هل تدفع درعا الثمن الاميركي؟

سميرة المسالمة
الثلاثاء   2017/06/20

  لم تتأخر روسيا هذه المرة في ردها على اسقاط قوات التحالف "أميركا" لطائرة النظام السوري قرب الطبقة في محافظة الرقة شمالا، بعد ان مارست موسكو "ضبط النفس" أمام تصرفات الإدارة الأميركية على قيام قواتها بضرب حلفاء روسيا من النظام والميليشيات التابعة لإيران في محيط منطقة التنف وقصفت أرتال النظام التي تحركت في البادية السورية باتجاه الحدود العراقية وكانت قبل ذلك وجهت ضربة موجعة للنظام السوري في مطار الشعيرات.

وجاء الرد الروسي في درعا حيث عادت طائراتها بالتنسيق مع قوات النظام لتلقي حمم الموت على سكان درعا وريفها، منقلبة بذلك على اتفاق مناطق خفض التوتر الذي وقعته كراعية لمباحثات آستانة وكضامنة لتنفيذ الاتفاق، معتبرة أن قوات التحالف خرقت بالمقابل اتفاقية قواعد الاشتباك في الشمال، باسقاط طائرة للنظام بعد اشتباكات يشك أنها مدبرة قام بها النظام ضد قوات قسد الحليفة لأميركا، مما يجعلنا أمام تساؤل حول حجم الفوائد العائدة لروسيا فيما إذا التزمت باتفاق المناطق منخفضة التصعيد التي تسعى لتطويرها لمناطق آمنة بالشراكة مع الإدارة الأميركية، أو أن خرق الاتفاق والهدنة في ظل انشغال الولايات المتحدة الأميركية بتحقيق نصرها الأحادي على "داعش" في الرقة ودير الزور يحقق لروسيا وحلفائها ما هو أكثر قيمة وأوسع انتشاراً؟

فهل كان الاشتباك مع قوات سوريا الديمقراطية في الرقة، أمراً مدبراً من النظام لافساد الهدنة، ووقعت الإدارة الأميركية في الفخ الروسي، الذي يسعى إلى ترتيب جولة جديدة في استانة حاملاً في جعبته كامل "درعا"، وليس فقط المنفذ الحدودي الذي يصل دمشق_ عمان، وبالتالي الاكتفاء بالسيطرة على المناطق الواقعة شرق الطريق، وربطها بالمناطق التي تقع تحت سيطرة النظام في مدينة السويداء، حسب ما كان يسعى وفق خريطة سوريا المفيدة، وحسب ما سرب من بنود هدنة ال48 ساعة، التي أعلنتها روسيا دون العودة إلى فصائل المعارضة، التي أتفق عليها كمرحلة أولى يمكن تجديدها، ولكن روسيا أعلنت نهايتها عبر طيرانها الذي عاد لقصف درعا ليل الثلاثاء20 حزيران.

روسيا التي أعلنت أن مباحثات آستانة ستكون في العاشر من الشهر القادم في اعلان صريح أنها صاحبة القرار في عقد مثل هذه الجولات، رغم أن المبعوث الدولي ستيفان ديمستورا كان قد حدد جولة مباحثات في جنيف في التاريخ نفسه، مما يعني أن تأجيلا في المسار السياسي قد يحدث، امتثالاً لمقررات المسار العسكري، الذي قد يعطله أيضاً، مالم تستعد روسيا دورها المحوري فيه، وهذا سيكون طبعاً حسب قانون القوة والعنف، الذي تمارسه باستعادة السيطرة على كامل درعا قبل "آستانة 6"، وهي التي كانت أعادت للنظام قبل جولات آستانة السابقة "حلب وما تبقى من أحياء حمص وبرزة والقابون" وعادت لتضيف للنظام قسماً كبيراً من ريف حلب الشمالي بعد أن وصلت قوات النظام لمدينة الباب والتحمت بقوات درع الفرات الأمر الذي فرض قواعد اشتباك جديدة سهل لقوات النظام الوصول لأطراف منبج وريف الرقة جنوب نهر الفرات ؟

على الجانب الآخر تحركت إيران باتجاه إعادة صياغة دورها الذي تقلص بفعل المطالب الأميركية والأوروبية، ووجدت فرصة النزاع الروسي الأميركي مناسبة "لتتنحنح"، معبرة عن رفض استبعادها عبر اطلاق عدد من الصواريخ من أراضيها باتجاه "داعش"، وهي تعلم ان أميركا لن تعترضها، رغم وجود قوات التحالف في محيط المنطقة، فليس مقبولا الدفاع عن داعش، حتى ولو كانت إيران تمارس فعلاً هذا العمل لغاية استفزازية ليس أكثر، فداعش على مرمى صواريخها منذ نشوئها فلماذا صبرت عليها لثلاث سنوات وأكثر؟

إلا أن ما يثير الريبة حقاً هو متابعة ميليشيات إيران تحركها في محيط درعا، والصمت عليه، فهل طهران توجه رسائلها  لموسكو أيضاً، بأن تفاهماتها مع واشنطن بشأن ابعادها عن الملف السوري لن يمر، دون احتساب حصتها في "السوريات" التي يتحدثون عنها، سواء عبر تقاسم النفوذ، أو عبر توزيع حصص المراقبين لأي تفاهمات ممكنة في آستانة 6؟

في المحصلة درعا اليوم تدفع ثمن استغراق الإدارة الأميركية في دير الزور لانتزاع نصرها على داعش لإهدائه للشعب الأميركي كإنجاز لترامب، ولكن صمود درعا أيضاً من شأنه أن يغير خريطة التفاهمات او على الأقل أن يعطلها إلى حين.