طلاب "الدورة الثانية" في الشمال: أيام الامتحان ثقيلة

صهيب أيوب
الثلاثاء   2015/08/18
معاناة طلاب عكار تزيدها بعد المسافة عن مراكز التقديم في طرابلس (رمال عبيد)
يستيقظ عامر عند الرابعة فجراً، قبل أن ينطلق بسيارة "فان" مع رفاقه من بلدة الهيشة (وادي خالد)، متوجهاً الى طرابلس، لتقديم امتحانات الدورة الثانية في العلوم العامة. الفتى الذي بدت على وجهه ملامح النعاس، بعد خروجه من قاعة الامتحان، وجد مسابقات اليومين الأولين في مواد الكيمياء واللغة العربية والتربية والرياضيات صعبة، متوقعاً أن تكون الامتحانات المتقبية بالصعوبة نفسها، مع مواد الفلسفة والفيزياء والجغرافيا والتاريخ. "يبدو انهم لا يريدوننا أن ننجح"، يقول يائساً.

يوافق صلاح صديقه عامر. يقول: "قمنا بما علينا لكن كانت مسابقة الرياضيات صعبة للغاية. وهي اهم مادة لنا نحن تلاميذ العلوم العامة". يضيف، وهو يمضغ لوحاً من الشوكولاتة، "بعدني بلا ترويقة ومش نايم. نضطر للخروج باكراً. بيوتنا على الحدود مع سوريا وتقديمنا في طرابلس. هناك فرق 3 ساعات واكثر مسافة طريق"، ويتابع: "كان يجب عليهم مثل العادة ان يفتحوا مراكز لنا في عكار وليس في طرابلس. هذه معاناة كبيرة نعيشها. نصل منهكين الى امتحاناتنا".

هذه المعاناة هي الاولى من نوعها بعد سنوات من تقديم الامتحانات. اذ استغنت دائرة التربية في الشمال لأول مرة عن مراكز عكار، وابقت على واحد فقط في ثانوية حلبا، للمتقدمين الى امتحانات فرع الاقتصاد والاجتماع.

تؤكد رئيسة دائرة التربية في الشمال نهلا حاماتي في اتصال مع "المدن" ان هذا القرار اتخذ لأن اعداد التلاميذ الراسبين في فروع الفلسفة والانسانيات وعلوم الحياة والعلوم العامة قليلة، ولا يمكن فتح مراكز لهم وحدهم. وتقول: "اضطررنا الى وضعهم في مراكز طرابلس"، مشيرة الى انها اطلعت في جولتها الصباحية على حاجات التلاميذ، واكدوا لها انهم مرتاحون ولا يشكون من شيء، وهناك على الدوام مجموعات تبيعهم الماء بسبب الحر الشديد.

كلام حاماتي، لا يبدو انه يخفف معاناة تلاميذ عكار، الذين اشتكى كثر منهم لـ"المدن" من صعوبة الانتقال من بلداتهم البعيدة الى مراكز طرابلس. تقول فاطمة، التي تأتي من بلدة الحيصة انها تشعر بالنعاس فور وصولها "عدا عن التوتر الذي يصيبني". موضحة ان "المواد في غالبيتها ليست سهلة".

رسبت فاطمة مع 16 تلميذاً من رفاقها، في امتحانات فرع الفلسفة والانسانيات في الدورة العادية، ونجح فقط 13 تلميذاً من صفهم، "الشيء الجميل الوحيد في الموضوع اننا نأتي معاً في باص واحد. نتسلى على الطريق. يأخذ السائق من كل واحد منا على مدى 5 أيام 70 الف ليرة. هذه كلفة ثانية على اهلنا الذين يستصعبون القدوم بسياراتهم خصيصاً الى طرابلس"، مشيرة الى انه بامكان وزارة التربية التخفيف من هذا العبء بفتح المراكز كما كانت تفعل سابقاً في حلبا.

والحال، ان آراء التلاميذ في تقدير مدى صعوبة المسابقات متفاوتة. ويتفق هؤلاء جميعاً على ان "الدورة الثانية اصعب في العموم وهناك تشدد في المراقبة"، خصوصاً ان تلاميذ علوم الحياة، في مركز روضة الفيحاء (بلوك أ) يخرجون من قاعات الامتحان بكرب بادٍ على وجوههم.

تقول دلال، الآتية من الكورة، ان مواد اليوم التي قدمتها كانت اسهل من يوم أمس. ولكن في العموم الاجواء لا تبشر بالخير، "يتشددون جداً في المراقبة، ولا يوجد اي تسهيل لنا. ونعاني من الحر. فلا يوجد في القاعات لا مراوح ولا مكيفات. هذه معاناة كبيرة لنا. نحس بالاختناق ونحن نكتب مسابقاتنا، خصوصاً اننا نعاني من توتر دائم، خصوصاً أننا لم نتسلَّ في صيفيتنا. كنا ندرس ونحضر لهذه الدورة".

يقول محمود سليمان، وهو تلميذ يتقدم الى امتحانات فرع الفلسفة، أنه خسر عمله في ضبيه، بسبب رسوبه، واضطراره للدراسة. "اعمل في الصيف من أجل ان اصرف على نفسي في فصل الشتاء، واتسجل في المدرسة"، ويضيف: "لقد ظلمنا في الدورة الاولى، ويبدو ان الامر مستمر في الدورة الثانية. انا احكي بالنسبة لنا نحن تلاميذ فرع الفلسفة".

تمر ايام تقديم الامتحان على التلاميذ واهاليهم ثقيلة، فهؤلاء على الرغم من تحضيراتهم مصابون بخيبة الرسوب، وهم على ما يقول احدهم: "تاركين امرنا لله".