الحكومة بين "التيار" و"القوات": روايتان متناقضتان دوماً

باسكال بطرس
الثلاثاء   2019/01/29
أوساط "التيار": اللقاء الثالث بين الحريري وباسيل يدل على أجواء تميل إيجابية (الإنترنت)

بين الاستمرار بالدّوران في دوّامة التعقيد، أو اتّخاذ قرار تأليف الحكومة، تتركّز جميع الأنظار على ما ستحمله نهاية الأسبوع الحالي. فهل يكون هذه المرّة، حاسماً في المحاولة الجديدة لإنجاز الاستحقاق الحكومي؟

في حين تتحدّث أوساط "التيار الوطني الحر" عن محاولة جديدة لتزخيم الملف الحكومي، عبر اتصالات ومشاورات يتولاها رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري ورئيس تكتل "لبنان القوي" الوزير جبران باسيل، للدفع بعملية التأليف قدماً، ووضع حدّ للفراغ الحكومي المستمرّ منذ ثمانية أشهر، ترى مصادر "القوات اللبنانية" أنّ كل هذه الحركة المستجدّة تبقى بمثابة "حركة بلا بركة"، في ظلّ غياب أي مؤشرات جدية على إمكان تجاوز العقدة الحكومية. وذلك، مردّه إلى إصرار باسيل على الثلث المعطل من جهة، وانقطاع التواصل مع اللقاء التشاوري من جهة ثانية.

الثلث والحقائب 
لم ينجح لقاء الحريري وباسيل مساء الجمعة الماضي، بالتوصّل إلى اتفاق يرضي الجميع، إذ أنّ باسيل أصرّ على إعادة النظر في بعض الحقائب الوزارية، في انتظار ما سيؤول إليه اللقاء بين الحريري وجعجع في اليوم التالي. وتشير المعلومات إلى أنّ باسيل اقترح على الحريري استعادة الوزير المسيحي من حصّة الحريري، وإعادة الحقيبة السنّية إليه، ما لم ينجح تبادل الحقائب. وهو ما رفضه الحريري، على اعتبار أنّ أي تعديل من هذا النوع، سيؤدي في نهاية المطاف إلى نسف التفاهمات السابقة. 

من جهتها، تكشف مصادر القوات إلى أنّ اللقاء بين الحريري ورئيس القوات سمير جعجع لم يتطرّق إلى مسألة الحقائب، التي تعتبر مجرّد تفصيل في المشهد الحكومي. بل جرى البحث في أفكار قديمة سبق للرئيس المكلف أن حدّد موقفه منها، وليس هناك من أفكار جديدة، من شأنها أن تعيد خلط الأوراق من جديد. بكل الأحول، تتابع المصادر، العقدة ليست عند "القوات"، بل تمت مقاربة الوضع الحكومي من جوانبه كافة، إضافة إلى علاقة تيّار "المستقبل" بـ"القوات"، وتم التأكيد على أهمية التنسيق والتضامن من أجل مواجهة المرحلة المقبلة، خصوصاً وأنّ الوضع لم يعد يحتمل. وكلّ الظروف الراهنة، لا تشجّع على الاستمرار في حال المراوغة، بدءاً بالتصنيف المالي السلبي، الذي يؤشر إلى كارثية الوضع، واتجاهاته المستقبلية، إلى الاستنفار أو الاستفزاز الإسرائيلي لإيران واستطراداً "حزب الله" ومؤتمر وارسو.
وفيما ولّد البحث في الحقائب انطباعا بأن باسيل تراجع عن الثلث، مقابل أن يقايض تراجعه بمزيد من تعزيز نوعية حقائبه، تؤكد المصادر أنّ المباحثات دلّت أنّ هذا الانطباع في غير محلّه، إذ إن باسيل لم يتراجع عن موقفه المتمسّك بالثلث المعطّل.
هذا، في وقت لو أراد حزب الله فعلا حكومة، لكان دفع باسيل صراحة إلى تسهيل التأليف، فالأخير لا يستطيع أن يرفض طلب الحزب، الذي يبدو واضحاً أنه لا يريد حكومة ويتلطّى خلف موقف باسيل.

التشويش؟
صحيح أنّ كلاً من الرئيس سعد الحريري وباسيل يتحدث عن أسبوع حاسم، تضيف المصادر، ولكن ماذا يستطيع أن يفعل باسيل إذا لم تتألف الحكومة؟ أقصى ما يستطيع فعله رسالة من رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب، غير أنّ ذلك لا يقدّم ولا يؤخّر من الناحية الدستورية. أماّ بالنسبة إلى الحريري، فإنّ آلية الحسم تكمن في أن ينتقل من بيت الوسط إلى السراي الحكومي، في إشارة منه أن أسباب التعطيل تتراوح بين باسيلية وخارجية، فيما البلد لا يحتمل المزيد من المراوحة.

في المقابل، تؤكد أوساط التيار أنّ اللقاء الثالث بين الحريري وباسيل يدل إلى أنّ الأجواء تميل إلى الايجابية، بالنسبة إلى الحكومة، وليس إلى السلبية كما يُشاع. وإذ تُدرِج الأجواء السلبية التي بدأت تُضخ "في اطار التشويش ومحاولة الضغط على المسار الايجابي".

التموضع الأفضل
إلى ذلك، تشدّد مصادر القوات على استحالة أن يكون الحريري في وارد الاعتذار، فهو في أفضل تموضع سياسي بين رئيس حكومة تصريف أعمال ورئيس حكومة مكلف، فيما مسؤولية الفراغ يتحملها غيره، بسبب إصراره على الثلث المعطل.

صحيح أن تداعيات الفراغ تنعكس على البلد مجتمعا، ولكن انعكاسها المباشر هو على العهد، ولا مصلحة إطلاقا بالاعتذار في هذه المرحلة، وتسليمهم البلد على طبق من ذهب.

وتختم مصادر القوات: المبادرة بيد الحريري ويجب أن تبقى كذلك، فصموده يشكّل وسيلة ضغط للدفع إلى الأمام، ويجب التخلّص من عقدة "أم الصبي" إلى الأبد.