شباب لبناني.. غير معني بالانتخابات البلدية

يارا نحلة
الجمعة   2016/03/18
يؤيّد 22.4% من الشباب التمديد لولاية المجالس البلدية الحالية (محمود الطويل)
مع عدم إجراء الانتخابات النيابية بعد أكثر من سنتين من التمديد للمجلس النيابي، ومع إقصاء الشباب عن المشاركة في إتخاذ القرار، أقلّه لجهة الانتخاب ناهيك عن الترشّح، تبقى الانتخابات البلدية هي الفرصة الوحيدة لإستعادة الشباب دورهم في المعترك السياسي وصنع القرار لا تنفيذه فحسب. فهل يبدي الشباب إهتماماً بهذه الانتخابات؟ وإلى أي حدّ هم معنيون بها؟ لمحاولة الإجابة عن هذه الأسئلة، قابلت "المدن" عدداً من الشباب الذين سينتخبون للمرّة الأولى وتعرفت إلى نظرتهم لهذه الانتخابات المرتقبة في أيار المقبل.


"غير معني"
وكانت "الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات LADE" قد أجرت إستطلاع رأي حول مواقف وآراء اللبنانيين حول إنتخابات المجالس البلدية، نشرت نتائجها في كانون الأول 2015. وأظهرت هذه النتائج أن 55.1% من الشباب بين الـ21 و24 سنة ينوون الإدلاء بأصواتهم في مقابل 29.3% أكّدوا أنهم لن يصوّتوا. بالمقارنة مع الفئات العمرية الأخرى، فإن نسبة الشباب بين الـ21 والـ24 (الذين بإمكانهم التصويت للمرة الأولى) الذين أخذوا قراراً بالانتخاب هي الأدنى، كما تبيّن من خلال الإستطلاع أن هذه النسبة تزداد مع إزدياد العمر.

في المقابل، يؤيّد 22.4% منهم التمديد لولاية المجالس البلدية الحالية، وهي النسبة الأعلى بين الفئات العمرية كافّة. والسبب الأساسي لهذا الموقف السلبي، بحسب ما أثبتته مقابلات "المدن" مع الشباب، هو عدم ثقتهم بأداء البلديات وعدم إيمانهم بأنه قد يطرأ عليه أي تحسن. فبحسب سلام، التي تنتخب في بلدة السلطانية (قضاء بنت جبيل)، "من سنة إلى أخرى لم نر أي تغيير، حتى أن المجلس يبقى على حاله وإن تغيّر الأعضاء، فالأحزاب هي نفسها التي تترشّح وتفوز كل عام، فما الفائدة من الادلاء بصوتي الذي لن يقدّم أو يأخّر في شيء؟".

زياد، في المقابل، وهو ينتخب في بلدة جون (قضاء الشوف)، يتوقّف عند طبيعة المعركة الانتخابية فـ"في حال كانت المعركة بين العائلات كما جرت العادة، أو كانت شكلية كإنتخابات الدورة الفائتة، فهي لن تعنيني، لكنني مع ذلك سأنتظر إلى حين فتح باب الترشيحات، فإن وجدت بين المرشحين شباباً مستقلّين، سأقوم بالتصويت لهم حينها". ويظهر واضحاً من خلال كلام زياد، الذي ردّده كثر غيره من الشباب، أنهم يشعرون أنهم مقصيون عن الانتخابات ككلّ، كما أن لا أهمية لأصواتهم التي لا تحدث فارقاً.

تسجيل موقف
بالرغم من تشكيل غير المؤمنين بالانتخابات، وبأي تغيير يمكن أن ينتج عنها، النسبة الأكبر من الشباب المستطلعين، إلا أن عدداً منهم أكّدوا أنهم سيشاركون في عملية الانتخاب، ولو بورقة بيضاء، لتسجيل موقف والتعبير عن عدم رضا عن الطبقة السياسية الموجودة. فبالنسبة لتمارا، التي تنتخب في مدينة جبيل، "من بذل الجهد للنزول إلى الشوارع للتظاهر بشكل متواصل منذ شهر تموز حتى الآن، لن يستكثر القيام بخطوة أخرى من أجل التعبير عن رفضه لسياسييه الحاليين، والانتخابات البلدية هي فرصة لذلك".

يعتبر بلال، الذي ينتخب في حبّوش (قضاء النبطية)، أيضاً ­أن المشاركة في الانتخابات البلدية هي "شكل من أشكال الإعتراض"، ويقول: "سأشارك في التصويت ليس لأني معنيّ بالانتخابات البلدية ولكن لكونها فرصة للإعتراض من خلال ورقة بيضاء أو كتابة شعار ما يعترض على السياسة العامة أو أحد السياسيين ويعدّ صوتاً لاغياً". أما عن أسباب عدم إهتمام بلال بالانتخابات، فترجع إلى أن "الحيّ الذي أسكن فيه، لم ير الزفت خلال دورتين كاملتين لمجلس البلدية (أي 12 سنة) وذلك ببساطة لكون أغلب المقيمين فيه ليسوا من الضيعة نفسها، وبالتالي ليس ضرورياً إرضاؤهم لأنهم لن ينتخبوا المجلس البلدي". ويعتبر بلال أن الحلّ لهذه المشكلة هو بتعديل القانون لكي يصبح أي شخص قادراً على الإقتراع في المكان الذي يقيم فيه، إذ هذا "ما ينطبق على المقيم في بيروت وينتخب في قريته شخصاً من عائلته نفسها، في حين أن أقلية من سكان بيروت يساهمون في إختيار البلدية التي يستفيدون من خدماتها".

الصوت الحزبي
أخيراً، ينقسم المهتمون بالانتخابات البلدية إلى قسمين: مؤيدو الأحزاب الذين تعنيهم المعركة السياسية بشكلٍ مباشر، والأشخاص الذين ينطلقون من مبدأ أهمية المشاركة في صنع القرار للحفاظ على سير العملية الديمقراطية. تمثّل سارة (تنتخب في الدوير، قضاء النبطية) هذه الفئة الأخيرة، إذ تعتبر أن "الانتخابات البلدية هي فرصة لتعزيز الديموقراطية ولتشجيع كل إمكانيات المناطق للاشتراك في عملية التنمية المحلية، من هنا أهمية إيصال مجلس بلدي كفوء من خلال الانتخابات".

أما جمال، وهو يقترع في بيروت، فتعني له الانتخابات البلدية، كما أي انتخابات أخرى، أمراً واحداً "فوز فريقي السياسي". فبالنسبة اليه "في غياب الانتخابات النيابية، الطريقة الوحيدة لإعلان ولائي لحزبي هي بالتصويت له في الانتخابات البلدية". على غرار ذلك، لا تهمّ مازن، وهو يقترع في طرابلس، كفاءة المجلس الذي سينتخبه، فهو يرى أن "أداء أي كان سيكون هو نفسه، لذا سأصوّت للحزب الذي أؤيده".

في المحصّلة، نلاحظ أن الشباب اللبناني يقف على مسافة بعيدة من الانتخابات البلدية، ويشعر بالإحباط منها حتى قبل خوضها أو إختبارها للمرّة الأولى. فهذه هي الفئة نفسها التي شهدت على القضاء على كلّ أشكال الديمقراطية سنة بعد أخرى، من تمديد المجلس النيابي لنفسه، إلى عدم إنتخاب رئيس للجمهورية، وأخيراً المساس بحقّ الشباب في التظاهر والتصدّي لهم بخراطيم المياه والغاز المسيّل للدموع. فالشباب الشاهد على فشل حكومته بإزالة النفايات من الشوارع، لا يؤمن بأي من مؤسساتها، بما فيها البلديات، وقد يزيد من لامبالاته تجاه هذه الانتخابات عدم إجرائها.