أكثر من معرض عملات وطوابع

حسن الساحلي
الأحد   2017/05/07
التعرف إلى الدول التي ظهرت على كوكبنا من خلال عملاتها (ريشار سمور)
ما تم عرضه على الطاولات الموزعة في إحدى قاعات بلدية سن الفيل، خلال المعرض اللبناني الرابع للعملات والطوابع (6 و7 أيار)، لا يحمل موضوعاً واحداً. وحين تسأل أحد أصحاب المجموعات عن فائدة ما بحوزته، يخبرك غالباً عن القيمة التاريخية والتراثية، ويقول إنه من الجيد التعرف إلى تاريخ الدول التي ظهرت على كوكبنا من خلال عملاتها، ومن الجيد التعرف إلى بعض الأحداث التي مرت على لبنان والتي تم توثيقها غالباً على الطوابع التذكارية.


المعرض ليس للعملات والطوابع فحسب، بل هناك بطاقات بريدية، ميداليات، أوراق رسمية وأشياء أخرى قرر أصحابها أن عليهم جمعها لسبب أو آخر. يشكل المعرض فرصة لهؤلاء لتبادل ما بحوزتهم، إذ يبحث كل واحد منهم عما ينقصه في مجموعة الآخر. لا بد، ستسمع حين تتنقل بين طاولات المعرض، أحداً يعد الآخر بأنه سيقدم له قطعةً ما، أو سيقترب منك شخص في المعرض، قد لاحظ أنك تصور خلفية البطاقات البريدية، ليسألك إن كنت من محبي تجميعها، وإن كنت ترغب في إخباره عما بحوزتك منها.


قلت له إن لديّ القليل منها في المنزل، ويعود أغلبها إلى فترة الأربعينات. فيخرج أمامي أكياساً وضع في داخلها عدداً هائلاً من البطاقات، فأسأله بدون أن أضحك: "هل أنت مهووس؟". لم يُجب. كأن الهوس هنا في المعرض، أمر مفروغ منه، ويفترض بالمهووسين عوضاً عن السخرية من بعضهم، أن يروا كيف يمكن أن يستفيدوا من هوسهم هذا.


هناك من عرض عملات تظهر نساءً فحسب. وهو الوحيد الذي يشكله عرضه موضوعاً واحداً. من بين تلك النساء ما يمثل آلهةً يونانية أو رومانية، ومنها ما يظهر ملكات بعض الدول الأوروبية. وهناك مجموعة صغيرة منها تظهر تركيز دول الاتحاد السوفياتي السابق على النساء العاملات والفلاحات. على بعد أمتار منها، رأيت مجموعةً تظهر رجالاً فحسب، إلا أن صاحبها لم يرد فصل الرجال عن النساء، كما في المجموعة السابقة، بل أنه وضع عملات الدول العربية وحدها، وقد ظهر فيها رؤساؤها، الذين تبلدت أشكالهم مع تقدمهم في السن خلال فترات حكمهم الطويلة.


أما الطوابع، فقد وضعت قرب بعضها في دفاتر تم تجليدها بعناية، أو عرضت على ألواح خشبية، وتم تكبيرها لإيضاح ما في داخلها. أغلبيتها تظهر مبنى ما أو توثق حصول حدث معين، كالطوابع التي وثقت بناء مطار بيروت أو إطلاق أول صاروخ لبناني في جامعة هايكازيان. وهناك طوابع احتفلت بفعل تجاري أو إقتصادي، كتلك التي تظهر عليها الفاكهة التي يصدرها لبنان سنوياً إلى العالم.


طبعاً، المعرض يحوي آلاف الطوابع والعملات، ولاسكتشافها جميعها، ربما يلزمنا ساعات طويلة من التفرج والبحث. وهذا ما يلزمه دافع وفضول، يفتقدهما من ليس واحداً من أولئك الأشخاص المتجمعين حول طاولاتهم في المعرض.