الحريري "يتجرّع السمّ" مجدداً: لوزير شيعي مستقل في المالية
الحريري والانتحار السياسي
قدّم رئيس الحكومة الأسبق، سعد الحريري، قراءةً سياسية للوضع الراهن في البلاد مشيراً إلى استعداده لتقديم تنازل في موضوع عقدة وزارة المال وتمسّك الثنائي الشيعي بهذه الوزارة، معلناً "قرّرت مساعدة الرئيس مصطفى أديب على إيجاد مخرج بتسمية وزير مالية مستقل من الطائفة الشيعية، يختاره هو، شأنه شأن سائر الوزراء، على قاعدة الكفاءة والنزاهة وعدم الانتماء الحزبي، من دون أن يعني هذا القرار في أي حل من الأحوال اعترافاً بحصرية وزارة المالية بالطائفة الشيعية أو بأي طائفة من الطوائف".
وشدد الحريري في بيان صادر عنه على وجوب أن "يكون واضحاً أنّ هذا القرار هو لمرة واحدة ولا يشكّل عرفاً يبنى عليه لتشكيل حكومات في المستقبل، بل هو مشروط بتسهيل تشكيل حكومة الرئيس أديب بالمعايير المتفق عليها، وتسهيل عملها الإصلاحي، من أجل كبح انهيار لبنان ثم انقاذه وانقاذ اللبنانيين". واعتبر الحريري أنّ "المعرقلين إذا تابعوا عرقلتهم يتحملون مسؤولية ضياع فرصة لبنان لوقف الانهيار وانقاذ اللبنانيين من مآسيهم الحالية"، لافتاً إلى إنه "مرة جديدة، أتخذ قراراً بتجرع السم. وهو قرار اتخذه منفرداً بمعزل عن موقف رؤساء الحكومة السابقين، مع علمي المسبق بأن هذا القرار قد يصفه البعض بأنه بمثابة انتحار سياسي، لكنني اتّخذه من أجل اللبنانيين، واثقاً من أنه يمثل قراراً لا بديل عنه لمحاولة انقاذ آخر فرصة لوقف الانهيار المريع ومنع سقوط لبنان في المجهول".
الرؤساء السابقون يرفضون
وبعد وقت قليل من إعلان الحريري لمبادرته هذه، صدر عن الرؤساء السابقين، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، البيان التالي:
إن المبادرة التي تقدم بها دولة الرئيس سعد الحريري هي مبادرة شخصية.
إن الدستور اللبناني شديد الوضوح في انه ليس هناك من حقيبة وزارية يمكن ان تكون حكراً أو حقاً حصرياً على وزراء ممن ينتمون إلى طائفة أو مذهب معين بعينه، كما أنه لا شيء يحول وحسب الدستور دون ان يتولى أي لبناني، والى أي فئة طائفية او مذهبية ينتمي اليها، أي حقيبة وزارية في لبنان.
إنه، وبعد الضجة المفتعلة التي أثيرت بشأن حقيبة وزارة المالية، فإننا نعتبر أنفسنا غير ملزمين بهذه المبادرة.
تبقى القضية الأساس، بالنسبة لنا كما هي بالنسبة لسائر اللبنانيين، في أهمية الالتزام بالاحترام الكامل، والثبات على مبدأ الحفاظ على الدستور، وصونه من أي مخالفة قد يتخذها البعض خطوة باتجاه إرساء ممارسة أو عرف مخالف لنص الدستور".
"لبنان القوي" مع الرئيس
في هذا الوقت، أعاد تكتل "لبنان القوي"، خلال اجتماعه الأسبوعي، التأكيد على وقوفه إلى جانب رئيس الجمهورية ميشال عون ودعمه، لإزالة العراقيل أمام ولادة الحكومة. وحذّر التكتل من "تصلُّب المواقف الذي من شأنه أن يُفشل المبادرة الفرنسية ويُدخل البلاد في أزمة مفتوحة، في وقت هي بأشدّ الحاجة إلى حكومة إصلاحية، وإلا ستذهب البلاد فعلاً إلى المجهول، ولا نظنّ أنّ جهة ساسية مستعدة لتحمّل مسؤولية هذا التفشيل للفرصة المتاحة حالياً". وأشار التكتل إلى أنّ "تسهيل التكتل هدفه منع الانهيار، وليس الخوف من ضغوط قائمة أو عقوبات مفترضة، هو ما يحاول بعض المأزومين الترويج له في مسألة الحكومة بحثاً عن كبش محرقة".