جنين في كرتونة.. وبلبلة في "التواصل الاجتماعي"

صفاء عيّاد
الجمعة   2018/12/21
هناك برتوكول عالمي، يقضي بتغليف الأجنة المتوفين بورقة رزقاء ووضعهم بعلبة كرتون (الإنترنت)
انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي صورتين لجثة جنين، تسلمها الأهل بعلبة كرتون، مرجعين السبب لعدم قدرة الأهل على دفع تكاليف المادية، لإبقاء الجنين الميت في براد المستشفى. الصورة أثارت نقمة على مستشفى "الحياة"، وغضب من التصرف "غير الإنساني وغير الأخلاقي، والذي يفتقد إلى معايير حقوق الإنسان"، كما عبر الكثير من نشطاء مواقع التواصل الإجتماعي.

بروتوكول دولي
"المدن" استوضحت حقيقة الرواية من مدير الطاقم الطبي في المستشفى المذكور، الدكتور ملحم صابر، الذي قال: "هناك برتوكول عالمي، يقضي بتغليف الأجنة المتوفين بورقة رزقاء ووضعهم بعلبة كرتون. وهذا ما يعتمد في مستشفيات لبنان والخارج". وتابع صابر: "على عكس ما يشاع، فلا خلفيات مادية وراء الموضوع، فمن المعروف أن مبيت الجثة في براد المستشفى هو مجاني، ولا نتلقى عليه أي بدل مادي".

صابر، أشار إلى أن الحالة الطبية وصلت منذ ثلاثة أيام إلى المستشفى، حيث كان الجنين (أنثى) متوفاة في رحم الوالدة، وأجريت على الفور العملية لها، وتلقت الرعاية الطبية اللازمة. ومن ثم، خرجت من المستشفى. وما من إشكالية مالية حدثت مع الأهل".

كلام صابر يؤكده عدد من الأطباء، الذين يعملون في مستشفيات مختلفة، والذين  استصرحتهم "المدن"، مؤكدين أن "طريقة تسليم الأجنة المتوفية خلال الولادة أو بعد الولادة مباشرة معتمدة في شتى أنحاء العالم، حيث يتم تغليف الوليد المتوفي  بورقة زرقاء ويوضع في علبة كرتون".

لكن دكتورة في طب الأطفال "ف.ف"، أشارت إلى أنها أعترضت سابقاً على الطريقة التي تُسلم بها الجثة، في المستشفى التي تعمل به. "فالطريقة غير إنسانية وتؤذي مشاعر الأهل، وقد قامت بالإعتراض عليها، ما دفع المستشفى إلى تغيير الطريقة، بإستبدال الورقة الزرقاء بقطعة  قماش، وتسليم الطفل بسرير المستشفى إلى أهله".

استهجان الأهل
من جهته، يشير والد الجنين عباس ضيا في حديث لـ"المدن"، بأن ما نشر على المواقع الإخبارية وعلى وسائل التواصل هي أكاذيب: "مستشفى الحياة هي الوحيدة التي استقلبت زوجتي على نفقة وزارة الصحة، على عكس مستشفيات أخرى رفضت إستقبالنا". مستغرباً الرواية التي نُشرت عن لسانهم، وعن عدم تمكنهم من دفع تكاليف العلاج. ضيا لم يُستفز من مشهد وضع الجنين الميت في علبة كرتون، على حد قوله . لكنه، عبرعن استيائه من إنتشار صورة الجثة عارية، على وسائل التواصل الإجتماعي، من دون مراعاة لحرمة الموت.

"المدن" حاولت التواصل مع نقيب الأطباء ريمون الصايغ، للإستفسار عن الطريقة المعتمدة، إلا أنها لم تلقَ جواباً.

فظاعات "التواصل الاجتماعي"
بالتأكيد، الصورة التي انتشرت لمشهد الجثة في علبة الكرتون، هي مستفزة، وتثير النفور أو الاستنكار في نفوس المواطنين، وربما على المستشفيات إعادة النظر بهذه الطريقة، واستبدالها بأسلوب يحترم حُرمة الموت ومشاعر الأهل. لكن، في المقابل، متى يُبادر رواد التواصل الإجتماعي إلى عدم إنتهاك حقوق الموتى وأهلهم بنشر صور جثثهم العارية على صفحاتهم؟

هنا، لا ننكر قوة التأثير في الرأي العام التي يمارسها نشطاء الصفحات، وتقديم العون في العديد من القضايا الإنسانية. لكن، من المفترض أن  يعيد هؤلاء النظر بنشر الصور المسيئة للأموات أو لأطفال أو الأهل، وعدم استغلالها بطريقة غير أخلاقية. فالمساعدة الإنسانية ليست بقوة الصورة أو فظاعتها، ولا بالتحريض والتجييش والتجييش المصطنع والمفبرك!