"جنسيتي حق لي ولأسرتي" تطعن في ثغرة "لبنانيي الأصل"

هيفا البنا
الثلاثاء   2015/12/22
هناك 77400 متضرر من جراء قانون الجنسية، بين عامي 1995 و2008 (خليل حسن)
في صفحة فايسبوك بعنوان "معاً ضد قانون إعطاء المرأة اللبنانية الجنسية لزوجها وأولادها" سُجل 169 لايكاً، مترافقة مع نقاشات وتعليقات من أفراد "يُفترض" أنهم حقيقيون، "داعمين لحقوق المرأة اللبنانية، لكن بعيداً عن حق إعطائها الجنسية لأولادها"، وفق ما جاء في تعريف الصفحة، متحججين بغياب فرص العمل واحتمال تغير الأوضاع الديموغرافية في لبنان. 


وفي مقابل هذه الحملة الالكترونية، هناك حملة الكترونية مضادة طالبت بسحب الجنسية اللبنانية من أعضاء اللجنة الوزارية، التي كانت مكلفة بمناقشة هذه المسألة في العام 2013، والذين رفضوا إقرار قانون الجنسية، شارحة أن "رفض إقرار القانون يعتبر تمييزاً فاضحاً في الحقوق بين الرجل والمرأة، على الرغم من انه ليس التمييز الوحيد، الأمر الذي يعتبر التفافاً على المادة السابعة من الدستور اللبناني والتي تنصّ على أن كل اللبنانيين سواء لدى القانون، ويتمتعون على السواء بالحقوق المدنية والسياسية". وكانت دراسة ميدانية أنجزها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام 2009، قد بيّنت أن هناك 77400 متضرر من جراء قانون الجنسية، بين عامي 1995 و2008، بينما قُدر عدد الأبناء المتضررين بحوالى 41400 متضرر.

وعلى الرغم من الحملات الرافضة للخروق القانونية وعدم تجاوب الجهات المعنية، لم تيأس جمعيات المجتمع المدني وسيدات لبنانيات من الاستمرار بالمطالبة بإقرار قانون منح المرأة اللبنانية الجنسية لأولادها، وإقامة عشرات الندوات والمناقشات بالإضافة إلى الاعتصامات والتحركات، وكان آخرها الثلاثاء، بدعوة من "المفكرة القانونية" وحملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي"، أمام المجلس الدستوري في الحدث.

وتشرح الدكتورة ميريام مهنا من "المفكرة القانونية" أن "التطوّر الأساسي في ملف الجنسية والذي استدعى تحرّك المفكرة والحملات المطالبة بإقرار القانون هو طرح استعادة الجنسية للبنانيي الأصل، الأمر الذي خوّلنا تقديم طعن لدى المجلس الدستوري، ليصبح المجلس مرجعاً للبت في واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية إلحاحاً وهي قضية المساواة بين الجنسين في نقل الجنسية اللبنانية". مهنا التي تعتبر أن "هذه الفرصة تاريخية"، أكدت على أن "المجلس الدستوري لا يمكن أن ينظر في شقٍ منفرد من الملف، وبالتالي يفترض به النظر في شق التمييز بين الرجل والمرأة أيضاً المقدّم من قبلنا". وشددت مهنا على أن "الأساس في القضية هو التوجه المباشر إلى القضاء الذي عليه أن يستجيب إلى الوقائع المطروحة، والتي سنبني عليها لاستمرار عملنا"، معتبرة أن "الوضع السياسي العام لا يشير إلى بوادر إيجابية، ولكن نحن نثق بالقضاء الذي لا يستطيع من جهة أخرى تجاهلنا بسهولة".

السيدات المعتصمات أكّدن على حقّهن بنقل الجنسية لأطفالهنّ الذين ولدوا وعاشوا في لبنان. فالسيدة غادة كعكاني، إحدى المشاركات في الحملة، تأمل أن يستجيب المجلس الدستوري لمطالبهنّ، لأن هذه حقوقهنّ قانونياً وإنسانياً، معتبرة أن "خرق القانون جاء على مرحلتين، كانت الأولى بعدم إعطاء الحق للمرأة اللبنانية بنقل جنسيتها لأطفالها، والخرق الثاني عندما فتح الملف من جهة إعطاء الجنسية للمغتربين لبنانيي الأصل فقط". وتوجهت كعكاني بالشكر إلى النواب الذين دعموا الحملة ووقعوا عريضة الطعن، وهم من أحزاب مختلفة، مؤكدة أن "هذا الملف لن يقفل إلا عند إحقاق الحق، ونحن في حملة جنسيتي حق لي ولأسرتي نعمل على سد الثغرات القانونية والعملية أينما وجدت".

وهذا القانون الذي شُرّع في العام 1925 في عهد الانتداب الفرنسي تغير في فرنسا، بينما بقي في لبنان على حاله، رغم بعض التعديلات الطفيفة التي أجريت عليه، في العام 2010، بحيث أصبحت مدة إقامة الأبناء "الأجانب" من أم لبنانية "ثلاث سنوات قابلة للتجديد ثلاث سنوات أخرى مجّاناً، بعد أن كانت مدّتها سنة واحدة قابلة للتجديد شهراً واحداً فقط. وكذلك أصبح بإمكانهم العمل لكن من دون أن يُسجّلوا في النقابات"، فيما بقيت الشروط الأساسية على حالها. فالمادة الأولى في قانون الجنسية اللبناني تشترط أن "يكون الأب لبناني الجنسية"، فيما تشترط المادة الثانية أن "يكون الولد مجهول الأب لكي يحصل على الجنسية اللبنانية من أمه"، وتجمع المادة الثالثة بين المادتين السابقتين، في حال اتجهت "الأم بنفسها عند القاضي وأفادت بأن الولد مجهول الوالد"، حرصاً في "بلد التعايش الطائفي" على ترسيخ الذكورية في المجتمع وعدم التلاعب في ديموغرافيا الطوائف.