قباني وحيداً: مجلسه ينقلب عليه

محمد شبارو
الثلاثاء   2014/07/22
مساعي التوافق مستمرة بخجل وقباني يتمسك بشروطه (علي علوش)

ضاق الخناق على مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني. أضحى محاصراً وأمام حلين لا ثالث لهما. هامش المناورة لديه أصبح منعدماً. إما التسليم بالأمر الواقع والتراجع عن محاولات إنتخابه مفتياً ثانياً خلفاً له، وإما استمرار المعركة المفتوحة ضده وبالتالي خروج غير مشرف لكنه يحفظ دار الفتوى.

 

في تطورات الحرب المستعرة والتي يخوضها قباني من منطلق ردة الفعل فقط لا أكثر، سحب الفريق الآخر الأسلحة الهجومية في وجهه واحدة تلو الأخرى. آخرها استقالة 6 أعضاء من المجلس الشرعي الذي يرأسه اضافة الى 9 سابقاً ليصبح بالتالي المجلس في حكم المنحل.

 

من نقابة الصحافة فجر أعضاء مجلس قباني: مصطفى بنبوك، هاني قباني، عمر طرباه، امير رعد، هيثم فوال وسعد الدين عانوتي، قنبلة من العيار الثقيل، معلنين استقالتهم وانضمامهم الى موقف الرواس، وطلال مجذوب وصالح الدسوقي وفؤاد مطرجي وربيع قاطرجي ومحمد سنو وباسم عساف ومصطفى قرة وهمام زيادة، الذين قدموا استقالاتهم في السابق وقبلت.

 

المستقيلون يقولون إن خطوتهم هذه تعني حكماً إفقاد المجلس أية شرعية واعتباره منحلاً، سنداً إلى المادة 45 من المرسوم الإشتراعي رقم 18 التي تقول إن موافقة 15 عشر عضوا على حل المجلس من خلال إعلان استقالاتهم وإبداء موافقتهم على الحل، تعتبر سببا لانحلال المجلس قبل إتمام مدته.

 

مقدمات المستقيلين بدت في شكلها محاولة للهروب إلى الأمام. رفضوا الإجابة على أسئلة الصحافيين. اكتفوا بتلاوة البيان كما صيغ، وكرروا مراراً أنهم كانوا ولا زالوا وسطيين ووفاقيين وسعاة من أجل إخراج دار الفتوى من مأزقها، واضعين خطوتهم في خانة "الحد من الإستنزاف والتشرذم"، وإفساحاً للمجال أمام تسوية تؤدي الى الخروج من النفق المظلم كما أبلغوا "المدن".

 

المستقيلون يعتبرون أن خطوتهم هذه تسمح في تعطيل وإبطال مفاعيل كافة الوسائل الآيلة الى انتخاب مفت بناء لدعوة المدير العام للأوقاف هشام خليفة في 30 آب المقبل، خصوصاً ان اللجنة القضائية التي تنظر بقبول طلبات الترشيح بصورة نهائية مؤلفة بغالبيتها من الأعضاء المستقيلين مما يجعل من هذه اللجنة منحلة بطبيعة الحال تبعا لانحلال المجلس.

 

خطوة الإستقالة هذه تؤكد مصادر مطلعة أنها أتت بإيعاز من رؤساء الحكومة، وتصفها بأنها "ضربة معلم"، ومدخل لـ"إنهاء المكونات الداخلية التي يحاول المفتي اللعب عبرها لتحقيق أهدافه"، وتلفت إلى أن هذه الخطوة أتت "رغما عن ارادته خصوصاً أنه يعتبر المجلس الذي يرأسه السلاح الأقوى لمحاربتنا، ونحن نجحنا في تفكيكه وتعطيله".

 

مفاجأة رؤساء الحكومة والمجلس الشرعي الجديد وإن كانت أربكت قباني قبل شهر من موعد الإنتخابات التي دعا إليها، إلا أنها لن تدفعه إلى التراجع. المصادر تلفت إلى أن قباني قد يلجأ إلى أي حيلة من أجل اتمام الإنتخابات، لكنها تؤكد أنها مستمرة في اتخاذ كل الخطوات والأساليب اللازمة من أجل منع انهيار دار الفتوى، وهي في هذا الإطار تتوقع استقالة مزيد من الأعضاء من مجلس قباني خصوصاً أن تحقيقات النيابة العامة التمييزية في الدعوى المقدمة ضد اعضاء مجلس قباني بثلاث جرائم بينها انتحال الصفة إنتقلت بالإستماع الى اعضاء الشمال وبيروت على أن تستكمل بالإستماع الى الأعضاء من صيدا والبقاع.

 

واذ تتوعد المصادر بمزيد من المفاجآت التي تؤدي الى منع إنتخاب مفت ثان وتأمين إنتقال سلس للموقع والدار ان "بقي مكابراً ومصراً على ضرب الطائفة ووحدة المسلمين"، تؤكد أنها تدرس وتنتظر رأي القضاء ومجلس شورى الدولة في موضوع دعوة قباني لإنتخاب مفت وبناء عليه تتوقع صدور قرارات قبل 30 آب، وفي حال أصر على الإنتخابات فعندها لكل حادث حديث ومسؤولية منع اتمام هذه العملية غير القانونية وغير الشرعية تقع على الدولة والقوى الأمنية.

 

الغيوم السوداء التي تحوم فوق سماء عائشة بكار، يقابلها جهود لا تزال مستمرة من أكثر من طرف داخلي وأقليمي في محاولة لتلافي الصدام. هذه المساعي لم تصل بعد إلى نهاية سعيدة وخروج آمن ومشرف حفاظاً على الدار والموقع، ويبدو أن أفقها لا يزال معلقاً خصوصاً أن قباني لا يزال مصراً وفق المصادر على شروطه المتمثلة في التراجع عن كل الدعاوى التي رفعت بحقه وبحق نجله راغب، واسقاط المجلسين الشرعيين وليس مجلسه فقط، وأن يكون له رأي في المفتي الجديد، ودور ما بعد أيلول. وإن كان رؤساء الحكومة والمجلس الشرعي لا يمانعون في الإلتزام بتأمين خروج مشرف له حفاظاً على الموقع الذي يشغله، واسقاط الدعاوى، إلا أنهم يجزمون بإستحالة القبول بأي شرط من الشروط الأخرى.

وبإنتظار موقف قباني ورد فعله وإن كان سيبقى على مواقفه أو يتجه صوب التسوية، يستعد رئيس الحكومة تمام سلام لتحديد موعد لإنتخاب مفت جديد ودعوة الهيئة الناخية. وترفض المصادر الجزم بموعد 10 آب المقبل كما تردد إلا انها تشير إلى أن هذا الموعد هو تقريبي ويعتمد أساساً على التطورات اليومية خصوصاً أن آفاق الحل لا تزال مفتوحة.

في المقابل، لا يستند المجلس الشرعي على الإنتظار. تقول مصادره إنه يعمل على تحضير النواحي اللوجسيتة والإدارية والقانونية والتنظيمية لإتمام العملية في 10 آب تقريباً، وتكشف أنه بصدد تحضير الدعوات لأعضاء الهيئة الناخبة، وتجزم أنها ستجري قبل الموعد الذي حدده قباني على أن يليه ترسيم ضخم على مستوى وطني عال.