتصمين، إلى جانب دورها في توعية جيل الثورة الجديد، المتحمس بشعاراته ونبرته، تجزم أن هذا الحراك العابر للمناطق والطوائف والمذاهب هو وليد تراكم مطلبي يمتد إلى عقود خلت. فكل الساحات تشهد على التحركات الشعبية والمطلبية والنقابية، التي لم تنطلق أوتتوقف يوماً عند رغبة زعيم أو حزب، فهي كانت دائما محقة ومشروعة.

موسيقى لا شتائم
تقول: "نناضل من أجل أن نكون مواطنين أحراراً في بلد يحكمه الدستور والقانون، وأن نكون موظفين عند الدولة، وليس عند الزعيم، أياً يكن هذا الزعيم. فلا احد يزايد علينا في المقاومة والدفاع عن الأرض. فلتاريخ بلدتنا وغيرها باع طويل في المقاومات الشعبية، في سبيل لقمة العيش ومقاومة الاحتلال الاسرائيلي، حيث رويت أرضها بدماء الشهداء وفي طليعتهم شهداء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية".

برأي عدرة، فان هذا الحراك الذي يتبنى شعارات التغيير بدءاً بقانون انتخابي على أساس النسبية خارج القيد الطائفي، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، واستعادة المال المنهوب، واستقالة الحكومة وسواها، قادر على تحقيق المطالب المشروعة والمحقة للناس، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الإمعان في هدر وسرقة ونهب مقدرات البلد".

تقول: "في خيمة الاعتصام في دوار كفرمان يطغى الهدوء والموسيقى وشعارات التغيير، ولامكان للشتم والسباب، الذي هو ليس من شيمنا وقيمنا. فأهدافنا رفع الظلم عن أهلنا ونيل الجميع حقوقهم".

دور الشابات
تؤكد عدرة أن الأمر الإيجابي في خطاب الرئيسين عون والحريري هو إقرارهما بالفساد المستفحل، والذي يتعدى رأس السلطة إلى غالبية الإدارات. تضيف: أن هذا الحراك الذي لم يسبق له مثيل على مستوى الوطن، ساهم بارتفاع مستوى الوعي، وفرز طاقات حراكية جديدة، رافضة كل الاتهامات التي تهدف الى تشويه الحراك. وترى بأن المشاركات الكثيفة والقيادة الرائدة للنساء والشابات في هذا الحراك، هو أمل إضافي بنجاح الحراك الشعبي. لما تشكله المرأة من دور ريادي في التغيير الشامل.