مجموعة "الدكتافون": المدينة من خلال عروض حية

يارا نحلة
السبت   2015/04/25
أردنا أن نقوم بتدخلات ميدانية، كما أردنا أن نخلق نوعاً جديداً من المحاضرات، وهي المحاضرات الأدائية
في مدينة تُخصخص مرافقها العامة تدريجاً، استطاعت مجموعة مؤلفة من ثلاث نساء أن تخلق مساحة لإبداعهن، تجمع بين الحيز العام، التنظيم المدني والأداء الفني من خلال إستخدام المدينة وأدواتها.



المحاضرات الأدائية
"دكتافون غروب" هي "مجموعة فنية بحثية"، بحسب تعريف عبير سقسوق، إحدى مؤسساتها، وهي مهندسة عمارة وباحثة في التنظيم المدني. المجموعة نتيجة تعاون بينها وبين فنانتي عروض حية هما تانيا الخوري وبترا سرحال. تشرح سقسوق أن لديهنّ "إهتماماً بالمدينة، وأردنا أن نقوم بتدخلات ميدانية، كما أردنا أن نخلق نوعاً جديداً من المحاضرات، وهي المحاضرات الأدائية". تضيف: "أردت أن أخرج أبحاثي من الأكاديميا، وتانيا أرادت أن تؤدي عروضاً تؤثر بالنقاشات العامة". من هنا، ولدت الـ"دكتافون" في العام 2009.

منذ ذلك الحين، أدت المجموعة ثلاثة عروض. كان أولها عرض في تلفريك جونية مرتبط بعلاقة المدينة مع البحر. وتشير سقسوق إلى أنهن استخدمن "فكرة الجولة السياحية، لكن قصة المكان كانت تُتلى من وجهة نظر أحد سكانه". أما العرض الثاني فكان موضوعه البحر أيضاً، وكان هذه المرة في قارب صغير ينقل ركاباً، هم الجمهور.

العرض كان بعنوان "هذا البحر لي"، وهو يبحث وفق سقسوق "عن علاقة سكان بيروت مع شاطئها، ويسأل لماذا هذه العلاقة مشوهة على هذا النحو، ويركز على العلاقة مع الشاطئ العام تحديداً، لا المنتجعات الخاصة". المشروعان هما عبارة عن عرضين حميميين لا يتعدى فيهما عدد المشاهدين الخمسة أشخاص.

العرض الثالث بعنوان "تصريح" لم تكن له علاقة بالبحر، إنما كان عن السكة الحديد في لبنان. وثّقت الفنانات بالفيديو رحلة إنطلقت من محطة سكة الحديد. خلال المحاضرة الأدائية، عُرض التجهيز المصور في الخلفية مع إلقاء الفنانات لبعض النصوص.


توفر المعلومات
الفيديو ونصوص هذه العروض متوفران على الإنترنت. ذلك أن أحد أبرز أهداف المشروع وفق سقسوق هو "توفير المعلومات للجمهور. نحن نريد أن تكون الأبحاث متاحة لجمهور أوسع من الجمهور الذي يقرأ أو المتخصص. الفن يستطيع أن يلعب هذا الدور ويحوّل الأفكار والأبحاث الى نصوص متاحة". لذلك قامت "الدكتافون" بجمع نصوص حول الشاطئ في أكثر من بلد عربي ونشرتهم كملف في موقع "جدلية".

ترى سقسوق أن المشروع نجح في إستقطاب الجمهور الفني والحقوقي والصحافي والأكاديمي، إلا أنه لم ينجح بعد وبإعترافها "بالوصول إلى جمهور غير متخصص، فأنا لا أستطيع القول إننا وصلنا للناس بشكل مباشر".

إقتصرت العروض حتى اليوم على قضية المساحات العامة، إلا أن سقسوق أكدت أن إهتمامهن يطال كل الأمور العامة وقد تتناول مشاريعهن القادمة قضايا عامة أخرى. وهن اليوم في صدد التحضير لعرض عن شاطئ صيدا، لكنه سيختلف عن المشاريع السابقة من حيث إشراكه شباباً من المدينة في العرض. وهو عبارة عن ورشة عمل تُدرّب الشباب على تحويل الأبحاث إلى نصوص ومن ثم إلى عروض. والجدير ذكره أن المجموعة لا تلتزم بمركزية العاصمة التي تتسم بها الكثير من الأعمال ذات الطابع المدني.


مجموعة لا جمعية
ليس للمجموعة أي صفة قانونية، وهي ليست جمعية. أما عن تعاونها مع جمعيات أخرى تنشط في ذات المجال، فتقرّ سقسوق أنهن لا تثقن "بالجمعيات ومقاربتها لهذه القضية، خصوصاً أنها بعيدة عن العمل السياسي ويقتصر عملها على تنظيم الحملات، فهناك إفراط في عمل الجمعيات وبُعدها عن العمل السياسي واللجاني والتنظيمي. كما أن هناك نقصاً في الجمعيات الناشطة لهذه القضية". وتشدد سقسوق على أهمية إنخراط الفنانين والمتخصصين في العمل المطلبي، فـ"هم مواطنون قبل أن يكونوا ممارسين لأي مهنة".

تتجنب سقسوق القول إن المجموعة تهدف إلى التوعية، "فإننا نلمس وعياً كبيراً لدى الناس في ما يخص المجال العام. لكن المشكلة هي في بعض المفاهيم الخاطئة التي تُنتجها السلطة كفكرة أننا لسنا أهلاً للمساحات العامة".