اشتباك ميقاتي باسيل يحتدم:من الاستخفاف بالدستور.. إلى الفجور والوقاحة

المدن - لبنان
الأربعاء   2022/08/03
التيار يحمّل محمد الحوت مسؤولية تهريب أموال الميدل إيست إلى الخارج! (عباس سلمان)
لم ينجح اللقاء الرئاسي الثلاثي في تبديد الخلافات بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي. لم يحقق اللقاء أي تقدم في سبيل إعادة السعي لتشكيل الحكومة. فتجدد الاشتباك السياسي بين الجانبين، من خلال بيان التيار الوطني الحر الذي حمّل رئيس حكومة تصريف الأعمال مسؤولية تعطيل المسار الحكومي، بينما يحاول ميقاتي العمل على تفعيل حكومة تصريف الاعمال. وهو ما يرفضه التيار الوطني الحر.

التيار الوطني شن هجوماً عنيفاً على ميقاتي بعد اجتماع المجلس السياسي للتيار. ومما جاء في بيان المجلس: "يحمّل التيار الوطني الحر رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، مسؤولية الاستخفاف بالدستور وتجاهل أوضاع البلاد برفضه القيام بما يلزم لتشكيل الحكومة، والتي من دونها لا تسير الإصلاحات ولا يحصل لبنان على التعاضد اللازم معه"، معتبرًا أن "هذا التعطيل المتعمّد لعملية تشكيل الحكومة هو جريمة بحق اللبنانيين الذين سُرقت ودائعهم وتجري محاصرتهم بالرغيف وبجميع مقومات الحياة".

ولفت البيان إلى أنّ "رئيس الحكومة المكلّف يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الكارثة الناجمة عن انقطاع الكهرباء، ليس فقط لأنه عرقل في السابق تنفيذ الخطة، بل لأنه يرفض اليوم أي حلّ مقترح أو هبة، ويختبئ وراء ذرائع واهية لحماية مصالحه وليس مصلحة اللبنانيين". وذكر التيار، أنّ "ممارسات ميقاتي ومواقفه تدعو إلى الريبة. فهو لا يسمح لوزارة الطاقة بتوفير الحلول لأزمة الكهرباء ولا يقوم بما يتوجّب عليه لتفعيل عمل القضاء في جريمة المرفأ، ويعرقل كل خطوة من شأنها الحدّ من ضرر استمرار حاكم البنك المركزي في موقعه، بينما تتراكم عليه الملفات والدعاوى في الخارج والداخل". وأشار إلى أنه "فوق هذا كله فإنه يمتنع عن التشكيل الجدّي للحكومة. فيصدق فيه قول غبطة أبينا البطريرك الراعي لا قيمة للتكليف من دون تأليف".

وشدد على أن التيّار "يتابع باهتمام بالغ مسار التفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بما يضمن حقوق لبنان في استخراج الغاز الدفين تحت مياه لبنان الاقتصادية"، مؤكدًا أنّ "المعادلة البحرية التي أرساها لبنان دولةً ومقاومةً ستفعل فعلها، على أساس أن لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا"، كما و"يثني التيار على نجاح رئيس الجمهورية ميشال عون في قيادة المفاوضات وتظهير الموقف اللبناني الموحّد. كما يؤكّد على أهمية موقف المقاومة الذي عزّز قدرة الدولة في التفاوض".

ومن جهة أخرى، رأى التيار أن "ما أقدم عليه رئيس مجلس إدارة الميدل إيست محمد الحوت من منع انتقائي واعتباطي للكحول اثناء الرحلات مرفوض شكلاً ومضموناً بما يوحي به من تغيير لقواعد السلوك الاجتماعي والاعراف اللبنانية، وهو يتعرّض بذلك للحريات الفردية والعامة التي يحميها الدستور، خاصةً ان التحجّج بالوضع المالي غير مقنع نظراً لاستيفاء الشركة لأسعار التذاكر بالدولار الفريش للدرجة الاقتصادية كما لدرجة الأعمال فلا مبرّرلعدم تقديم الكحول كما جرت العادة تاريخياً لما لذلك من اعتداء على حقوق المسافرين" (راجع "المدن"). وقال التيار في بيانه: "لأن ارتكاباً يخفي آخر، فإن التيار يحمّل محمد الحوت مسؤولية تهريب أموال الشركة إلى الخارج في وقت يقبض فيه ثمن التذاكر بالدولار، ولا يمنح المستحقات اللازمة للجامعة اللبنانية التي تنهار".

وكرر التيار موقفه "الحاسم بضرورة إجراء انتخابات رئاسة الجمهورية في موعدها وفقاً للدستور، وبما يحترم الارادة السياسية الوطنية التي عبّر عنها اللبنانيون في الانتخابات النيابية، وما تم ارساؤه من مبدأ احترام التمثيل الحقيقي لمن يتولى مسؤولية المواقع الدستورية وفي طليعتها رئاسة الجمهورية، وإلاّ فما الغاية من الديمقراطية والانتخابات والعمل السياسي ووجود الاحزاب اذا تم اسقاط مبدأ احترام التمثيل الشعبي"، لافتًا إلى أنّ "التيّار متمسّك بإجراء الإنتخابات الرئاسية في موعدها قبل 31 تشرين(الاول)، ومتمسك خصوصاً بوجوب أن يحظى من يتولى موقع رئاسة الجمهورية بالميزة الأولى وهي التمثيل الشعبي" (راجع "المدن").

ميقاتي يرد
لم يتأخر ميقاتي بتقديم ردّ مفصل وعنيف على التيار. فأصدر مكتبه الإعلامي بياناً جاء فيه: "لا ينفك التيار الوطني الحر عن خلق السجالات وقلب الحقائق على مشارف نهاية العهد، في محاولة واضحة لتحويل الأنظار عن الإخفاق الذي طبع السنوات الماضية في كل المجالات وتكريس مقولة: "ما خلونا"، التي يتلطى خلفها "التيار" مراراً وتكراراً لتبرير فشله في الملفات الكثيرة التي تولاها وأهمها ملف الكهرباء. وفي جديد هذه المحاولات إصدار "التيار" اليوم بياناً لا يصح لوصفه إلا القول الشعبي "شيلي اللي فيكي وحطيه فيي".
وتوضيحاً للحقائق، نورد مراراً وتكراراً الآتي:
أولا:  يقول "التيار الوطني الحر" بأن رئيس الحكومة المكلّف يستخف بالدستور ويرفض القيام بما يلزم لتشكيل الحكومة ". وهذا هو الاستخفاف بحد ذاته بالوقائع الدامغة. فرئيس الحكومة زار رئيس الجمهورية في اليوم التالي لانتهاء الاستشارات النيابية، وقدم له تشكيلة حكومية وفق صلاحياته الدستورية وما يراه مناسباً، وباشر النقاش بشأنها مع فخامة الرئيس، لكن التسريب المتعمّد للتشكيلة إلى الإعلام، وما حصل بعد ذلك من دخول متعمد لحاشية رئيس الجمهورية  على الخط، وتعدٍ على مقام رئاسة الحكومة وشخص الرئيس المكلف، باتت وقائعه معروفة، ولا يمكن لبيان" التيار" أن يغطيها. 

ثانياً: قمة الفجور السياسي هو قول "التيار الوطني الحر" إن رئيس الحكومة "يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية الكارثة الناجمة عن إنقطاع الكهرباء"، وكأن الرئيس ميقاتي، وليس "التيار الوطني الحر" هو مَنْ تولى وزارة الطاقة، عبر خمسة وزراء متعاقبين على مدى 17 عاماً وكلف الخزينة هدراً على القطاع يقدر بـ40 مليار دولار. ويأتيك اليوم "تيار قلب الحقائق" محاضراً بالعفاف السياسي، معتقداً أن ذاكرة اللبنانيين مثقوبة، كالسدود المائية الفاشلة التي  أهدر عليها وزراء "التيار" ملايين الدولارات وذهبت مياهها الى جوف الأرض وأموالها إلى جيوب المنتفعين. 

أما زعم "التيار" أن رئيس الحكومة يعرقل تنفيذ الخطة الكهربائية ، فهو سؤال ينبغي أن يوجه إلى وزير الطاقة الحالي، الذي طلب سحب ملف الخطة عن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء، ولم يعد به حتى الآن. 

إن رئيس الحكومة، لا يرفض اي هبة غير مشروطة لمساعدة لبنان في حل أزمة الكهرباء. بل على العكس من ذلك فهو رحّب بأية هبة إذا كانت مطابقة للمواصفات التقنية التي تعمل فيها معامل الإنتاج الكهربائي في لبنان. ولا نفع لأي مزايدة سياسية في هذا الملف المعروفة شروطه وقواعده. 

ثالثا: قمة الوقاحة هي زعم " التيار الوطني" الحر، ان رئيس الحكومة لا يقوم بما يتوجّب عليه لتفعيل عمل القضاء في جريمة المرفأ. والسؤال "ما هو المطلوب من رئيس الحكومة غير تحصين القضاء ودعمه في مهمته، إلا إذا كان "التيار" يريد من رئيس الحكومة أن يحذو حذوه بالتدخل السياسي في القضاء. 

ختاماً، لا ينفع الفجور السياسي ونسج البيانات في التعمية على مسؤولية "التيار الوطني الحر" ورئيسه تحديداً في ما وصل إليه العهد وهو على مشارف الانتهاء. فالفرص التي كانت متاحة للانقاذ افشلها "التيار" بخصوماته المتكررة مع قسم كبير من اللبنانيين، الذين باتوا يتطلعون إلى عهد جديد، ينتشلهم مما هم واقعون فيه. فليخجل من يوعز بنشر هكذا بيانات ويتوهم أن هذه الخزعبلات تنطلي على اللبنانيين، وليقم بترميم زجاج بيته المتصّدع من الداخل قبل الخارج بدل توجيه سهامه إلى الناس التي تعمل مخلصة لإنقاذ البلد من المآزق الذي يقع فيه".