توقيف أربعة شبّان.. إلا كرامة الوزير!

إلهام برجس
الأربعاء   2015/07/29
إعتصام أمام قصر العدل إستنكاراً للإستمرار بإحتجاز ملاح ورفاقه الثلاثة (محمود الطويل)

كيس نفايات واحد على سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، فعل ما عجزت عن فعله أكوام النفايات المنتشرة في العاصمة. كيس واحد مس بكرامة الدولة، أخيراً. وأخيراً أيضاً شعرت بالإهانة من المشهد.

ولا يعتقد أحد أن الشعور بالإهانة حث أجهزة الدولة على التأهب وإيجاد حلول لأزمة النفايات. كل ما في الأمر أنها قررت التعويض لدرباس عن شعوره بالإهانة من ملامسة النفايات التي تملأ الشارع لسيارته، فتأهبت الأجهزة الأمنية للبحث عن طارق ملاح وثلاثة شبان آخرين شاركوا، بقطع الطريق على سيارة درباس، وإحتجازهم.

إذاً، ملاح ورفاقه الثلاثة لا يزالون محتجزين لدى شعبة المعلومات منذ ما بعد ظهر أمس، وفقاً لتأكيد المدعي العام التمييزي سمير حمود خلال حديث مع "المدن". يضيف حمود أن ملاح ورفاقه سيبقون رهن التحقيقات التي قد تمتد لستة أيام "وفقاً للقانون". هذا مع العلم أن الحد الأقصى للإحتجاز لدى الضابطة العدلية على ذمة التحقيق، هو 48 ساعة يمكن تمديدها لمدة مماثلة، بقرار معلل من المدعي العام التمييزي. يضيف حمود أن قرار توقيف المحتجزين أو إطلاق سراحهم "سيصدر عند إنتهاء التحقيقات".

يستغرب العديد ممن إعتصموا اليوم أمام قصر العدل لدعم ملاح ورفاقه سلوك الأجهزة الأمنية والقضاء في هذه القضية. يوضح المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" نزار صاغية في حديث لـ"المدن" أنه عادةً "لا تسير الأمور بالطريقة نفسها في قضايا أو تحقيقات مشابهة". الفارق اليوم، وفق صاغية، أن "هناك وزيراً وكرامة وزير، وهو أمر مهم وله حجمه في المنظومة القضائية الأمنية". ويأتي كلام صاغية في إطار من التهكم على الواقع الذي نعيشه اليوم. ذلك أن "تضرر الناس جميعاً من أزمة النفايات مقبول، لكن كرامة وزير تستدعي تحرك أجهزة الدولة وفتح تحقيقات موسعة، وجمع كل الفيديوهات من الشارع". يستعيد صاغية حادثة الإعتداء على مجموعة من الشباب، تظاهرت في العام 2011 ضد النظام السوري في شارع الحمرا. وقتها "إضطرننا نحن للبحث عن الفيديوهات وإحضارها بينما لم تعمل النيابة العامة أو الدرك على البحث عن أي دليل من هذا النوع. يبدو أن المقاربة بالنسبة لأجهزة الأمن والقضاء تختلف عندما يتعلق الأمر بالوزراء".

وبعيداً من تفاوت "حركة" الأجهزة الأمنية بين القضايا، فإن ظروف الإحتجاز تبقى بحد ذاتها غير قانونية. "أكثر ما نعيبه على النيابة العامة التمييزية اليوم هو خرقها للمادة 47 من قانون أصول المحاكمات المدنية لجهة منعنا نهائياً من التواصل مع ملاح". كما ان إحتجاز الشبان من قبل شعبة المعلومات يطرح "تساؤلات كثيرة حول دور هذه الجهة، وإختصاصها لا سيما أنها لا تعتبر ضابطة عدلية"، وفق صاغية.

في المقابل، حملت تصريحات درباس بعداً بدا إنتقامياً من الملاح. لا سيما أن درباس لطالما أظهر إنزعاجه منه بسبب تحدثه عما تعرض له من إنتهاكات داخل "دار الأيتام الإسلامية" عبر وسائل الإعلام. وقد وجه له، في السابق، العديد من الإتهامات مثل "الإبتزاز" و"إستهداف الطائفة".

يقول صاغية أن "ملف الوزير أصبح كبيراً". وهو يبدأ بتخليه عن مسؤوليته بالنسبة لدور الرعاية، عندما إعتبر أنها غير قابلة للمحاسبة فيما تذهب 71% من ميزانية وزارته إلى هذه الدور. من بعدها يأتي "القدح والذم المتكرر بحق ملاح، وآخرها وصفه بالزبالة". هكذا، ستعمل "المفكرة" على "مساءلة درباس قضائياً وإعلامياً وداخل المجلس النيابي للعمل على رفع الحصانة عنه، وقد تكون المرة الأولى التي يحال فيها وزير الى المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء".

ودعت "المفكرة القانونية" اليوم الى الإعتصام مجدداً، وذلك أمام وزارة الشؤون الاجتماعية في تمام الساعة السادسة مساءاً. وسيتم الإنطلاق في مسيرة نحو قصر العدل رفضاً للشكوى التي قدمها درباس والتهديد الصادر عنه.