هذه قصة زحلة مع الساعات المعطلة

لوسي بارسخيان
الأحد   2017/10/22
سبقت "دار المطرانية" عصرها بالساعات "الناطقة" (لوسي بارسخيان)

على مدخل محافظة البقاع ساعة عمرها قصير فعلاً. فلم يكد أهل زحلة يعتادون طنينها، الذي يعوض نوعاً من نبض افتقدته المدينة بغياب دورها المستقطب للمحيط، حتى تجمدت عقاربها على بعد عشر دقائق من بدء دوام موظفي "المحافظة".

توقف هذه الساعة، أعاد الـ"زحالنة" إلى الفراغ الذي خلفه في مدينتهم تعطل ساعة كاتدرائية سيدة النجاة التابعة للمطرانية الكاثوليكية. تلك الساعة، التي تظهر في 4 زوايا فوق قبة جرسية الكاتدرائية، عرفت لفترة بـ"بيغ بان" المدينة. فكان يراها بعينيه ابن حي سيدة النجاة والأحياء المرتفعة فوقها، ويُسمع طنينها في كل أحياء زحلة.


سبقت "دار المطرانية" عصرها بالساعات "الناطقة"، بعدما قدمتها لها منذ العام 1912 سيدة زحلية اسمها نجلا المطران، فصار شكلها الدائري معلماً في أعلى قبة الكاتدرائية، حتى بعد استبدال الساعة الدائرية بأخرى كهربائية مربعة الشكل.

لكن، عقارب الساعة الموزعة على الزوايا الأربع لم تعد تتوافق مع بعضها منذ سنوات، وتوقف كل منها في اتجاه مختلف، ليظهر اختفاء طنينها في المدينة كأنه تماه مع إختناق الصوت المتناغم في "عاصمة الكثلكة". فلا المطرانية قادرة على ضبط عقارب "أهل السياسة" على ساعتها، ولا هم قادرون على فرض توجه عقاربهم عليها.

لكن، هذه ليست كل قصة زحلة مع الساعات "المعطلة".

ففي وسط بولفار المدينة، المعروف بساحة الشهداء أو الليدو، كان هناك قبل سنوات ساعة أيضاً، لم يذكر أهل زحلة أنها ضبطت مواعيدهم على توقيت محدد، إلى أن نزعت كلياً من الساحة، ليحل مكانها نصب، لم يفهم كثيرون معناه حتى الآن. لكن، على الأقل، لم تعد هناك ساعة تذكرهم بتوقف عقارب الزمن لدى البعض عند الروايات البطولية لمن حملت الساحة ذكراهم.

وإذا كانت نزعة تزيين المساحات العامة بالساعات ليست حديثة في زحلة، لا بد من التوقف عند إحدى حدائقها التي لا تزال تحمل اسم "ساعة الزهور"، رغم أن أجيالاً لم تتعرف إلى هذه الساعة، بل بقي وجودها منذ أواخر الستينيات في عهد المحافظ النشيط نصري سلهب محبوساً في زمنه الجميل وبين بصماته النابضة اشعاعاً في أكثر من زاوية، قبل أن تطفأ في زمن "الخمول" واحدة تلو الأخرى.